العدد 2819 - الثلثاء 25 مايو 2010م الموافق 11 جمادى الآخرة 1431هـ

خضرنة اليابسة وتنظيف المناخ

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بادئ ذي بدء نقدر الجهود التي تبذلها مملكتنا البحرين، متمثلة في المجالس البلدية من أجل زيادة البقعة الخضراء بزراعة النخيل وبعض الأشجار في حملتها الأخيرة مما يضفي منظراً جمالياً على البيئة. وبالرغم من هذه الجهود إلا أننا نلحظ تركيز الجهود اقتصر على الشوارع العامة بشكل بسيط، ومن الملاحظ أيضاً في هذه الفترة زيادة نسبة التلوث بشكل دراماتيكي في البحرين، ففي كل يوم نلاحظ تقلبات الجو في الليل والنهار، وفي الأخير نرى السماء صفراء يكسوها الغبار والأتربة مختلطة بالغازات الدفيئة المختلفة، وفي الليل تختفي كل النجوم وكأننا نعيش في كوكب مظلم مخيف حيث لا ترى الشمس نهاراً والقمر ليلاً، ففي السنوات القليلة الماضية تحوَّل الجو من سماء صافية تنيرها النجوم ليلاً إلى سماء تغطيها السحب والغيوم والغبار والأتربة والغازات وهذا يعتبر مؤشر خطير لزيادة نسبة التلوث في بلدنا. ولذلك نحذر من هذه الزيادة ولنستدرك المخاطر التي تلوح بالأفق نتيجة هذا التلوث والذي تسبب في أمراض كثيرة لأبناء البلد.

كما هو معروف بأن تلوّث الهواء من أهمّ المخاطر البيئية على الصحة العامة للإنسان والتقديرات تشير إلى أنّه يتسبّب، كل عام، في وقوع مليونين من الوفيات المبكّرة في جميع أنحاء العالم والتعرّض لملوّثات الهواء من الأمور التي لا يمكن للأفراد التحكّم فيها إطلاقاً وهي تتطلّب اتخاذ إجراءات من قبل السلطات العامة.

يعزُّ علينا أن نرى هذا التلوث وزيادته بهذا الحجم المذهل الذي يفوق المعدلات العالمية ولا نرى أيّ تحرك جدي من قبل أصحاب الشأن، في الوقت الذي تسعى إليه معظم الدول المتقدمة بتكريس الجهود للمحافظة على البيئة، ومع أن اليابسة بهذه الدول كلها نظيفة ومكسوة بالحزام الأخضر نرى النشطاء البيئيين والشعب والمؤسسات التي تهتم بشئون البيئة يتصارعون من أجل بيئة أكثر نظافة، وخالية من الأتربة والغبار والغازات، بالمقابل لا نرى أدنى اهتمام من الممثل الشرعي للبيئة في بلدنا ولا من المجتمع ولا حتى من النشطاء البيئيين إلا ما قلّ وندر ونحن نعذرهم ولا نلومهم في ذلك لأنهم قلة، ولا يشكلون أداة ضغط لقلة وعي الشعب بهذه المشكلة الخطيرة وعدم إشراك مؤسسات المجتمع المهتم بشئون البيئة بالإضافة إلى عدم اكتراث وقلة اهتمام الحكومة بالبيئة.

