العدد 2932 - الأربعاء 15 سبتمبر 2010م الموافق 06 شوال 1431هـ

عفواً... لا نريد شبح المواجهة؛ لأن الفاتورة مدمرة!

حيدر محمد haidar.mohammed [at] alwasatnews.com

«خيار المواجهة له تبعات كثيرة صعبة، سيكون خياراً مدمراً. لا أريد مشهد زوار الفجر أن يتكرر. من أجل مستقبل أفضل، كفى معاناة، حان الوقت لأن نعيش الاستقرار».

هذا بالحرف الواحد ما قالته شابة في مقتبل العشرين من عمرها. تأثرت كثيراً من محادثتي معها، هي شابة مثقفة وطموحة ولكنها فقدت الكثير من الفرص، لأنها ابنة ناشط كان معتقلاً لسنوات عدة في أحداث التسعينيات. ثمة أبعاد نفسية لتلك المرحلة القاسية تفرض رأيها اليوم على نمط العلاقة بين البنت ووالدها؛ لأنها بصرت النور، ووالدها كان خلف القضبان.

أمها كانت تكافح للقيام بمهمتين صعبتين في آن... إدارة الأسرة بشكل كامل وتعويض أبنائها عن غياب والدهم، والبعد الثاني هو الكفاح من أجل تأمين لقمة العيش، كل ذلك كان عليها أن تقوم بدور مزدوج، دورها كأم وكأب وكمسئولة وحيدة عن حماية أسرتها.

خرج والد الفتاة من المعتقل مع مشارف الألفية، ولكن ابنته كانت قد اقتربت من سن المراهقة. ثمة حواجز نفسية بين الوالد وابنته لا يستطيعان التغلب عليها حتى اليوم. هذه الفتاة ليست الوحيدة التي تعاني من هذا الحاجز النفسي، هناك مئات الشباب والفتيات يعانون أيضاً.

كانت مرحلة قاسية بكل ما في القسوة من معنى... مشردون ومغربون، آلاف السجناء، حالات طلاق كثيرة، بيوت زوجية سعيدة انهارت بسبب قسوة الوضع الاجتماعي. عوائل كريمة متعففة كانت تبيت بالجوع لأنها فقدت معيلها. هناك كثيرون فقدوا مستقبلهم الوظيفي، وهناك من فقد مستقبله الأكاديمي، وهناك كثيرون من فاتهم القطار بسبب الوضع القاسي.

هناك آثار نفسية عديدة لا يمكن تجاوزها اليوم بسهولة. الذي أود أن أقوله، بعد هذه السرديات، أن تلك المرحلة تختلف عن اليوم اختلافاً كبيراً بل جذرياً. اليوم هناك حراك سياسي وهناك حراك اجتماعي، وهناك مؤسسات فيها تمثيل شعبي بصرف النظر عن صلاحياتها ومحدودية الأدوات التي تمتلكها. هناك قدر من حرية التعبير، وظروف إقليمية ودولية مختلفة.

لا أتمنى أن نحشر الناس في زاوية ضيقة. وهي المواجهة. وهي بخلاف رغبة الأغلبية. المفترض أن نعمل بجد على معالجة آثار المراحل السابقة، بدلاً من خلق جيل جديد يحمل نفس البصمات القاسية للأجيال الماضية... لكل مرحلة خطابها وخصوصياتها وآلياتها ومفرداتها وأدواتها وظروفها الذاتية التي لا يجوز أن نسقطها على واقع آخر. أجزم أن الاستقرار السياسي والأمني غاية مهمة للاستقرار الاجتماعي.

الدولة تقع عليها مسئولية تاريخية في التأسيس لاستقرار دائم من خلال توفير الفرص الأفضل للشاب، التعليم الجيد، الصحة الجيدة، السكن الملائم، الكثير من الشباب لا يتمتعون بالعيش في بيئة هادئة ومستقرة.

من أبرز التحديات التي تواجه البحرين اليوم كدولة ومجتمع هو إشكالية استيعاب التنوع، وهي مسألة ذات علاقة مباشرة بالهوية. معالجة تحديات الواقع ستحدد النسق الذي ستسير عليه بلادنا في المستقبل.

كل الأزمة الحالية والأزمات السابقة، هي من أعراض مرض الثقة بين طرفي المجتمع، الدولة والشارع. هناك تراكمات كثيرة في الماضي تطل برأسها كلما اقتربنا من بناء مرحلة جديدة... التمييز والتجنيس السياسي والدوائر الانتخابية والتعيينات وغيرها من الملفات المؤرقة ما هي إلا الوجه الآخر من عملة القلق من الهوية. الحل الوحيد الواقعي والعقلاني اليوم هو بناء الثقة بين الدولة والمجتمع وحشد كل الطاقات والتغلب على كل العقبات من أجل إنجاز «مشروع الثقة»، وفلسفة هذا المشروع هو شراكة حقيقية في الوطن وفرص متساوية أمام الجميع.

من أجل تلك الشابة ومن أجل كل شبابنا: نطلب من الدولة والمجتمع أن يفتحا نوافذ الأمل أمام مستقبل شبابنا... لنعطي الجيل القادم فرصة لأن يعيش بظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية أفضل من تلك التي عاشها الجيل السابق.

أثقال التاريخ وتعقيدات الواقع الصعبة يجب ألا تقودنا نحو خيار المواجهة. لنعمل بجهد مضاعف من أجل ثقة تنتج مستقبلاً أفضل لأبنائنا وبناتنا... عفواً، لا نريد خيار المواجهة؛ لأن فاتورته مدمرة!

إقرأ أيضا لـ "حيدر محمد"

العدد 2932 - الأربعاء 15 سبتمبر 2010م الموافق 06 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 8:46 ص

      بارك الله فيك ياحيدر محمد

      أثقال التاريخ وتعقيدات الواقع الصعبة يجب ألا تقودنا نحو خيار المواجهة. لنعمل بجهد مضاعف من أجل ثقة تنتج مستقبلاً أفضل لأبنائنا وبناتنا... عفواً، لا نريد خيار المواجهة؛ لأن فاتورته مدمرة!

    • زائر 16 | 7:41 ص

      حقوق مشروعة .... وليس استجداء

      نطالب بحقوق مشروعة كمواطنين لنا حقوق مسلوبة لايمكن ان نستجدي من الحكومة ما هو مشروع وحق لنا كمواطين مكتسبة وليس صدقة او هبة من احد يمن بها علينا انما هي حقوق لكل مواطن بلا تمييز وخدمات من واجب الحكومة ان تقوم بها على اكمل وجه وهذه وظيفتها فاذا كانت ولازالت لا تستطيع القيام بها واثبت مرارا وتكرارا انها لم ولن تقدر بتحمل هذه المسئولية لانها تفكر وتعمل بعقلية استعلائية عنصرية متخلفة لاتستوعب العملية الاصلاحية الديمقراطية

    • زائر 13 | 4:57 ص

      زوار الفجر

      الله على لكل من يرعب عائله ورد كيدهم في نحورهم

    • زائر 12 | 4:55 ص

      الى زائر 2

      عن اي االابواب المفتوحة اللي تحكي عنها ابواب التجنيس لو ابواب التمييز لو ابواب الفساد لو ابواب النهب والسرقات شوية انصاف احنا شعب مو مغفل تضحكون علية بشوي كلام معسول ياتعطون الناس كل حقوقها او قولوا لهم بكل صراحة انتم مو مواطنين ويجب مغادرة البلد قولوها بصراحة وبلا لف او دوران

    • زائر 11 | 4:21 ص

      ياليت قومي يعلمون!!

      ندعي إنتسابنا لأئمة أهل بيت العصمة ونحن لانطبق منهجهم ولا نهتدي بهديهم ، بالله عليكم نحن لدينا 14 معصوم وجميعهم عاصروا أقسى وأعتى حكام الأرض من بني أمية وبني العباس ، فمن غير الحسين عليه السلام قام بمواجهة مباشرة مع الحاكم (وأي حاكم؟يزيد)؟! هل كان الأئمة ع متقاعسين -حاشاهم- عن أداء دورهم في الأمة؟ أم أن الظروف غالباً لم تكن في صالحهم للقيام بمواجهة مباشرة مع الحكام ، ثم ألم يوصينا أئمتنا بالرجوع لفقهائنا في الوقائع؟ فهل مايحدث عندنا يباركه الفقهاء العظام؟

    • زائر 9 | 3:57 ص

      كل --الفقة.....

