العدد 2841 - الأربعاء 16 يونيو 2010م الموافق 03 رجب 1431هـ

إشكالية المياه الإقليمية

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

لاشك أن الحديث عن صدور أوامر أميرية بالإفراج عن جميع البحارة البحرينيين المحتجزين في دولة قطر الشقيقة وقواربهم، لها أكبر الأثر في النفس، وتنم عن متانة العلاقات الأخوية التي تأسس عليها مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وتؤكد أن رابط الإسلام والعروبة يتخطى النطاقات الجغرافية والأزمات الطارئة.

ولكن يبقى علينا معالجة جذور المسألة التي لا تزال بحاجة إلى حلول واقعية، آنية غير مستقبلية، وإلا فإن تجاوز المياه الإقليمية والدخول في أجواء من التوتر عند احتجاز أي مواطن بحريني لتعديه على حدود الغير طلباً للرزق ستستمر، ومعاناة البحارة ستتفاقم أكثر من ذي قبل، وخصوصاً مع تواصل أعمال الدفان للمشروعات الاستثمارية في مختلف مناطق البحرين.

نحتاج إلى ترسيم للحدود البحرية مع دول مجلس التعاون المجاورة، ووضع علامات واضحة المعالم، ولافتات تحذيرية على امتداد الشريط الحدودي، وتحديد نقاط لخفر السواحل، لمنع تجاوز البحارة البحرينيين المياه الإقليمية، فخيرات البحر ما عادت تمتاز بالوفرة كالسابق بعد تجريف القيعان، وترويع الأسماك، وتهجير ما تبقى من الأحياء والكائنات البحرية.

الصيادون ملوا وعود النواب بإيجاد حد لمعاناتهم المتفاقمة جراء الدفان، ويئسوا من تصريحات الجهات الرسمية المعنية بتأسيس صندوق لدعمهم ومساندتهم في توفير العيش الملائم لأسرهم، في حين إن ما يحصلون عليه من دخل لا يلبي احتياجاتهم ولا يوفر أبسط المستلزمات الضرورية لحياة كريمة، ورسوم سوق العمل (10 دنانير عن كل عامل أجنبي) تكاد تقضي على ما تبقى من هذه المهنة التي ما عرفت البحرين إلا بها، وهي بلد اللآلئ والشواطئ والهيرات.

لا يعقل أن يغامر المواطن بحياته من أجل الرزق، إن وجد في وطنه ضالته وأمنيته ومبتغاه، بل العقل يفرض عليه الاقتراب من أهله لا الابتعاد عنهم والخوض وسط أمواج البحر المتلاطمة، فإن كانت مياه البحرين قد ضاقت بما رحبت وجفت الكثير من منابعها، فلماذا لا تحدد مواقع الصيد تحت إشراف ورقابة رجال خفر السواحل، بدلاً من ترك القوارب تائهة في متاهة الحاجة وضعف الحيلة؟

لقد أثبتت الدبلوماسية أنها الخيار الأفضل لمعالجة القضايا المعقدة، وربما لن يرى البحارة المحتجزين الحرية لولا الاتصالات التي تمت على أعلى المستويات بين المسئولين في البحرين وقطر لطي هذا الملف المتشعب، وبالدبلوماسية أيضاً يمكن تأسيس قواعد لحلول دائمة لجميع الإشكالات ذات العلاقة بهذا الموضوع، كأن يتم التوقيع على مذكرة تفاهم بين البلدين تسمح لمواطنيهما بالإبحار وممارسة الصيد في مياههما الإقليمية دون قيد أو شرط، أو فتح الحدود البحرية للبحارة البحرينيين والقطريين في أوقات محددة تبدأ من فجر كل يوم حتى حلول الظلام.

منظومة دول مجلس التعاون أكبر من أن يحدها بحر أو يعزلها البر، فدرع الجزيرة يمثل واحداً من أمثلة الاتحاد الدفاعي المشترك ضد العدوان الخارجي، والعملة الخليجية الموحدة تعبر عن طموح متقدم على صعيد الوحدة النقدية والتأثير في أسواق الأوراق المالية أسوة باليورو الأوروبي، والتنقل بين الدول الست بات ميسراً لمواطنيها بعد إلغاء الاعتماد على جواز السفر كوسيلة أساسية للتنقل لمواطني مجلس التعاون، والاقتصار على بطاقة الهوية كأداة أخرى للعبور، إذاً فما الذي يمنع صهر الحدود المادية وجعل الاسترزاق مشاعاَ للجميع تحت ظلال هذه المنظومة المترابطة؟

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2841 - الأربعاء 16 يونيو 2010م الموافق 03 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:16 ص

      الى متى

      ولكن لا تنسى ان البحرين بتغير تركيبتها السكانية وهويتها العربية لم تعد تنتمي الى منظومة مجلس التعاون ولعل دول المجلس مدركة لذلك

اقرأ ايضاً