العدد 2817 - الأحد 23 مايو 2010م الموافق 09 جمادى الآخرة 1431هـ

تحية إلى «إلهام القاسمي»

هاني الريس comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي بحريني

عندما قررت الرحالة الإماراتية الشابة إلهام القاسمي، شق طريق التحدي برحلة مغامرة واستكشاف لا تخلو من المخاطر في أعالي قمم جبال القطب الشمالي في النرويج، ذات الطبيعة الخلابة وغابات الصنوبر التي تكسوها الثلوج الغزيرة، تحت شعار «المساهمة في جمع الأموال لدعم برنامج تشجيع المساواة في المدارس الإفريقية وصندوق رعاية الطفولة الفلسطينية»، لم يصدق البعض بأن امرأة عربية من دولة خليجية نفطية مترفة، ومجتمع مازال محافظاً في الشأن المتعلق بالمرأة، تستطيع أن تصارع «الموت» كي تبلغ أعلى نقطة في الكرة الأرضية، وتصل فيها درجات الحرارة إلى أكثر من ثلاثين درجة مئوية تحت الصفر، من أجل الشهرة أو تجسيد عمل إنساني في حياتها.

لقد حطمت إلهام القاسمي، كافة الشكوك التي كانت تدور حول عدم قدرتها النفسية والرياضية على تحقيق هذه المهمة الشاقة ذات البعدين الرياضي والإنساني، فقامت بهذا العمل غير المعهود بالنسبة إلى نساء دولة الإمارات العربية المتحدة بوجه الخصوص والنساء العربيات بشكل عام وخاصة اللواتي يحلمن بالوصول إلى مثل هذه القمم الجبلية الشاهقة العملاقة ويدخلن التاريخ، من أجل «هواية رياضية وحب الاستكشاف» و»خدمة إنسانية صرفة تريد المساهمة بها لإنقاذ ملايين الأطفال الفقراء في إفريقيا وفلسطين، الذين يعيشون في ظروف غاية في الصعوبة لا تقدر على الصمود أمام اشتداد الجوع ونقص التغذية والحصار الاقتصادي المحكم الذي تفرضه الدول الغنية المانحة في كل هذه المناطق المحرومة لأسباب سياسية واقتصادية معينة، مثلها مثل نساء عظيمات حول العالم، قدمن الكثير من الخدمات والأعمال والمشاريع الإنسانية والمادية لمؤسسات خيرية دولية مرتبطة بمساعدة الفقراء والمحرومين ومرضى «الايدز» والسرطانات وضحايا الحروب والمنازعات والتعذيب.

وأثبتت إلهام القاسمي، التي بدت منذ الوهلة الأولى واثقة من نفسها في تخطي الصعاب الكبيرة، التي قد تعترض طريق تحقيق حلمها بالوصول إلى أعلى وأخطر قمة جبلية في العالم، إنها امرأة «مثالية» تعرف مقدار نفسها ومستعدة لأن تضحي بحياتها من أجل إنجاز هذه المهمة الرياضية الصعبة، التي سوف تخدم بها الفقراء والمحرومين في إفريقيا وفلسطين، في زمن اختفت فيه بالفعل «نماذج الرجال والنساء» حول العالم، ممن يدعمون قضايا حقوق الإنسان، من دون أن ينتظروا تقديم المكافآت والمكرمات من أحد.

ضمن هذا الواقع الصعب في عصر المغريات المادية والمعنوية الكثيرة، مثلت إلهام القاسمي (بنت إمارة دبي) التي كانت تعمل في مجال الاقتصاد «نموذجاً خليجياً وعربياً أصيلاً» يمكن أن يحتذى في بلدان ومناطق كثيرة حول العالم، فتحية من أعماق القلب إلى «إلهام» هذه المناضلة الإنسانة.

إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"

العدد 2817 - الأحد 23 مايو 2010م الموافق 09 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً