العدد 2981 - الأربعاء 03 نوفمبر 2010م الموافق 26 ذي القعدة 1431هـ

هل تهبط «القوة الصاعدة»؟

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

«القوة الصاعدة» هو كتاب قمت بكتابته منذ نحو عامين ونشرته «دار الوسط» ضمن إصداراتها الخاصة. ويحاول الكتاب الاقتراب من تيارات الإسلام السياسي في البحرين التي وصلت إلى مجلس النواب البحريني في العام 2006، والتي شكلت الحراك السياسي داخل المجلس طوال السنوات الأربع من عمره. وقد أطلقنا على هذه التيارات اصطلاحاً «القوة الصاعدة» كناية عن كونها قوى إسلامية بدأت في الصعود «سياسياً»، وأعني بهذه التيارات السلف (وتمثلهم كتلة الأصالة)، الإخوان (وتمثلهم كتلة المنبر الإسلامي)، والشيعة أو تيار حزب الدعوة (وتمثل إمتدادهم حالياً كتلة الوفاق).

في ذلك الكتاب الذي كان تجميعاً لملفات صحافية قمت بإعدادها ونشرتها «الوسط» في حلقات متتابعة في العطلة الصيفية الأولى التي يشهدها المجلس الماضي حاولت الغوص في غمار كل تيار من هذه التيارات التي غاصت الساحة السياسية البحرينية بها آنذاك، كنت أتحرك باحترام لجميع هذه التيارات، وأسئلة صادقة وملحة وموضوعية تقودني «من هي هذه التيارات؟ ما هي جذورهم؟ ما الذي يحركهم، ماذا يريدون؟».

تبدو هذه الأسئلة اليوم بدائية جداً، فبحرينيون كثيرون اليوم يعرفون قليلاً أو كثيراً عن هؤلاء، وخصوصاً بعد أن شاهدوهم وهم يتفاعلون داخل المجلس ويحتكون مع بعضهم البعض. ولكنني اليوم ولرغبة في العودة إلى تلك البدايات «البدائية»، ارتأيت ملامسة الجذور، وخصوصاً في تحليل ما جرى مع كتلتي الأصالة والمنبر الإسلامي في الانتخابات الماضية وما وصفه البعض بانكسار أو انحسار لنجمهما وسط جماهيرهما. فهل بدأت القوة الصاعدة في الهبوط؟

في كتاب «القوة الصاعدة» عاد محدثي السلفي إلى الجذور وهو يصف كتلة الأصالة داخل المجلس، قال بأن السلف يرون بأن البرلمان منكر، لكنهم دخلوه لإزالة منكر أكبر وهو أن يمسك زمام الأمور من هو بعيد عن الدين. وبناء عليه تترجمت كثير من مواقف كتلة الأصالة، فاستنفارها الديني داخل المجلس لم يأت فقط لأنها تيار إسلامي، بل لأن دخولها قائم على هذا الاستنفار، لا معنى لدخولها دونه. لذلك تُرجمت كثير من مواقف «الأصاليين» بناء على هذا المبدأ، وحتى تلك المواقف الشجاعة والخطابات الجريئة لبعض أفراد هذه الكتلة في البرلمان، فهم جماعة لا يرتضون «المنكر» - ابتداء - وما دخولهم إلا لمحاربته. هذا المبدأ المهم جداً في الفكر السلفي والذي ترجم إلى تلك المواقف والمبادرات وأيضاً الكثير من المشروعات بقوانين التي وضعتها الكتلة أولوية تصب جميعها في هذا الإطار. لكنها على ما يبدو أحدثت شرخاً في العلاقة بين الكتلة - أو على الأقل بعض من أفرادها - وبين الجهات الرسمية التي لم يعد «الأصاليون» حلفاء استراتيجيين لها فيها. وربما خسرت «الأصالة» كثيراً من الأصوات الانتخابية في شارعها بسبب ذلك. أو بسبب إلحاحها في استخدام الخطاب الديني المتشدد الذي لا يتلاءم تماماً مع مزاج شارعها. وربما كان خطاب المستقلين الذي تبنّى أجندة خدماتية تعالج مشاكل حيوية يعاني منها الشارع أكثر إغراءً نسبياً للتصويت لهم من خطاب «مكافحة المنكر».

الأمر نفسه لا يختلف كثيراً بالنسبة إلى المنبر الإسلامي أو الإخوان الذين تقول الجذور بأن الانتماء الحزبي هو الذي يجمعهم حتى لو اختلفوا فكرياً في الداخل. وتنافس «المنبر» و «الأصالة» في هذه الانتخابات لم يأت مفاجأة وليدة أو سابقة خطيرة، فالجذور تقول أيضاً بأن عداوة مستترة منعتهم على الدوام من التوحد ووقفت في طريق تشكيلهم لكيان يوحد العمل السياسي السنّي.

شخصياً لا أعتقد بأنه زمن سقوط أو هبوط هذه القوى الإسلامية السياسية، إنه فقط زمن إعادة تشكلها وتشكيلها، وتغيير لاعبيها وتكتيكات اللعب. وهذه تقنية تميز بها أعضاء تيار المنبر الإسلامي بالذات الذين وصفهم محدثي الإخواني بـ «الزئبق» كناية عن مرونتهم العالية في التشكل بأي قالب حتى في درجات الحرارة العالية. العبرة إذاً بالنهاية وليست بالبداية، والمجلس الجديد في أول الطريق وتشكيلة التكتلات فيه لم تتضح معالمها بعد. والمستقلون قد يميلون - خلافاً لما وعدوا به جماهيرهم - إلى كتلة من هاتين الكتلتين بالذات. ولا يبدو أن زمن الهبوط قد حان بعد.

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 2981 - الأربعاء 03 نوفمبر 2010م الموافق 26 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:36 ص

      وحدوه سبحانه

      سبحان مغير الاحوال. قبل 4 سنوات قوة صاعدة والآن قوة هابطة. سبحانه سبحانهن وحدوه لا دائم الا وجهه وملكه وعزهن فلا معز لمن أذل.

اقرأ ايضاً