العدد 2685 - الإثنين 11 يناير 2010م الموافق 25 محرم 1431هـ

البنزين

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

دراسة الحكومة توجيه دعمها للفقراء والمحتاجين بدلا من الأغنياء والمقتدرين يحتاج إلى قراءة من زوايا عدة، فالأمر ما كان له أن يتضح لعامة الناس لولا تسرب مقترح رفع أسعار البنزين والديزل من أدراج السلطة التنفيذية إلى الرأي العام، فلا تزال هناك علامات استفهام وتساؤلات بدأت ولم تنته تترقب إجابات واضحة وصريحة، والحديث عن تطمينات رسمية بعدم وجود توجه لزيادة الأسعار حاليا وأن الموضوع يدرس من قبل اللجنة الوزارية المختصة، يعني بشكل أو بآخر إمكانية الأخذ به وتطبيقه عمليا في وقت لاحق بعد أن تهدأ النفوس.

إن ما يجعل البسطاء قلقين وجلين على مستقبلهم المعيشي، هو غياب الرؤية الاستراتيجية الواضحة التي تبين دوافع رفع أسعار السلع والمواد التي تدعمها الحكومة، وآلية حصرها في فئة من أفراد المجتمع دون غيرهم لكونهم ذوي دخل محدود، فهل سيشمل رفع الأسعار الطحين واللحوم والدواجن؟ وماذا عن الخدمات الأخرى كالصحة والتعليم؟ هل ستوجه إلى الفقراء ويحرم منها الأغنياء؟

البحرين تعيش أزمة إسكانية خانقة وجل خيراتها تصدر إلى الخارج من خلال العمالة الأجنبية الرخيصة التي تساوت كفتها مع السكان الأصليين، وأبنائها يضطرون إما لاستئجار شقق مؤقتة تستحوذ على حصة كبيرة من رواتبهم أو يجدون أنفسهم مرغمين على الاقتراض من المصارف لبناء غرفة أو اثنتين في بيوت آبائهم ريثما يحصلون على وحدة سكنية حكومية، وهم في فلك الديون تائهون لا يعرفون إلى أين المسير؟ وأي زيادة في أسعار الخدمات التي يعتمدون عليها في حياتهم اليومية لا شك أنها ستضيق عليهم الخناق وستفاقم من معاناتهم.

هناك من استصغر مسيرة «إلا لقمة العيش» التي خرجت يوم الجمعة الماضي بمشاركة الكتل النيابية والجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وحاربها قبل أن تبدأ بحجة وجود تطمين حكومي لمجلس النواب بعدم رفع أسعار البنزين، بل شكك في نوايا المشاركين فيها على اختلاف أطيافهم وانتماءاتهم، ليلقي على الحدث صبغة سياسية ويحرف الغرض من خروج المسيرة عن مواضعه، فإلى ماذا يسعى مثل هؤلاء؟ هل أعمت رواتبهم المرتفعة وأرصدتهم البنكية المكتنزة بصيرتهم حتى جعلتهم يستخفون من القضايا التي يعاني منها المواطن؟ وهل سنت أقلامهم لتسليطها على رقاب العباد؟ وما الضرر الذي لحق بهم حينما عبر الشارع عن موقفه بصورة دستورية وحضارية؟

البعض يقلقهم رؤية أبناء هذا البلد يقفون صفا واحدا، يجمعهم مصير واحد وهمّ مشترك مهما اختلفت دياناتهم وعقائدهم ومذاهبهم، سواء أكان ذلك في مسيرة أو تجمع سلمي.

يحرصون على إبراز مهاراتهم في افتعال الأزمات واختلاق الفتن لكي لا يجتمع الشمل وتتشتت الكلمة، لينغمس الناس في منازعات جانبية على الخدمات والمشروعات الإسكانية، ويستخدمون كل مصطلحات التشطير والتمزيق الإثني والطبقي حتى لا يمضي يوم والقلوب مستقرة، وهؤلاء هم أخطر من اشتعال أزمة البنزين وأقسى من قفزة أسعار السكر والمشروبات الغازية على أفراد المجتمع.

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2685 - الإثنين 11 يناير 2010م الموافق 25 محرم 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:39 ص

      بحرانية

      بس الاهم يحاولون يلغون الطبقة المتوسطة نهائيا لان يا تعيش ذليل وتقبل سلطتهم او تكون غني تطبطب على سمعتهم وينك يا امير المؤمنين تشوف حال الفقر عندنا اشلون استفحل..

    • زائر 1 | 10:56 م

      الى منى

      التجنيس بحاجة الى كثبر من الدعم وقد بدا مشروع الدعم بضريية التعطل التي اخذت غصباً ومن الموظفين العادين بينما استثني من ذلك القادرين على الدفع واصحاب المراكز الكبيرة والدفاع والداخلية والان جاء دور البنزين والله اعلم ماذا بعد

اقرأ ايضاً