العدد 2801 - الجمعة 07 مايو 2010م الموافق 22 جمادى الأولى 1431هـ

الفلسطينيون بين سياسة الإحراق وسياسة الهدم

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

في فلسطين المحتلة، فتحت السلطة الفلسطينية ذراعيها للعدو، فعادت إلى خيار المفاوضات غير المباشرة معه، بتفويضٍ عربي يدعم توجهاتها وخياراتها التي أعلنها رئيس السلطة منذ شهور، وعنوانها: «لا قرار يعلو قرار التفاوض مع اليهود المحتلين».

وهكذا، يفتتح الموفد الأميركي الجولة الجديدة من المفاوضات، معلناً عودةً صريحةً وواضحةً للكيان الصهيوني إلى قلب اللعبة السياسية الأميركية والدولية، فيما ينزل الفلسطينيون في السلطة تحت سقف المطالب الصهيونية، حيث لا شروط مسبقة، كما قال نتنياهو، لتستمر سياسة الزحف الاستيطاني، وتستمر معه عملية الشطب التدريجي لمقولة الدولة الفلسطينية ذات السيادة.

وفي موازاة ذلك، يأخذ المستوطنون الصهاينة حريتهم في عملية زحف جديدة نحو المساجد في الضفة الغربية لإحراقها واحداً تلو الآخر، مشفوعين بتشجيع جيش الاحتلال الذي سبقهم إلى هدم مسجد في رفح، ليواصل الفلسطينيون حياتهم بين سياسة الإحراق وسياسة الهدم، وما فيهما وبينهما من رسائل ضغط تحمل عناوين القتل والاعتقال، والحرمان من أبسط الحقوق والخدمات.

إنّ ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من ممارسات عدوانية من الاحتلال الصهيوني والمستوطنين، بما فيه العدوان المباشر المتعمَّد على المواقع الدينية، يمثل قمّة الوحشيّة التي لا يهتزّ لها ما يُسمَّى «العالم الحرّ»، ولا تحرّك ساكناً في أروقة الأمم المتَّحدة وأمينها العام الذي يلوِّح للعالم العربي وللجمهورية الإسلامية في إيران بقرارات الأمم المتحدة، ولا ينبس ببنت شفة حيال القرارات الدولية المتعلقة بكيان العدو، والمتصلة بحقّ العودة واغتصاب الأرض.

إننا أمام هذا الواقع الذي يضغط فيه العدو من جهة، وتنحني فيه رؤوس طلاب التسوية من جهة أخرى، نخشى من أن الأنظمة العربية قد قرَّرت الاستسلام بشكل كامل للعدو، وفوَّضته إنهاء القضية الفلسطينية لصالحه، الأمر الذي يستدعي حركة ميدانية مسئولة على المستوى الشعبي والميداني في طول الواقع العربي والإسلامي وعرضه، إلى جانب حركة المقاومة الجهاديّة التي لا بدّ من أن ترسم حساباتها وحركتها انطلاقاً من المعطيات الجديدة والواقع الجديد.

وإلى جانب ذلك، تتواصل اللعبة الدولية في العنوان النووي، لحرف الأنظار عن الترسانة النووية الهائلة للولايات المتحدة الأميركية والدول النووية الأخرى، وما تشكله هذه الترسانة من خطر على البشريّة كلها، إلى جانب الرؤوس والقنابل النووية الصهيونية التي يعمل العالم المستكبر على توفير مظلّة سياسية وأمنيّة واسعة لها، في الوقت الذي يسلّط الأضواء على الملف النووي الإيراني السلمي، لتبدو إيران وكأنها الخطر الداهم على السلم العالمي، في الوقت الذي يتحدّث الخبراء في العالم عن سلمية هذا الملف، وحتى عن بدائيّته، إضافة إلى انضوائه تحت سقف قوانين وكالة الطاقة الذرية بشكل كامل.

