العدد 2801 - الجمعة 07 مايو 2010م الموافق 22 جمادى الأولى 1431هـ

انتخابات بريطانية ودستور غير مكتوب

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

رغم أن حزب العمال البريطاني خسر أغلبيته في الانتخابات العامة التي جرت في 6 مايو/ أيار 2010 إلا أن رئيس الوزراء غوردن براون مازال رئيساً للوزراء إلى حين التوصل إلى اتفاق بشأن التشكيلة الحكومية المقبلة، وربما يتسلم حزب المحافظين (الذي فاز بمقاعد أكثر) بالاتفاق مع حزب الديمقراطيين الأحرار... وقد كررت الأخبار بأن كل ذلك يتم حسب الدستور البريطاني «غير المكتوب».

بريطانيا تعترف بسلطة العرف غير المكتوب (السابق للنصوص المكتوبة)، ويعتبر الفلاسفة البريطانيون الذي هندسوا العملية السياسية خلال القرون الماضية بأن الالتزام بالعرف الجماعي يمثل الأصل في العلاقات داخل المجتمع وبين المجتمع والدولة. وكان عدد من هؤلاء الفلاسفة كانوا قد عاشوا في فترة الثورة الفرنسية (نهاية القرن الثامن عشر) واعتبروا أن الفوضى التي حدثت بعد الثورة في فرنسا ليس لها ما يبررها، وأن القضاء على الظلم والطبقية بصورة حازمة عبر الثورة قد يأتي بنتائج عكسية. وعليه، فقد أخذت التجربة البريطانية بنظرية التدرج نحو التحرر من الظلم مع الالتزام بالأعراف، في مقابل التجربة الفرنسية التي اتخذت الإجراءات الحازمة وتدوين الحقوق والأسس التي يقوم عليها النظام السياسي في دستور مكتوب.

وعند النظر إلى النظم السياسية حالياً فإن الغالبية العظمى تتبع نهج توثيق العلاقات الدستورية بصورة مكتوبة، وحتى داخل بريطانيا هناك دعوات مستمرة لتحديث النظام السياسي على النمط المنتشر في مختلف أنحاء العالم. على أن الحديث عن دستور غير مكتوب لا يعني عدم وجود الدستور العقدي الذي ينظم العلاقات بين الدولة والمجتمع؛ لأن الوثائق المتوافرة في نصوص وتشريعات وأحكام قضائية وسوابق سياسية اتفق عليها بصورة جماعية كلها موثقة، ولكنها ليست موجودة في كتاب واحد وليست ملخصة في بنود مرقمة في كتاب واحد يطلق عليه مسمى الدستور.

مهما يكن الأمر، فإن النظم السياسية تحميها تجاربها المستمرة أكثر من النصوص المكتوبة، فقد يتوافر في النصوص الدستورية والقانونية الكثير من الحقوق والحريات، ولكنها تتبخر جميعها على أرض الواقع. كما أن النصوص القانونية والدستورية قد تتم صياغتها بطريق تؤدي إلى سلب جوهر الحرية والحقوق، وعليه فإن المعيار ليس في وجود دستور مكتوب أو غير مكتوب، وإنما في مدى ممارسة أي شعب حقه بالمشاركة في صنع القرار وقدرته الفعلية على إدارة عملية سياسية بصورة تداولية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 2801 - الجمعة 07 مايو 2010م الموافق 22 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 10:55 ص

      منهجية ... الدســـــــتور

      قال تعالى : ( ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم مُعرضون ) . كل الشكر للوسط ... نهوض

    • فيلسوف | 4:32 ص

      شكرا لك يا دكتور ( احب اقرأ مقالاتك)

      دائما انا احب اقرا الى مقالاتك ودائما يا دكتور مقالاتك تعجبني في كل الاحوال . والله يخليك انشاءالله ودمت سالم يارب انشاءالله

    • زائر 2 | 12:07 ص

      شكرا دكتور

      أتمنى ان تسود ثقافة الاعتراف بالاخر خليجنا الحبيب وان ينعم المواطن بالامن والطمأنينة على ماله وعياله ونفسه ، فعلا ففي كل يوم نكتشف ان لا مجال للاصلاح الا باصلاح النفوس و للاسف فان من يسرق حق الاخرين في الحياة وحرية الرأي هو واقعا يظلم نفسه قبل كل شئ {ولا يحيق المكر السيئ الا بأهله }"صدق الله العلي العظيم "- لننظر ونتعلم ونطبق "وقل رب زدني علما" والحمد لله على كل حال.

    • زائر 1 | 11:48 م

      عبد علي عباس البصري

      اسخف شيئ سمعته وقرأته هو العرف الجماعي الذي يضفي على العبوديه سمه الدستوريه والعكس صحيح ، وانما الصحيح هو الثقافه العدليه المنطقيه الانسانيه هي التي يجب ان تكون اساس الدستور ، ترى ياجماعه سبب تشريد الرسول وقتل الحسين ومن قبله اباه امير المؤمنين علي هو وقوفهم ضد العرف الجماعي العفن . اما العرف الي ينظم حياه الناس على اساس العدل والمساواه والعفه والكرامه والاباء والكرم فقد شجعتها كتب السماء وفلاسفه البشر .

اقرأ ايضاً