العدد 2930 - الإثنين 13 سبتمبر 2010م الموافق 04 شوال 1431هـ

مهمة الدولة في استقطاب «تيارات الشارع» إلى العملية السياسية

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

تبدو مهمة إقناع الفئات المقاطعة بالانضمام للعملية السياسية صعبة ولكنها غير مستحيلة البتة، إنها مهمة تحتاج إلى قدر كبير من الجرأة والشجاعة والمرونة والواقعية من طرفي المعادلة في الوضع الحالي في البحرين: الدولة والشارع.

ثمة حقيقة واقعة، وهي أن الكثير من الأسماء البارزة في بعض تيارات الشارع التي تتصدر الأخبار في خضم الموجة الأمنية والسياسية هي الأسماء ذاتها التي كان لها دور مؤثر في إقناع الشارع بالتصويت بنعم كبيرة وتاريخية على ميثاق العمل الوطني في العام 2001 ودعم خيار التحول الديمقراطي الذي قاده جلالة الملك بكل اقتدار.

الغالبية العظمى من الجماهير صوتت على مشروع الميثاق الذي أخرج البحرين من عنق الزجاجة، إيماناً منها بإمكانية الإصلاح والتغيير من وحي الحراك السياسي.

وهذا التوافق التاريخي وغير المسبوق على الميثاق خلق أجواء ايجابية مشجعة، وأعاد الأمل في علاقة مستقرة بين السلطة وقوى المعارضة بعد ربع قرن من الاضطراب الأمني الذي أضاع على البحرين فرصاً كبيرة للتنمية والاستقرار.

الإصلاح، مهمة معقدة للغاية، وهي رهينة لتوافقات سياسية واجتماعية، وهي كذلك أمر مرتبط ارتباطاً عضوياً بالظروف الإقليمية والدولية، فالمنطقة تقف على فوهة متغيرات متلاحقة، والقوى المؤثرة في المشهد الدولي تراجعت إلى حد كبير عن حمل «أجندة نشر الديمقراطيات». لذا لا ينبغي أن تقع بعض التيارات في خطأ المبالغة في إعطاء أهمية مفرطة للخطاب الدولي، وهو خطأ ناشئ عن عدم إدراك الفرق بين المبادئ والمصالح التي تحكم القوى المؤثرة.

المؤمل من الدولة أن تفتح أبوابها للحوار دائماً مع جميع القوى المؤثرة حتى المقاطعة منها لتشجيعها على الانضمام للعملية السياسية من خلال توافق مقبول، وخصوصاً أن جميع التيارات الفاعلة سقفها السياسي هو ميثاق العمل الوطني الذي طرحه جلالة الملك وارتضيناه جميعاً.

وينبغي العمل على تغيير قناعات المقاطعين من خلال الحوار معهم. وهذا أمر حدث في بلدان كثيرة عربية وغربية، وربما من الصواب الإشارة إلى تجربة التيار الصدري في العراق الذي يمثل مثالاً واضحاً على وجاهة الحل السياسي في التعامل مع التيارات الفاعلة في الشارع.

فالتيار الصدري كان مناهضاً للحكومة ولكنه اليوم شريك مفصلي في العملية السياسية، وله 40 مقعداً في مجلس النواب العراقي، ويلعب دوراً محورياً في ترجيح كفة الجهة التي ستناط بها مهمة تشكيل الحكومة المقبلة، وهناك أمثلة عديدة أخرى ناجحة في بلدان قريبة وبعيدة تبرهن على صحة المعالجات السياسية في احتواء التنوع.

النقطة الأخرى المهمة، لا بد للجهات الرسمية أن تشجع البديل السياسي الواقعي، فالمعارضة التي قررت المشاركة في البرلمان تقع أمام حرج كبير، لأنها لا تملك الكثير لتقدمه لشارعها رغم أنها غيرت قناعتها من المقاطعة إلى المشاركة. ولكنها أيضاً بالرغم من ذلك لم تسلم من وابل الاتهام.

في المقابل، مطلوب من التيارات التي لها سقف مرتفع، أن تراعي الظروف الواقعية وتغير من بعض مفرداتها السياسية التي لا تتناسب مع طبيعة المرحلة، لأن عملية البناء السياسي تحتاج إلى الثقة المتبادلة أولاً وقبل كل شيء، وأن تبتعد عن أية تصرفات سلوكية غير محسوبة قد تكون نتائجها وخيمة على الجميع.

في كل التجارب، تعيش الديمقراطيات الناشئة تحديات صعبة وتقف أمام خيارات ليست مثالية. وهناك تقاطع لمراكز القوى وتعارض مصالح، لكن التطور الديمقراطي لا يأتي إلا من خلال التمسك بحماية التجربة السياسية.