لقد انعقدت الدورة الثامنة لمؤتمر مراجعة معاهدة حظر السلاح النووي في نيويورك، لتكون مناسبة للدول الغربية وكيان العدو، وحتى للأمم المتحدة بشخص أمينها العام، لكي تواصل الضغط الإعلامي والسياسي على إيران، التي أعلن رئيسها أن بلاده ليست بوارد الحصول على القنبلة النووية، وأثار علامات استفهام كبيرة حول إصرار هذه الدول على تغطية سياسة الغموض النووي المعتمدة حيال كيان العدو، وإسدال الستائر حول الخطر النووي الذي يتمثل بترسانته الضخمة، إلى جانب ترسانات الدول النووية الغربية.

إن على العالم أن يعرف أن سياسة التسلح النووي هي سياسة غربية صهيونية، وليست عربية إسلامية، ولكن ينبغي للعرب والمسلمين - في مقابل ذلك - أن يبعثوا برسائل حاسمة إلى العدو والدول التي ترعاه، بأنه ليس بمأمن من أن يدفع الثمن حيال عدوانه واحتلاله وجرائمه، بالوسائل التي يفهمها، ويعرف معها أن لا أسلحة نووية ولا طائرات وصواريخ غربية تجعله في مأمن من قوى الممانعة إذا قرر الذهاب بعيداً في لعبة الإرهاب والحروب والاحتلال.

أمّا لبنان الغارق في همومه الانتخابية البلدية، والذي لا يثيره كلّ هذا الصخب الدولي والإقليمي من حوله، فقد قرر أن يعود إلى قواعده القديمة سالماً، في الاصطفافات البلدية التي تثير الحديث عن أوزان مرتفعة هنا، وأخرى منخفضة هناك، والتي ينجح فيها التوافق هنا ويسقط هناك، في لعبة محاصصة مستمرة تشير إلى القاصي والداني بأنّ البلد هو البلد، وأنّ الذي يتغيّر هو الأسماء والعناوين، ليثبت هذا اللبنان أنه العصيّ دائماً على عناوين الوحدة الحقيقية، والغارق دائماً في أحضان لعبة التقاسم الانتخابية والسياسية والبلدية، والرافض المستمر للنسبية... وكلّ انتخاباتٍ ولبنان بألف خير

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2801 - الجمعة 07 مايو 2010م الموافق 22 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:20 ص

      14 نور :: الفلسطينيون بين سياسة الإحراق وسياسة الهدم وكلها بين سطرين

      سلامُ ُ من الله عليك يا سيدي الجليل الجليل , أما بعد, الفلسطينيون بين سياسة الإحراق وسياسة الهدم وكلها بين سطرين سياسة السلطة الخائنة لكل القيم الإنسانية وسياسة الحرق الصهيونية الأمريكية وكل هذه الوجوه لعملة واحدة من الأمام و الخلف فالصهاينة محتلون ويشاركهم ذلك الأمريكيون و السلطة وطابور دول الإعتدال هم الوجه الآخر للعمالة و الخيانة للقضية الفلسطينية و للأسف كلها إجتمعت ضد المصلحة الإسلامية فعلينا يا سيدي أن نضرب بيد من حديد وأقصد بالضرب أي ضربهم جميعاً بدون إستثناء فالمغتصب والعميل وجهان لعملة.

    • زائر 2 | 6:48 ص

      تقى البتول

      اللهم انصر الاسلام ..عجل ياصاحب العصر والزمان.

    • زائر 1 | 11:20 م

      عبد علي عباس البصري

      الفلسطينيون اليوم بين سياسه الذبح على الطريقه الحسينيه او الذبح على الطربقه اليهوديه والصليبيه .فرحم الله قول الشاعرفي الحسين
      فساموه يركب احدى اثنتين وقد صرت الحرب اسنانها**** فأما يرى مذعنا او تموت نفس ابى العز اذعانها. الفلسطينيون محاصرون كما الحسين يذبحون غدرا كطفل الحسين تهدم بيوتهم كما حرقت خيام الحسين . فلن يغفر التاريخ للعرب خذلانهم حتى يستشهدوا من اجل فلسطين كما استشهد الصحابه في المدينه المنوره من اجل الحسين ايام حكم يزيد.

اقرأ ايضاً