العدد 2829 - الجمعة 04 يونيو 2010م الموافق 21 جمادى الآخرة 1431هـ

الرهان الأكبر في تغيير المستقبل هو على الشعوب بالدرجة الأولى

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

مرة جديدة يطلّ العدوّ الصهيوني بوجهه الدموي والإجرامي، في مواجهة نشطاء مدنيين عزّل لا يحملون إلا قبضاتهم، ولا يعتصمون إلا بحبل الإرادة والعزيمة وعناية الخالق، لرفع الحصار عن أكبر سجن في العالم اسمه غزة.

لقد برز العدوّ بجريمته الوحشية الجديدة كقاتل جديد لا يختص بحرق الأطفال وإبادتهم، في مجازر جماعية بقذائفه الفوسفورية، كما فعل في حربه على غزة قبل حوالى عام ونصف، ولكنه أراد أن يثبت للعالم مجدداً أنه القاتل المحترف الذي لا يقصف المستشفيات ودور العبادة ومراكز الإغاثة الدولية فحسب، بل يصب جام غضبه وانفعاله وإجرامه على القوافل الإنسانية في عرض المياه الدولية، ليرتكب أفظع الجرائم ضد الإنسانية... وهو يعلم سلفاً أن الولايات المتّحدة الأميركية جاهزة للتكفّل بضبط منسوب ردود الفعل، ومنع مجلس الأمن من إصدار حتّى بيان إدانة لما حصل، لتكتفي كثير من الإدارات الغربيّة بكلمات الأسف والاستخدام المفرط للقوّة وما إلى ذلك...

إننا في الوقت الذي لم نفاجأ فيه بحجم التواطؤ الغربي مع هذا الكيان، نشعر بمزيد من الخيبة أمام رد الفعل الفاتر من الدول العربية وجامعتها التي باتت تمثل جامعة التناقضات العربية، وتعبّر عن حالة الضعف التي وصل إليها النظام العربي الرسمي الذي لا يبدو أنّه معنيّ كثيراً بما يمارسه هذا الكيان بحقّ شعوبنا وبلادنا، ولاسيّما الشعب الفلسطيني الصابر والمجاهد... وهذا ما يفرض على الشعوب العربيّة والإسلاميّة أن تتحرّك بكلّ ما تستطيع، وفي كلّ الميادين والمجالات المتاحة، في سبيل تأكيد الحقّ في قضايانا للعالم، وأن تستمرّ في عمليّة بناء القوّة والمقاومة للاحتلال ولكل مشاريع الهيمنة الاستكباريّة؛ لأنّ الرهان الأكبر في تغيير المستقبل هو على الشعوب بالدرجة الأولى.

ونعود لنؤكّد على ضرورة استمرار العمل لفكّ الحصار عن الفلسطينيّين في كلّ مواقعهم، وأن يكون فكّ الحصار عن غزّة هو الهدف القريب الذي نعمل على تحقيقه، وليس نهاية المطاف.

إن ما جرى استطاع أن يؤكّد لنا وللعالم أنّ بالإمكان كسر هيبة العدوّ، وإرباك واقعه، وضرب خططه، والمساهمة في عزله واقعيّاً بشكل وبآخر، وتظهير صورته الإجراميّة والإرهابيّة والعنصريّة وغير الإنسانيّة للعالم أجمع.

وفي هذا السياق، نثمّن الموقف التركيّ الذي يعيد التوازن إلى المنطقة العربيّة والإسلاميّة عندما يتحرّك في الخطّ السياسيّ الصحيح الذي من شأنه أن يعيدها إلى قلب قضايا الأمّة، وأن يغطّي كثيراً من حالات الضعف العربي تجاه قضيّة فلسطين.

أما لبنان الذي كان في قلب التحدّي السياسي تجاه هذه المسألة، فنأمل فيه أن يعي اللبنانيّون جميعاً أنّ الحدث الذي يُرسَم على مستوى المنطقة، وعلى مشارف فلسطين المحتلة، هو أكبر بكثير من السجالات التي تتبدّل فيها المعطيات والوقائع، والتي لا ينبغي أن تستغرق من اللبنانيّين جهودهم إلا بمقدار ما يتنافس فيه اللبنانيّون على خدمة هذا الشعب الذي بإمكانه أن يعطي الكثير من الإشعاع للمنطقة وللعالم...

كما أنّ ما جرى ينبغي أن يؤكّد أن عالم المتوحشين هذا الذي يقف الاحتلال الصهيوني على رأس الهرم فيه، هو عالمٌ لا يفهم إلا لغة القوة ولغة المقاومة، وبالتالي فلن يحمي البلد إلا قوة الحق في مواجهة الإذعان لبطش الظلم والإجرام الذي يحاول الاستكبار الأميركي وغيره أن يكون منطقاً وأسلوباً تبقى ترزح تحته شعوبنا مع كلّ قضاياها.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 2829 - الجمعة 04 يونيو 2010م الموافق 21 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:39 م

      تقى البتول

      اللهم انصر الاسلام واخذل المشركين والمنافقين واليهود الصهاينة ومن يساعدهم اللهم انصر السيد حسن نصر الله وانصرك ياسيد فضل الله ورد كيد المشركين في نحورهم امين رب العالمين عجل عجل ياصاحب العصر والزمان

    • زائر 1 | 1:22 م

      تقى البتول

      اللهم انصر المسلمين واخذل الكفار والمنافقين اللهم اخذل اليهود ومن يساعدهم اللهم رد كيدهم في نحورهم اللهم انصر السيد حسن نصر الله وارفع الاذى عنه وعنك ياسيد فضل الله امين رب العالمين عجل عجل ياصاحب العصر والزمان

اقرأ ايضاً