إنصافاً للتاريخ ينبغي البوح بالحقيقة، جلالة الملك بمشروعه التحديثي غيّر وجه البحرين إلى مساحات أرحب سياسياً وحقوقياً واجتماعياً. ورغم كل شيء فإن البحرين اليوم فيها الكثير من النقاط المضيئة التي لا ينبغي نكرانها ولا التراجع عنها، وفي المقابل فإن غالبية رموز الشارع التي تقع تحت دائرة الاتهام اليوم كانت داعمة قوية للمشروع السياسي الجديد الذي بدأ قبل عقد من الزمن.

إذاً هناك نقاط تلاقٍٍ مهمة. الأمور ليست بيضاء ولا سوداء. ثمة مساحة ملونة ينبغي العمل عليها من أجل البحرين الأجمل دائماً وأبداً

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2930 - الإثنين 13 سبتمبر 2010م الموافق 04 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 4:33 م

      نحن ودول الخليج ؟؟؟؟

      دول الخليج آمنة مستقرة ونحن في البحرين تعصف بنا العواصف بين حين واخر فما السبب ؟ هل هو سوء ادارة ؟ أو قلة وعي الشعب ؟ أم ماذا فالنفكر ونسأل علنا نجد علاجا لوضعنا ونضع ارجلنا على الطريق الصحيح السليم ...

    • زائر 6 | 7:47 ص

      الوسط والوسطية وصدق ابوك حينما سماك حيدرة

      الغالبية العظمى من الجماهير صوتت على مشروع الميثاق الذي أخرج البحرين من عنق الزجاجة، إيماناً منها بإمكانية الإصلاح والتغيير من وحي الحراك السياسي.
      وهذا التوافق التاريخي وغير المسبوق على الميثاق خلق أجواء ايجابية مشجعة، وأعاد الأمل في علاقة مستقرة بين السلطة وقوى المعارضة بعد ربع قرن من الاضطراب الأمني الذي أضاع على البحرين فرصاً كبيرة للتنمية والاستقرار. إذاً هناك نقاط تلاقٍٍ مهمة. الأمور ليست بيضاء ولا سوداء. ثمة مساحة ملونة ينبغي العمل عليها من أجل البحرين الأجمل دائماً وأبداً .

    • زائر 4 | 4:41 ص

      14نور::مهمة الدولة في استقطاب «تيارات الشارع» إلى العملية السياسية, هذا إذا كانت الحكومة تريد ذلك

      فمن الجلي لنا جميعاً طريقة التفاهم القائمة وما سبقها وما تبعها وما سيتبعها فلو كانت الحكومة تريد ذلك يا أستاذ حيدر لهرولة كما يهرول الحجاج بين الصفى و المروة فهي من شعائر الله والتفاهم بين الدولة وأقطاب السياسة في البلد هي من شعائر الحكم أيضاً وإذا كانت متقلقلة كان الحكم والوضع العام أيضاً متقلقلاً أما بفرضية التفاهم فعلى الحكومة أن تتفاهم بجدية أكبر فالسياسيين في هذا البلد ليسوا مجموعة أطفال تلعب معهم الحكومة لعبة الفأر و القط فعلى الحكومة أن تحترم الرأي الآخر لا أن تبخس حقه والهداية على الله.

    • زائر 3 | 1:46 ص

      أبن المصلي

      في حقيقة الأمر أن التيار المقاطع لايستهان به فهو يملك القاعدة المجتمعية العريضة وخصوصا بعد محاصرة الوفاق وحشرها في الزاوية الضيقة الحرجه وخروجها من برلمان 2006 يد خالية ويد مافيها شىء وهذا بحد ذاته مكن قوى المعارضة التي كانت وما زالت تنادي بالمقاطعة أن تصل الى قلب المواطن المنهوك أقتصاديا وسياسيا أما أذا ارادت الدولة أن يحالف النجاح التجربة الديمقراطية فعليها فتح باب الحوار ألدائم مع بقية القوى الفاعلة والمؤثرة لتشجيعها في الأنخراط في العملية بدون توجس

    • زائر 2 | 11:03 م

      مواطن

      نعم اخي . الدولة قادرة على احتواء المعارضة وجعلها عنصر فعال في العملية السياسية . فليس من الصعب تعديل الدوائر الانتخابية . وليس من الصعب حلحلة ملفات عالقة مثل التجنيس والتمييز وليس من العيب الثقة في فئة كبيرة من الشعب . ننتظر موقف شجاع من الدولة بالتغيير للافضل

اقرأ ايضاً