لاشك أن موضوع رفع الدعم الحكومي عن المحروقات موضوع له شجون داخل المجتمع البحريني حيث من المتوقع أن يكون التأثير الأولي سلبياً من قبل الرأي العام في مواجهة التسريبات الصافية عن نية الحكومة المضي قدماً في رفع سعر بعض أنواع المحروقات مثل البنزين الممتاز.

أولاً ماذا يعني بالدعم الحكومي لقطاع المحروقات؟ يقصد بهذا النوع من الدعم في الدول المنتجة للنفط بأنها سياسة للمحافظة على أسعار الطاقة بالنسبة للمستهلكين دون المستويات الحقيقية في الأسواق العالمية. لابد من الإشارة إلى أن تقديم الدعم ليس مقصوراً على الدول النفطية بل إن حكومات الدول الصناعية تقوم بتقديم دعم حكومي إلى الشركات الخاصة والعاملة في مجال تطوير تكنولوجيا الطاقات المتجددة والنووية وخاصة في مجال خفض الضرائب.

أحد التقارير التي خاضت في تفاصيل هذه القضية محللة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية هو كتاب «دعم الطاقة: الدروس المستفادة من تقييم آثارها وتصميم سياسة إصلاحات» وهو صادر من برنامج الأمم المتحدة للبيئة في العام 2003. الملاحظ أن التقرير الاقتصادي المذكور صادر عن جهة بيئية عالمية وهي في الأساس تعنى بمسألة اقتصادية لكن هناك رابط بين المواضيع البيئية والمسائل الاقتصادية في فرع يسمى بالاقتصاد البيئي «Environmental Economy».

التقرير الأممي يشدد على أن الدعم الحكومي يمكن تبريره عندما تزداد الرعاية الاجتماعية الشاملة ويقصد من هذا عندما تتجاوز المكاسب الاجتماعية وتحسين البيئة التكاليف الاقتصادية بسبب سياسات الدعم.

قام مؤلفو التقرير بدراسة تفصيلية لعدة بلدان نفطية وصناعية. الدولة الأقرب إلى موضوع المقال - بحسب التقرير - هي الجمهورية الإيرانية وتوصل بصورة عامة إلى أن الإعانات الحكومية أدت إلى صور متنوعة لعدم كفاءة استخدام الطاقة وأدت إلى أعباء مالية على الموازنة العامة للدولة وضعف أداء قطاع الطاقة. أما النتائج البيئية بسبب هذا النهج فقد أدى إلى تلوث الهواء وانتشار بعض الأمراض الصحية وزيادة غاز ثاني أكسيد الكربون. أما بالنسبة إلى الشق الاجتماعي فقد استفادات الشرائح الميسورة بنسبة أعلى من الدعم الحكومي أما خفض الدعم فسيسبب زيادة الخدمات المقدمة من الدولة إلى الشرائح الفقيرة. تقوم الجمهورية الإيرانية حالياً بتغييرات في سياسة الطاقة وتوزيع كوبونات للبنزين بعد أن وصل مجموع الدعم إلى رقم صعب وبلغ نحو 66 مليار دولار أميركي في العام 2009 بحسب أرقام الوكالة الدولية للطاقة.

زيادة تسعيرة المحروقات هي أحد الحلول لمواجهة زيادة نمو الاستهلاك مقارنة بالنمو السكاني والنمو الاقتصادي لكن عدة أمور لابد أن تؤخذ في الحسبان وقد تم تحديدها حسب الخبرات العالمية: (1) التوجيه: تذهب الإعانات إلى المستحقين لها، (2) الكفاءة: لا يجب أن يقوض الدعم المستهلك المدعوم من استخدام الطاقة بكفاءة، (3) تبرير الدعم من خلال تقديم صورة سليمة عن الفوائد والتكاليف، (4) إدارة الدعم بطريقة مخفضة التكاليف، (5) الشفافية، يجب أن يكون الرأي العام قادراً على رؤية كلفة برنامج الدعم والمستفيد منه مثل زيادة موازنة التعليم والصحة. وأخيراً الحكومة مطالبة بمراقبة الأسواق لمنع تصاعد أسعار السلع الاستهلاكية بسبب رفع سعر المحروقات.