العدد 2783 - الإثنين 19 أبريل 2010م الموافق 04 جمادى الأولى 1431هـ

أيامٌ في الخرطوم!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

سبعة أيام كاملة أمضيتها في الخرطوم وضواحيها بدعوة من جامعة الخرطوم لإلقاء بعض المحاضرات فيها وفي بعض دور العلم الأخرى...

كانت أيام ممتعة رغم حرارة الأجواء؛ فالحرّ الشديد، ويزيد من حرارته حرارة الانتخابات ومفاجآتها المتلاحقة والتوقعات التي يتحدث عنها الناس...

في ظني أن الشعب السوداني من أكثر الشعوب العربية تعلقا بالسياسة وحديثا عنها، فأنت تسمع الجميع على اختلاف ثقافاتهم ومكانتهم الاجتماعية يتحدثون عن سياسة بلدهم - أولا - والسياسات الأخرى - ثانيا -.

من اللافت للنظر كثرة الأشخاص الذين ترشحوا للرئاسة وتم قبولهم، وفي ظني أن هذا الرقم قلّ نظيره في مكان آخر، ومن اللافت أيضا كثرة الأحزاب وسهولة ترخيصها، وكذلك كثرة الصحف اليومية على ضعفها وقلة إمكاناتها، لكن كل ذلك مؤشر عملي على تعلق السودانيين بالسياسة - رجالا ونساء - ومن مختلف الأعمار.

قلت في نفسي: ليتهم أعطوا إخواننا في مصر بعض هذا الانفتاح والتسامح ليكون فيها مرشحان على أقل تقدير، وكذلك السماح بتأسيس الأحزاب دون المرور على مجموعة فلاتر لا تسمح بمرور شيء من خلالها إلا إذا كان حسب المواصفات المطلوبة!

الأحداث المتلاحقة كانت مثيرة للشعب، بل ولكل متابع للأجواء الانتخابية؛ فهذا الحزب يصف الانتخابات بالتزوير قبل أن تبدأ! وآخرون يعلنون أنهم يريدون مهلة مع أن توقيت الانتخابات معروف قبل سنوات! آخرون يعلنون انسحابهم من الانتخابات؛ وهكذا كانت الأجواء ملبدة بالغيوم، والناس يتحدثون عما سيحصل أثناء وبعد الانتخابات وكلٌ يدلي بدلوه في هذا الميدان الصعب!

انتهت الانتخابات... وستعلن النتائج يوم الثلثاء - كما قيل - وأعتقد أن نتيجتها محسومة لصالح البشير، وذلك أن الأحزاب الكبرى انسحبت، وظني أن هذا الانسحاب كان لقناعتها بأنها لن تنجح فرأت في إطلاق تهمة التزوير والانسحاب من أجل ذلك أفضل لها، كما أنني لاحظت أن غالبية من التقيتهم كانوا مع ترشيح البشير؛ بعضهم - كما قال - لأنه الأفضل، والبعض يرى أنه أفضل من الآخرين مع كثرة تحفظهم عليه، لكن... هذا هو الموجود!

المؤمل من الإخوة في السودان جميعا أن يحافظوا على أمنهم ووحدة بلادهم، وأن لا يعملوا على تمزيق بلادهم لأسباب شخصية فالوطن أهم من الجميع، والأعداء يتربصون بالسودان الدوائر ولن يستطيعوا تحقيق شيء إلا إذا تعاون معهم بعض أبناء السودان وعندها سيخسر الجميع وشواهد العراق وأفغانستان لاتزال ماثلة أمام الجميع...

السودانيون قوم كرماء ذوو أخلاق فاضلة، لاحظت هذا في كل مكان ذهبت إليه، كما أنهم أهل دين وعلم؛ فالقرآن الكريم يلقى منهم عناية قلّ نظيرها، والخلاوي كثيرة جدا، وهي متخصصة في تحفيظ الأطفال القرآن وينفق عليها مجموعة من أهل الخير، ولعلنا نعرف أن دارفور يطلق عليها «أرض المصحف» لكثرة حفظته في تلك المنطقة، وأن سلطانها (علي بن دنيار) هو الذي بنى «ابيار علي» في المدينة المنورة، وكان يكسو الكعبة المشرّفة لسنوات طويلة، وأنه مات شهيدا دفاعا عن الإسلام وأهله.

تحدثت في جامعة الخرطوم وفي مجمع اللغة العربية، وفي جامعة العلوم والتكنولوجيات، كما تحدثت مع مجموعة كبيرة من الداعيات، وفي المجلس التعليمي الإفريقي، فوجدت أن إخواننا وأخواتنا يتمتعون بقدر جيد من العلم والاهتمام، وأن الشباب - وأكثرهم من الفتيات - يناقشون القضايا الإسلامية والسياسية بعمق ملحوظ...

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2783 - الإثنين 19 أبريل 2010م الموافق 04 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً