العدد 3077 - الإثنين 07 فبراير 2011م الموافق 04 ربيع الاول 1432هـ

بلطجية الجمال المصرية

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

رأيت – كغيري – فرساناً يمتطون صهوات بعض الجياد وآخرين يمتطون ظهور الجمال وهم يحملون «بلطات» وسيوف وخناجر ويهجمون بعنف على «عدائهم» الذين لا يحملون أي نوع من السلاح لأنهم لم يكونوا يتوقعون أن يعود بهم الزمن إلى عصر صدر الإسلام وتفرض عليهم معركة غير متكافئة ومفاجئة أيضاً.

منظر هؤلاء الفرسان كان مخجلاً للنظام ودليلاً على تخبط من أمر بذلك أو رضي به، كما كان سبباً مهما من أسباب مواقف بعض دول أوروبا وأميركا التي تحولت من الصمت إلى تحميل النظام المسئولية الكاملة عما حدث. صحيح أن الحكومة المصرية نفت علاقتها بهذه المعركة، وصحيح أنها أعلنت عن إصلاحات كثيرة، لكن كل تلك الوعود أو الإصلاحات لم تجد من يصغي إليها أو يثق بمن وعد بها.

الشيء المؤسف في عالمنا العربي أن الإصلاحات لا تأتي إلا متأخرة، وبعد ضغوط كبيرة، وبعد خراب لا حدود له.

الرئيس التونسي لم يستطع أن يفهم شعبه إلا بعد أكثر من عشرين عاماً، وكأن حاجات الشعوب تحتاج إلى كل هذه الوقت لكي تكون مفهومة، والمؤكد أن فهمه لتلك الحاجات لم يأتِ إلا بعد أن اقترب المتظاهرون من قصره!! وعد ثم وعد ولكن دون جدوى لأن وعوده جاءت متأخرة فلم يثق بها أحد، ولو أن الله منَّ عليه بالفهم قبل تلك الأحداث لما حصل في تونس ما حصل، ولأراح نفسه وأراح شعبه لكنه لم يفعل فكانت تلك النهاية!!

الحكومة المصرية فعلت الشيء نفسه، فبعد أن ثار شباب مصر، وخسرت البلاد كثيراً من ثرواتها، كما خسرت كثيراً من أبنائها – وهم أغلى من كل شيء – بدأت الوعود تتوالى! فهناك وعد باحترام أحكام القضاء في قضايا تزوير الانتخابات، ولو أن حكومة مصر احترمت تلك الأحكام في وقتها لوفرت الكثير من المشكلات لكنها لم تفعل عامدة فأهانت قضاءها وفقدت احترام شعبها.

ووعدت أيضاً بحذف بعض المواد المتعلقة بالترشيح للرئاسة، ومعروف أن هذه المواد فصلت بدقة لكي لا يفوز بتلك الانتخابات إلا الرئيس أو من يريده، ومعروف كيف أن كل الأحزاب - عدا حزب الدولة - عارض تلك المواد لكن لا سميع ولا مجيب، وفجأة وفي هذه الظروف تذكرت القيادة المصرية أن هذه المواد يجب أن تزول، ولكن هذه الإرادة جاءت متأخرة لا فائدة منها.

وعود أخرى كلها جيدة ومهمة ولكنها جاءت في غير وقتها، ولو أن القيادة عرفت مطالب الشعب واحتياجاته مبكراً – وهي تعرف – لما حصل ما حصل، لكنه الكبرياء والجهل... المسئولون العرب – غالباً – يعرفون أنهم لا يقدمون إصلاحات حقيقية، فمثلاً رئيس وزراء الأردن المكلف «معروف البخيت» وعد الشعب الأردني بإصلاحات حقيقية وشاملة وكأنه يعترف أن كل الإصلاحات السابقة التي وعدت الحكومات بها كانت مجرد كلام لا قيمة له!! كما وعد بمحاكمة المفسدين منذ العام 2005م وحتى الآن!! والعجيب أنهم يعرفون حجم الفساد ويسكتون عنه، فإذا أدركهم الغرق وعدوا بالإصلاحات، وإعطاء الحريات، ومحاكمة المفسدين.

كم كنت أتمنى أن تدرك القيادات العربية كم أن الشعوب بحاجة إلى إصلاحات كثيرة، وأن حجم الفساد في بلادهم كبير، وأن مصلحتهم ومصلحة شعوبهم أن يقدموا لها كل ما تحتاجه، وهو حق لها، وذلك قبل فوات الأوان.

بعض القيادات ظنت أن الاعتماد على الأميركان أو سواهم سيضمن لهم الاستمرار مهما فعلوا، ومهما ظلموا، لكنهم تناسوا أن كل دولة تبحث عن مصالحها، وأنها لا تقيم وزناً إلا لمصالحها، فالأميركان تخلوا عن الرئيس المصري، وكذلك مجموعة من دول أوروبا لأنهم عرفوا أن مصالحهم القادمة مع سواه...

ليت حكام العرب يكونون جزءاً من شعوبهم لكي يضمنوا حياة كريمة لهم ولشعوبهم، وليتهم يدركون ذلك قبل فوات الأوان.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3077 - الإثنين 07 فبراير 2011م الموافق 04 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • نوال عطية | 4:14 ص

      عشرة على عشرة

      بعدما ملّوا من العويل على الفضائيات زحفوا بجحافلهم الى الميدان منظر يُثير السخرية ويكشف عن قُبح النظام ،ها انتم دخلتم مع من دخلوا مزابل التاريخ

    • زائر 5 | 3:30 ص

      انت فاهم غلط

      اصحاب تلك الخيول والجمال الذين ظهروا في الصور هم في الحقيقة العاملين عليها قرب الاهرامات والمناطق السياحية والذين يركبوا السياح عليها مقابل الأجر وهم ليسوا تابعين للحكومة المصرية او مأمورين من طرفها وانما قاموا بهذه الاعمال من تلقاء انفسهم عندما احسوا بأن الاحتجاجات والمظاهرات قد تسببت في قطع ارزاقهم نتيجة لهروب السياح.

    • زائر 2 | 10:30 م

      كلام جميل بس تقول لمن !

      حكامنا في سبات عميق ويمكن يكونون في غيبوبه او تنويم مغناطيسي حتى لو قرؤ مم كتبته من كلام جميل ونصيحه لهم ماراح يفهمونه هذا اذا عرف يقرئونه !

    • زائر 1 | 10:29 م

      ولكن لاحياة لمن تنادي!

      هذا هو واقع حكومات الدول العربية للأسف!!

      -مبدأ هنظلمك وهات صحتك وعمرك وغور في ستين ألف داهية!
      مش محتاجينك!-

      ولما يعيا الشعي ويخرج ويطالب بحقوقه يخافونه دون أن يقدموا له شيئاً وإن قدموا فاعلم أنها فتات موائدهم! المسروقة من أموال الشعوب الكادحة!

      مافي النفوس صعب أن يخرج في هذه العجالة.

      سلمت يمينك ايها الكاتب المميز.

اقرأ ايضاً