العدد 2846 - الإثنين 21 يونيو 2010م الموافق 08 رجب 1431هـ

بلادنا ومحاولات التقسيم

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

قبل وأثناء احتلال العراق تحدثت الصحافة عن المحاولات التي تبذلها اميركا لتفتيت بعض الدول العربية مثل: السودان والسعودية وسورية والعراق ودول غيرها بهدف إضعاف هذه الدول وسهولة السيطرة عليها فيما بعد...

فكرة التقسيم ليست جديدة، فالمحمل - في كل عصر - يجعل همه تقسيم البلدان الذي ينوي غزوه لإضعافه، فإن تم له ذلك قبل الاحتلال وإلا قام به بعد ذلك، والتاريخ مليء بالشواهد...

الحديث عن تقسيم بعض الدول العربية ليس جديداً، لكن الجديد أن بوادر هذا التقسيم بدأت تلوح في الأفق.

السودان هي المرشحة الأولى للتقسيم وأيدي الأميركان شديدة الوضوح في هذا المسعى...

تضخيم ما يجري في دارفور وفي الجنوب، وإشعال الفتن بين المتخاصمين كان الطريق الأول نحو التقسيم...

لم ينتظر الأميركان شهر يناير/ كانون الثاني المقبل حيث موعد الاستفتاء على انفصال الجنوب، فقد تسارعت خطواتهم نحو العمل الجاد على تحقيق هذا الانفصال، أعلن الأميركان أنهم سيعترفون بالدولة الجديدة فور انفضالها، ونائب الرئيس «جو بايدن» يجتمع مع «سلفاكير» في نيروبي باعتباره رئيساً للجنوب وليس نائباً للرئيس السوداني، والأمين العام للحركة الشعبية لجنوب السودان «باقان أموم» يذهب للأميركان لبحث موضوع الانفصال.

والسؤال: لماذا كل هذا الاهتمام من الأميركان بانفصال الجنوب؟! لماذا لم يوجهوا جهودهم لتكريس الوحدة التي هي خير من الانفصال؟!

شعب الجنوب لا يعني للأميركان شيئاً، وليت الجنوبيين يدركون ذلك قبل فوات الأوان...

الأميركان يريدون استغلال الدولة الجديدة وإمكاناتها لصالحهم ولصالح اليهود...

من وجهة نظر الاميركان أن الإسلام في الجنوب لا يمثل غالبية السكان على عكس الشمال، وبالتالي فإن الجنوبيين في حال انفصالهم لن يعارضوا أنشطة الجمعيات التنصيرية في الجنوب وفي دول إفريقيا المتاخمة لهم. كما أن هذه الدولة ستكون من دول منبع النيل وسيكون لها حصة في مائة، والمرجح أنها ستكون ضمن الدول الضاغطة على مصر في موضوع المياه، وقطعاً سيكون لـ»إسرائيل» دور في هذا الموضوع بحكم موقعها من أميركا التي ستساعد الجنوبيين كثيراً، ولأن المساعدات مشروطة فإن تحقيق شروط «إسرائيل» ستكون ضمن الشروط التي سيلتزم بها الجنوبيون.

وللأسف في الحكومة المصرية لم تأخذ هذا الجانب بالقدر الكبير من الاهتمام قديماً والملاحظ أن تحركها الحالي - فيما يظهر لي - لايزال ضعيفاً، فأميركا - مثلا - شديدة الوضوح في مساعيها لانفصال الجنوب، وقد فعلت لبعض دول أوروبا مثلها، بينما الحكومة المصرية مازالت ترى أن حماس وغزة هما عدوها الأول!

من دون شك أن حكومة البشير كان لها أثر واضح في كل ما يحدث، فلا يمكن أن نلقي باللوم على الأميركان أو اليهود، فهؤلاء يمارسون ما يعتقدون أنه في صالحهم بينما السودانيون والعرب لا يعرفون ماذا يصنعون!

ما يحدث في اليمن بدايات قوية لقصة انفصال جديدة، والأيدي الأميركية - أيضا واضحة سواءً أكان ذلك بحسن نية أم بسوئها!

بدأت الحكاية بملاحقة القاعدة، واستهدافهم بالطائرات الأميركية في كل مكان في اليمن، ولأن هذه الطائرات كثيراً ما تقتل أبرياء ولأن تركيبة الشعب اليمني ترفضه بكل قوة الاستكانة، ولأن حكومة اليمن وافقت أحياناً على ملاحقة فإن مجموعات كبيرة من اليمنيين الأميركان للقاعدة سواء أكانوا من القاعدة أم من غيرها رفضوا هذا الوضع، وقاموا الحكومة، وهددوا بالمزيد.

الجنوبيون الذين نالهم هذا الاستهداف اضافة إلى المعارضة اليمينة في الجنوب التي تطالب بالانفصال وتحظى بتأبين القيادات الجنوبية المقيمة خارج اليمن بدأت تضغط بشدة نحو المطالبة بالاستقلال والعودة بالوضع كما كان عليه قبل الوحدة اليمنية.

أحداث صعدة في الشمال، والصراع بين السلفية الجهادية وبين الحوثيين، كل ذلك ساعد في اضعاف الحكومة المركزية واعطى خصومها قوة كبيرة.

مرة أخرى... اللوم في الدرجة الأولى يقع على حكومة اليمن التي فشلت في تحقيق اصلاحات حقيقية للشعب والتي تعطي الجنوبيين حقوقهم، ولو أنها فعلت ما كان يجب ان تفعله لما وصل الحال إلى درجة المطالبة بالانفصال.

اما دور الاميركان في تقسيم العراق فلا أظنه بحاجة إلى مزيد من الايضاح، كما ان الفساد بكل أنواعه يضرب مفاصل ما يسمى بالدولة وهذا بحد ذاته من أكبر دواعي المطالبة بالانفصال.

تقسيم بلادنا يحقق مصالح أعدائنا، ولكن ما هي مصلحة قادتنا من الصمت على هذا التقسيم أو المساعدة على تحقيقه أحيانا؟

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 2846 - الإثنين 21 يونيو 2010م الموافق 08 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:36 ص

      نسيت أن تتكلم عن دور ايران في تقسيم العراق

      اهها ايران مرفوع عنها القلم كالعادة!

اقرأ ايضاً