العدد 3040 - السبت 01 يناير 2011م الموافق 26 محرم 1432هـ

المصانع ومستقبل نادي سترة الرياضي

أحمد العنيسي comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من المعروف أن الحركة الرياضية في حالة نمو بمملكة البحرين، مع أنها لم ترتقَ لطموحاتنا، ولا تلبي تطلعات الشعب، ولكننا استبشرنا خيراً بأنها ستشهد تطوراً مضطرداً بهمة القيادات الرياضية لوضع إستراتيجية لتطوير الرياضة بمملكتنا الحبيبة، ونتمنى النجاح للخطط والبرامج التي ستوضع للوصول إلى أفضل الاستراتيجيات، وتحقيق المكاسب الرياضية، كما نبتغي السداد وبلوغ أفضل هذه الأهداف، لأي مشروع يخدم الرياضة في البحرين.

نشيد بما تم إنجازه في إقامة العديد من المنشآت والمشروعات الرياضية الجديدة وآخرها بناء النادي النموذجي لجزيرة سترة، للارتقاء بمسيرة الشباب والرياضة في هذه المنطقة، إلا أنه بالمقابل هناك من يعكر صفو ونقاء هذا التوجه بتلويث جو المنطقة المحيطة بالنادي من قبل المصانع التي تقذف بغازاتها السامة علاوة على المواد الهيدروكربونية المشبعة (الميثان والإيثان وغاز الطبخ - البيوتان -)، وغير المشبعة (مثل الإيثلين والبروبيلين)، والحلقية (البنزين ومركباته) العالقة بالغلاف الجوي التي تحتسب على المواد الأكثر سمية التالفة للأعصاب والجهاز التنفسي وخلايا المخ والكبد والقلب، وشدة روائحها الخانقة للمواطنين. وللأسف، لا أعرف لماذا لا يتم التعاطي مع التلوث البيئي بأنه قضية حياة وموت في بلدنا؟!

القصة بدأت، عند تجوالي أثناء التمرينات الرياضية لفئات الأول والشباب والناشئين بنادي سترة الرياضي والثقافي، حيث أثارني موقف مذهل أثناء تأدية واجبي كمدير للنادي، وجعلت أفكر في اللاعبين وهم يمارسون التمارين الرياضية على البحر (موقع النادي) واستنشاقهم للهواء غير النقي، إضافة إلى زواره من المنتسبين والمشجعين، المقابل لأحد المصانع، وغير البعيد من خزانات سترة، إذ كانت الرياح تهب من الجهة الجنوبية محملة بالغازات ذات السمية العالية والروائح الكريهة، في وقت يحتاج فيه اللاعبون إلى هواء كثير ونقي، خالٍ من الملوثات أثناء عملية الشهيق خاصة خلال تأدية التمارين وممارسة كرة القدم، فهل لاعبونا يحظون بذلك؟

لاشك بأن هذه الغازات تتلف الجهاز التنفسي وتحرقه بأمراض خطيرة متعددة كالسرطان والربو اللذان يعتبران في طليعة المشكلات الصحية بمملكة البحرين، ونذكر المسئولين بهذه الشركات المحيطة بالنادي بصرخاتنا، واستغاثتنا التي نرفعها هي: إن على الجميع الاهتمام بصحة المواطنين ورعايتها، ولابد من رفع قيمة المساعدات الاجتماعية المقدمة، والمترتبة على هذه المصانع تجاه المجتمع والتي تفتقر إلى أبسط الخدمات والحقوق، والدليل على ما نقول بأن الشارع المحصور بين النادي وهذه الشركات، من دوار البندر المتجه شمالاً إلى النادي وعلى امتداد خزانات النفط، من غير إنارة منذ تشييده أي أكثر من خمسة عقود، وتكثر فيه الحوادث بسبب الظلام الدامس على طوله ولم تتحرك الشركة بترميمه أو تشجير المنطقة المحيطة به على أقل تقدير.

بعد مداولات حول هذه القضية مع بعض الأصدقاء والشخصيات الستراوية، أحدهم اقترح توقيف عمل المصنع أثناء تأدية التمارين! واقتراح ثانٍ بتشييد صالة رياضية مغلقة لممارسة التمارين بعيداً عن هذا الجو المفتوح (المسموم)، واقتراح ثالث بوضع جهاز يقيس نسبة التلوث على مخارج الغازات وهل النسب طبقاً للمعايير الدولية، ويقترح أيضاً بوضع أجهزة ماصة للغازات وتحويلها كيميائياً إلى غازات أقل ضرراً، واقتراح أخير بتوظيف أهل المنطقة وإلا أين دورهم؟ كما قال صاحب الاقتراح.

نحن نتفهم بأن بعض هذه الحلول صعبة المنال، ولكن على أقل تقدير تقوم هذه المصانع بتشجير المنطقة المحيطة بالنادي من الداخل والخارج، أو تخصيص مساعدات مالية للنادي لتشجير المنطقة برمتها إن يصعب عليهم ذلك.

انتقدنا الوضع سابقاً كثيراً، ولم نرَ أي تحرك للدعم المجتمعي، ولا أي تحرك جدّي لمساعدة المتضررين اجتماعياً لأبناء هذه المنطقة وحلحلة مشاكلهم التي تتأتى من صوب هذه المصانع المتناثرة حول الجزيرة، وإذ نبدي امتعاضنا ليس عبثاً ولا ترفاً وإنما من قناعة راسخة ومن واجباتنا تجاه الناس والمجتمع، ونطالب الشركة بالنهوض في مساعداتها للمجتمع الذي يعتبر جزءاً أساسياً من عملها تجاه البلد والناس.

إنني متيقن لو حصل هذه الأمر في بلدان متقدمة، بالقرب من حديقة حيوانات، لانتفضت مؤسسات المجتمع المدني، وخرجت الناس في مسيرات، ولاسيما الجمعيات المهتمة بشئون البيئة تطالب بتصحيح الوضع القائم لهذه المصانع، لكن للأسف لم يأخذ للإنسان أي اعتبار في البلدان النامية بسبب تقاعس المجتمعات وعدم اكتراث وتفاعل الشركات تجاه المجتمع من جهة، وقلة نشاط الجمعيات ذات الصلة والقوانين التي تحكمها من جهة أخرى

إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"

العدد 3040 - السبت 01 يناير 2011م الموافق 26 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:20 م

      شكرا دكتور

      بيضت وجوهنا بمقالاتك الجريئة والحقيقية
      محب للنادي

    • زائر 1 | 2:30 ص

      كلامك في الصميم

      لا أعرف لماذا لا يتم التعاطي مع التلوث البيئي بأنه قضية حياة وموت في بلدنا؟
      هذه المقطوعة الاستنكارية تستحق بجدارة أن تكتب بماء من ذهب وتعلق على جدارن شركة بابكو والبتروكيماويات المسؤولتان بشكل مباشر عن النسب المرتفعة من حالات السرطان في سترة وضواحيها.
      جانب آخر أشار إليه المقال، إنارة الطريق المؤدي إلى دوار البندر، لا أعرف وجها لاعتراض الشركة على إنارته؟ وأين دور المجلس البلدي من هذا الاهمال المتعمد؟
      جانب أخير، أشكرك يا دكتور على ضربك من تحت الحزام لشركة بابكو والبتروكيماويات ونتمنى أن تستمر

اقرأ ايضاً