العدد 2986 - الإثنين 08 نوفمبر 2010م الموافق 02 ذي الحجة 1431هـ

جدران عرتها زخات المطر

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

تمر هذه الأيام المتوشحة بأمطار الخير والرحمة، عسيرة جداً على الأسر البحرينية الفقيرة التي تعيش في بيوت آيلة للسقوط، والتي تجد نفسها مضطرة إما إلى الاستغناء عن إعداد الطعام وتوزيع الأواني على مواقع التسرب في أرجاء المنزل أو المغادرة لمواجهة تداعيات البقاء في العراء على قارعة الطريق.

ما لا ندركه أن المطر يمثل حالة خاصة، فللبستاني هو مصدر معين على الرزق وتزويد المحاصيل الزراعية بالمياه لاستكمال عملية البناء الضوئي، وما يتبع ذلك من ازدهار الثمر ونماء الخضرة. وبالنسبة للنشطاء البيئيين هو وسيلة للتخلص من الغازات السامة التي تنفثها مداخن المصانع، ومخفض لحرارة الأرض والغازات الدفيئة فيها.

وبالنسبة للدول التي تقيم السدود الشاهقة، هو أحد المصادر التي تحافظ على الأمن المائي، وخصوصاً تلك التي تعتمد على الثروة الزراعية في اقتصادها القومي.

ولكن ما قد يفوتنا أن زخات بسيطة قادرة على أن تبث الرعب في نفوس بحرينيين فقدوا أقرباء لهم بعد تعرضهم لصعقة شديدة من أسلاك كهرباء مكشوفة عانقتها المياه، ولنا في حادثة الطفلة التي توفيت بعد دخولها دورة المياه في منطقة سترة عبرة وموعظة.

ومع الطفرة الكبيرة في إيجارات الشقق السكنية في البحرين والتي بلغت في بعض المناطق 300 و350 ديناراً، يصبح من المحال لأسرة مكونة من 7 أو 10 أفراد لا يتجاوز راتب عائلها 250 ديناراً الهروب من كل الظروف القاهرة التي تعصف بالأسقف والجدران المتهالكة.

السكن هو الأمن والاستقرار والسكينة والطمأنينة، ويأتي في مقدمة الحاجات الإنسانية التي تقفز على كل دوافعه وتحركاته للحصول على عمل أو التفكير في زيادة دخله.

ولأن الإنسان هو عصب التنمية والتطور والتقدم في مختلف المجالات، فإن على الدولة أن تلتفت إلى الاهتمام بكل ما يسلب تفكيره ويستنفد كل طاقته، فلا إبداع أو ابتكار ينشد من فكر مشوش مخطوف بضيق العوز وقلة الحيلة في مواجهة الظروف الطبيعية القاهرة.

هدم البيوت القديمة المتهالكة وإعادة بنائها من جديد لا يمثل حلاً لكل المشكلة التي يعاني منها البسطاء، فأسعار العقارات والمساكن لاتزال تتخطى القدرة الشرائية للمواطن، وأبسط مبلغ يطلب لأصغر قطعة أرض لا يقل عن 45 أو 50 ألف دينار، فإذا كان أي بحريني يحصل على راتب 500 دينار شهرياً، يقضي 6 سنوات لتسديد قرض لا يتجاوز 23 ألف دينار يستحوذ على نصف راتبه لبناء شقة صغيرة في منزل والده، فكيف له أن يشتري أرضاً يفني 25 عاماً من حياته لسداد ثمنها و25 عاماً أخرى لسداد قرض بنائها؟ وما إن ينتهي من كل ذلك يجد نفسه وقد تجاوز الـ 60 عاماً وأحيل إلى التقاعد، وأمام واقع يفرض عليه إعادة ترميم بعض الجدران التي شاخت مع مرور الزمن.

دعم القدرة الشرائية للمواطن من خلال الحد من المضاربات في أسعار العقارات من قبل مواطني بعض الدول الخليجية المجاورة التي تتفوق علينا في مستوى مداخيلها بكثير، قادر على أن يمتص حالة الضغط الشديد الذي تتعرض له الحكومة وأجهزتها الخدمية، فإذا كان المرء قادراً على أن يوفر لنفسه مسكناً ملائماً، فما حاجته للبقاء 20 عاماً يترقب وحدة سكنية من الدولة، قد تكون أصغر من المبنى الذي تربى وترعرع فيه بكثير؟ وما حاجة الجهة الرسمية للمزيد من ضخ الموازنات لإصلاح وضع البيوت القديمة؟

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 2986 - الإثنين 08 نوفمبر 2010م الموافق 02 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:21 ص

      أحسنت قولا

      أحسنت قولا يا أحمد الصفار..
      ان شاء الله الحكومة تنتبه لهذا الموضوع وتتخذ أسرع الإجراءات لحل المشكلة التي لطالما أنهكت الشعب البحريني وقت هطول الأمطار!!

    • زائر 1 | 12:58 م

      اسمعي يا جارة

      اتمنى من الحكومة والمجلس الوطني ان يشعروا بهموم المواطن فهذا المقال ضرب بحروفه على وتر حساس الا وهو الاسكان.
      إلى متى ننتظر الاسكان يا وزارة الاسكان ويا حكومة البحرين ويا المجلس الوطني.

اقرأ ايضاً