      كل الفقة--والفقيه -الذي-لا ييأس الناس من رحمة -الخالق --سبحانه --وتعالى كلمة --لإمام -الموحدين--ع----في -وصف--ا-لاشخاص--لا- يقنط--من رحمة- -ا-ل-له

    • زائر 8 | 2:07 ص

      لسنا في وارد المواجهة بالمرّة

      هذا الشعب قال كلمته لصالح النظام في موقفين مفصليين وعلى النظام التعامل معه باحترام نحن من قال نعم للنظام في السبعينات وفي الألفين ولكن على النظام أن يقول لنا نعم أيضا. نعم لحقوقنا نعم لمطالبنا التي هي في غاية المشروعية. لا يوجد أحد لديه المطالبة بإزالة النظام إنما هي مطالبة بحقوق دنيا للعيش الكريم
      ولو تحققت هذه المطالب لكسب النظام ودّ ومحبة هذا الشعب.مالفرق بيننا وبين شعب الكويت ومالذي يجعل الوئام يسود هناك بين الشيعة والعائلة الحاكمة لدرجة التحالف ألم يجرب الملك ذلك معنا.أين عقلاء القوم

    • زائر 7 | 1:34 ص

      زوار الفجر ..؟؟؟

      الي زوار الفجر تذكرو اخلاقيات الأنسانيه,, البيوت لها حقوق وحرمات وهناك من ينتهكها بحجه حفظ النظام ,, هل دخلنا بحق في نهج الدوله البوليسيه ,, بالعربي الفصيح عيني عينك ,,

    • زائر 4 | 12:51 ص

      إستمرار الظلم يفني الامم

      قال تعالى { وتلك القرون أهلكناهم لما ظلموا } صدق الله العلي العظيم .
      فالظلم بأي أنواعه يفني الامم والحضارات واقرأ التاريخ .

    • زائر 3 | 12:32 ص

      أنظر من عانى ودفع فاتورة الأمس ومن يأكل الحصاد اليوم؟ أليس هم الشامتون بالأمس؟ فهل يتكرر المشهد..

      كانت مرحلة قاسية بكل ما في القسوة من معنى... مشردون ومغربون، آلاف السجناء، حالات طلاق كثيرة، بيوت زوجية سعيدة انهارت بسبب قسوة الوضع الاجتماعي. عوائل كريمة متعففة كانت تبيت بالجوع لأنها فقدت معيلها. هناك كثيرون فقدوا مستقبلهم الوظيفي، وهناك من فقد مستقبله الأكاديمي، وهناك كثيرون من فاتهم القطار بسبب الوضع القاسي.

    • زائر 2 | 11:45 م

      باب ايه الي انت جاي تتكلم علية

      ابواب الامل فتحت لعشرة اعوام لكن اصحاب الاطارات والزجاجات الحارقة مصرين على اغلاق هذه الابواب ،،، لكن لان لدينا رجل حكيم مثل صاحب الجلالة الله يدوم عزه للبحرين و آل خليفة اجمعين في خطابة طمن الجميع ان الابواب ستظل مفتوحة لمن يريد الدخول لهذه الابواب ومن يريد غلق هذه الابواب ستقطع اوصالة،،، ومافي داعي ان احنا نحور الموضيع بطريقة التي تشتهيها يا سيدي الفاضل انت وامن تتبعهم.

    • زائر 1 | 11:05 م

      شبابهم في نعيم وشبابنا في جحيم لماذا ؟؟

      شبابنا عماد المستقبل في جحيم البطالة ، عدم توفير السكن ، قلة فرص التعليم ، التمييز الفاضح ، الاقصاء من الوظائف ،ومن مواقع العمل والانتاج ، ظلمة المستقبل ، فقدان الامل ، دخلاء يريدون ويروجون ويزرعون بذور الفتنة ، أما هم جيراننا فهم في نعيم لا قلاقل ولا اضطرابات وما يسمعونه عنا كأنه في أقصي الاراضين ترى لماذا هم في نعيم ونحن في جحيم وربما أشد ؟؟؟؟ سروا الينا سر سعادتكم حتى نعرف سر تعاستنا ، ولكم من أخوانكم الشكر .

اقرأ ايضاً