في ظني يخطئ من يظن ان العمل الخيري لا يعدو إطعام جائع أو كسوة عارٍ أو بناء مسكن لهذا الفقير أو ذاك ثم ينتهي كل شيء...

أعتقد ان العمل الخيري بمفهومه الواسع يشمل ما أشرت اليه وغيره كثير جدا مما يؤثر على استقرار المجتمع وأمنه واستقراره، هذا إذا أدذي بصورة علمية جادة...

وأمامنا تجارب كثيرة على أعمال خيرية جادة تبنتها جهات إسلامية خاصة أحيانا وتحت مظلة الدولة أحيانا أخرى وقد كان لهذه الأعمال أثر كبير على المسلمين، لكنها - مع أهميتها - بحاجة إلى تنمية ودعم حكومي وأهلي كبيرين لكي تحقق معظم مطالب المسلمين لاسيما وهم يتعرضون لهجمات واسعة من قوى التنصير التي تحظى بدعم هائل من حكومات أوروبية ومن اميركا بهدف استغلال حاجة فقراء المسلمين وجهلهم ليتم تحويلهم إلى النصرانية من خلال اعطائهم دعما ماليا وعلميا وصحيا هم في أمس الحاجة إليه... ولكي نقاوم هذه الهجمات لابد من توسيع العمل الخيري سواء في داخل البلاد العربية أم في خارجها...

دولة قطر قامت بأعمال خيرية كثيرة في قطر وفي خارجها، ولعلي أذكر ان من أهمها طباعة المصحف الشريف وبمواصفات عالية قل أن توجد في مصحف آخر، هذا المصحف لو طبع بكلمات كبيرة - وهذا ما أتوقعه ثم وزع على أكبر شريحة من المسلمين، خصوصا أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليه فسيكون له مردود ايجابي كبير عليهم لاسيما وان معظمهم لا يكادون يجدون المصحف، وإذا تمكنت وزارة الشئون الإسلامية المشرفة على طباعته من إرسال دعاة ومدرسين مع هذا المصحف ليشرحوا سماحة الإسلام وتعاليمه لمن لا يفهمها بصورة جيدة، فقد أدت رسالتها بصورة متكاملة...

قطر الخيرية تبنت مشروعا متميزا، إذ حرصت على تعليم عشرة آلاف طفل في مرحلة رياض الاطفال والمدارس الابتدائية، اللغة العربية الفصحى من خلال مشروع أطلقت عليه مشروع تعليم اللغة العربية بالفطرة والممارسة، وقد عملت «قطر الخيرية» على تأهيل عدد كبير من المدرسين ليقوموا بهذه المهمة بصورة جيدة. وكلنا يعرف ان اللغة العربية في بعض دول الخليج أصبحت لغة ثالثة أو رابعة، ففي البحرين - مثلا - نجد ان كل الشركات تتعامل باللغة الانجليزية وهذا خطأ كبير ما كان له ان يحصل في دولة عربية، أما الامارات فوضعها أكثر سوء فالمتحدث بالعربية أصبح عملة نادرة، وهكذا نجد ان اللغة الانجليزية كادت ان تطغى على اللغة الام، وهذا كله يضعف هوية المواطنين وانتماءهم لبلدهم... ولكل ذلك كان مشروع «قطر الخيرية» في غاية الأهمية ومن المشاريع الخيرية المتميزة...

إخواننا في قطر ومن خلال مؤسسة الشيخ ثاني بن عبدالله آل ثاني قاموا بأعمال خيرية داخل قطر وخارجها، وتذكر لهم مشروعاتهم في فلسطين وسواها، وهي مشروعات متميزة.

كما ان الاخوة في البحرين لهم جهود مشكورة في هذا الباب، وقبل فترة قصيرة رعى رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان مؤتمر العمل الخيري الرابع الذي نظمته جمعية التربية الإسلامية تحت شعار: «العمل الخيري للجميع»، وقد شارك في هذا المؤتمر عدد كبير من اعضاء الشورى والنواب والعلماء والعاملون في الجمعيات الخيرية. وقد ناقش هذا المؤتمر عددا كبيرا من قضايا العمل الخيري في البحرين وفي دول الخليج...

في بلادنا أعمال خيرية لا بأس بها، ولكني آمل أن يتوسع مفهوم العمل الخيري سواء عند الافراد أم عند الجمعيات الخيرية، فهناك مشروعات في غاية الاهمية تحتاج إلى دعم رجال الخير، مثل الأعمال الإسلامية ذات الاهداف النبيلة، وكذلك المشروعات التعليمية والصحية والاجتماعية، فهذه القضايا قد تكون أحيانا أهم بكثير من بناء المساجد وما شابه ذلك من أعمال... وعلى القادرين ان يتجهوا إلى هذا النوع من العمل الخيري الذي يساعد على بناء مجتمعات إسلامية سليمة...

العمل الخيري جزء من ديننا وثقافتنا، ولو تحقق - كما يريده الإسلام - لما بقي في مجتمعنا فقير أو محتاج أو مريض أو جاهل... بل لو تحقق لأصبح مجتمعنا الإسلامي نظيفا من المنكرات بكل أنواعها...

العمل الخيري المنظم السليم يحافظ على سلامة المجتمع وأمنه، إذ إن المجتمع القوي - بكل معاني القوة - لن يكون فيه لص أو خائن أو حاقد، وهذا ما ينبغي ان يتكاتف الجميع لتحقيقه...

الغرب والأميركان ينفقون المليارات سنويا على ما يسمونه عملا خيريا، ويحاربون المسلمين ويضيقون عليهم في كل أعمالهم الخيرية وقد يلصقون بهم تهما مثل: الارهاب أو مساعدة جمعيات محظورة وما شابه ذلك، وانما يفعلون ذلك لإضعاف مجتمعاتنا وتمزيقها...

العمل الخيري أمان للفرد وللمجتمع... والشكر لكل من يقوم بمثل هذا العمل، فردا أو جماعة أو دولا...