انطلاقاً من هذه المقدمة نستعرض جزءاً من مزايا وفوائد مقاومة التصحر (زيادة التشجير والحزام الأخضر أو ما نطلق عليه «خضرنة اليابسة»)، فبالإضافة إلى ما يضفيه من جمال للطبيعة والبيئة فإنه له فوائد كثيرة منها خفض نسبة الاحتباس الحراري (الغازات الدفيئة للأرض) ويقلل من ضرر الوقود الأحفوري – الذي يشمل النفط والفحم والغاز وعدد من المواد الهيدروكربونية - على البيئة كما أن بعض الدراسات تشير إلى أن أوراق الأشجار تمتص وتقوم بترسيب آلاف الأطنان من الأتربة المحملة بالهواء بالإضافة إلى فائدتها في زيادة غاز الأكسجين بالجو، ولكي تتحقق الفائدة وتتم الاستفادة من تنظيف المناخ وخضرنة اليابسة فإنه ينبغي على الدولة أن تضاعف من جهودها في زيادة نسبة التشجير، وزيادة المحميات النباتية وعمل مشاريع تشجيع التشجير كمشروع زرع مليون شجرة وتدشين الحدائق الكبيرة وعمل أحزمة تحيط المناطق المختلفة في الأراضي المفتوحة المملوكة للدولة، حيث أن هذه الجهود المذكورة لها مزايا امتصاص الغبار المعلق بين المناطق بالجو المسبب الرئيسي لبعض أمراض أبنائها كأمراض الربو والحساسية وضيق التنفس، نقول ذلك بسبب أن هذه الأراضي غير مستغلة وهي كثيرة وتتراكم فيها النفايات والأتربة والحجارة، وأنها سوف تضفي على البيئة جمالاً والحد من تلوث الهواء الذي نتنفسه في مناطقنا ويقوم بتلويث المنازل وبالرغم من مزاياها الكثيرة إلا أن تكلفتها بسيطة ولا تحتاج لجهود جبارة، إذا ما استغلت بتشجيرها بشكل صحيح ومنسق كما يحدث في البلدان المتقدمة.

إضافة إلى ما ذكر أعلاه، وبما أننا غير قادرين على التدخل في الملوثات الطبيعية، نهب لنحد من الملوثات التي نتسبب فيها، ومنها خفض نسب الكبريت من مصانع التكرير عبر معالجته كيميائياً وتحويله إلى مواد أقل ضرراً، وتنقية الغازات المنبعثة من المصانع البتر وكيماوية ومصانع الأسمنت قبل قذفها بالجو، ومعالجة المياه، وتبريدها من المصانع والمحطات الكهربائية والمجاري وغيرها قبل قذفها في البحر أيضاً، كما نقوم بالتقليل من نسبة السيارات التي تقذف بملوثاتها المختلفة - كالرصاص وأكاسيده والكبريت وأكاسيده والكربونات وأكاسيدها المختلفة، وبعض المعادن الثقيلة التي تنتج من احتراق البنزين في الشوارع ولها دور كبير في تسمم البيئة وتلويثها - ، بإدخال شبكة مواصلات متطورة تسير وفق برنامج زمني دقيق وبأسعار معقولة، وهذه الشبكة مربحة ومريحة للجميع ويستخدمها الفقير والغني، والعامل وأستاذ الجامعة، وساعي البريد والمحافظ، وهذا ما سمعته أثناء وجودي الصيف الماضي في المملكة المتحدة من إحدى الجاليات الأجنبية في بريطانيا، وممَّا روي، بأن عمدة لندن يستخدم شبكة المواصلات، وحدثت حادثة بأن حصل في الحافلة خلل أثناء وجوده ومشى على رجليه كعامة الناس لمحطة أخرى لينتقل إلى جهة عمله.

وفي النهاية ومن أجل مناخ أفضل نودّ من الجهات الرسمية أن تقوم بدعم هذه الحملة المتعلقة بالتشجير بين المناطق وغيرها، ومراقبة المصانع ومعالجتها للإنتاج بشكل أفضل على البيئة، ليتسنى لنا الانطلاق نحو مشاريع وأفكار نستوحي منها القضاء على مسببات التلوث المختلفة في بلدنا.

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 2819 - الثلثاء 25 مايو 2010م الموافق 11 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:08 م

      وعدم وجود تعليق على كلامك هو الدليل

      نعم اخي هناك ثلاثةرئيسة في هذه الظاهرة الخطيرة :
      اولا : عدم الاهتمام الكافي من الدولةب خصوص البيئة ثانيا : ظاهرة ندرة الوعي الجماهيري في البحرين باهمية المحافظة على البيئة ، ولذلك نلاحظ قلة الفعلايات البيئية على مستوى الا عتصامات او المحاضرات والندوات وخاصة حين يكون هناك تعدي واضح على الاماكن الزراعية كما هو حاصل اليو م التعدي على هورة عالي
      ثالثا البلديات : حين تعطي رخص امام المنازل لعمل كراجات بدل تشجيعها على عمل شريط زراعي امام المنزل

اقرأ ايضاً