العدد 2859 - الأحد 04 يوليو 2010م الموافق 21 رجب 1431هـ

ناهز الـ 75 قرناً

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

لم تكن الأعوام التي تنفس فيها المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله نسيم الحياة هي خمسة وسبعون عاماً كما جاء في بيان نعيه أمس (الأحد)، وإنما كانت أعوام عمره المضيئة خمسة وسبعين قرناً من الزمان!

الموت لا يغيِّب إلا الذين عاشوا لأنفسهم، أما الذين يعيشون لغيرهم فإنهم يُخلَّدون خلودَ الدهر، بما حفرت بصماتهم من مآثر لا يستقيم معها الموت والفناء، فهؤلاء في السماء أحياءٌ عند ربهم يُرزَقون، وفي الأرض عند عباده بالخير والإحسان يُذكَرون! وهؤلاء وإن توقفت قلوبهم عن العمل بين أقفاص صدورهم، إلا أنها تنبض في فضاءِ جليل ما كانوا يصنعون!

السيد محمد حسين فضل الله لم يكن هو ذلك الرجل الذي انفجرت بين خاصرتيه شرايينه، فتوقفت رئتاه عن التنفس على أحد أسرّة مستشفى بهمن في بيروت! أبداً... وإنما فضل الله هو أكثر من ثلاثين مركزاً ثقافياً ودينياً، لاتزال تنبض بالحياة، وفضل الله هو خمس عشرة مدرسة أكاديمية لمختلف المراحل الدراسية، من مستوى الروضة إلى الثانوية، تضم أكثر من 21 ألف طالب وطالبة، وفضل الله ستة معاهد مهنية في التمريض، والميكانيكا، والحدادة، وصناعة الألمنيوم، والتبريد، والإلكترونيات، والمحاسبة، وفضل الله ثماني مؤسسات رعائية ترعى أكثر من أربعة آلاف يتيم، وفضل الله ثلاثة مراكز لذوي الاحتياجات الخاصة تخدم أكثر من 450 مكفوفاً وأصم، وفضل الله أربعة مستشفيات من بينها مستشفى بهمن الذي فارق الحياة على أحد أسرّته البيضاء!

فهل يموت من تنبض باسمه كل هذه المؤسسات المفعمة بالحياة؟! وهل يُسبل يديه مستسلماً للفناء من زرع له عشرات الأيادي البيضاء التي يمسح على رأس اليتيم بأولاها، ويعلِّم بالثانية، ويمهِّن بالثالثة، ويعالج بالرابعة، ووو... بعدد ما زرع من سنابل خير وإحسان!

كنتَ مثلاً رائعاً، ومنهلاً نابعاً، حريٌ بالكبار قبل الصغار أن يشربوا من عذبه أيها الحقيقة التي ولدت من رحم الحوار، فتجسدت طوداً شامخاً من العلم والعمل اللذَين لا يسع لهما ضيق القبور واللحود، لذلك أنت في ذمة الخلود!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 2859 - الأحد 04 يوليو 2010م الموافق 21 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 2:49 م

      تعزية وسؤال!

      رحمك الله أيها السيد العملاق، وأسكنك الله فسيح جناته مع محمد وآل محمد (ع)، مقال جداً رائع يا أخ عقيل أين أنت لقد افتقدنا قلمك منذ فترة ليست بالقصيرة؟ اذا لم أرى لك مقال ينتابني الحزن فلا تقطعنا ودمت موفق...

    • زائر 8 | 2:02 م

      قراءة الفاتحة

      الرجاء من الجميع قراءة سورة الفاتحة لروح السيد محمد حسين فضل الله

    • زائر 7 | 1:34 م

      حبيبي فضل الله

      حقا السيد فضل الله مخلدا بالأعمال الزاهرة والقيمة
      وداعا سيدي
      رحمك الله ربي

    • زائر 5 | 5:31 ص

      فضل الله ارقام وحقائق

      وداعا فضل الله .. وداعا لصوتك فقط !! اما انت فباقي

    • زائر 4 | 2:37 ص

      أروع مقال قرأته اليوم في حق السيد فضل الله

      شكراً أستاذ عقيل على هذا المقال التحفة، صدقت أستاذي العزيز فالسيد لم يمت وإنما هو موجود في قلوبنا حاضر في عقولنا، مؤلفاته حية تنبض بالحياة ومشاريعه قائمة متواصلة في العطاء، فالسيد لم ولن ينقطع عنا وسنبقى ننتفع بعلمه وننهل من غزير كتاباته ومحاضراته وندواته وإستفتاءاته، سيبقى السيد ويُخلد في مدارسه ومعاهده ومراكزه ومؤسساته، سيبقى محبوه ومخالفيه يتذكرونه وسيستشعرون وطأة فقده ولو بعد حين، مضى السيد الأسطورة التي تكررت بعد رحيل السيد الشهيد الصدر ونسأل الله تجديدها على يد ولي من أولياءه الصالحين

    • زائر 3 | 2:35 ص

      Abu Zinab

      I thank you for what you sead in this article.

    • زائر 2 | 1:09 ص

      مرجع و ما ادراك ما مرجع

      الله برحم السيد الجليل فضل الله برحمته و يسكنه في فسيج جناته مع محمد و ال بيته الاطهار
      خلي وزارة التربية و التعليم و وزارة الشؤون الاجتماعية تتعلم من هذا المرجع و نشاطاته العمليه و الاجتماعية فصدقا كان امة في رجل

    • سترة نور العين | 12:59 ص

      المرجع الكبير آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله

      رحمه الله عليك يا سيدنا الغالي

      والله افجعت قلوب محبيك لكن هذا الدرب الكل ماشي فيه
      فأنت يا سيدنا مشيت على الطريق الصحيح من صغرك في هذه الدنيا
      وعملت زاد مملوء بالأعمال الصالحة فهنيئا لك بها
      كل المحبين لك لن ينسوك طول عمرهم
      سنفتقدك وخصوصا شهر رمضان المبارك
      إنّا لله وإنّا اليه راجعون

    • زائر 1 | 10:27 م

      أبو جالبوت

      عقيل ، ، عدتَ من بيروت محملا بأكاليل المصاب ، حملت معك دما متلونا ، أحمر عند النصر ، وأبيض عند الخطاب ، و أخضر عند العناق ،،،
      فضل الله .... مدرسة في ضمائر الأحرار
      رحمه لله تعالى برحمته

اقرأ ايضاً