فتحت عقوبة اللجنة الفنية باتحاد السلة بتوجيه لفت نظر شديد اللهجة - فقط - إلى محترف فريق المنامة الأميركي داريوس رايس، على خلفية احتكاكه بالحكم عبدالكريم شكيب بعد نهاية مباراة المنامة الأخيرة في الدورة السداسية ضد الأهلي، - من دون أن تدري- الباب لتعرض أي حكم آخر للاعتداء كما حصل لشكيب، في ظل العقوبة المخففة التي قوبل بها تصرف اللاعب الأميركي، أو حتى للاعبين محاولة الاحتجاج بشكل أكبر من المسموح به مع أي حكم، بحكم أنه «من أمن العقوبة أساء الأدب». من هنا ندخل في مسألة أخرى تتعلق بحماية الاتحادات لحكامها، وبالتالي مسألة صحة القرارات التي يتخذها الحكم من عدمها في أية مباراة، على فريق ضد آخر. والحقيقة تقال، لو كنت أحد هؤلاء الحكام، فإنني لن أعود للملعب من جديد ما دامت الحماية غائبة عني، لأن الحكم في الأخير بشر ويخاف على سمعته وكرامته التي تهدر أمام أعين الناس، فهل يا ترى ستطبق اللجنة الشيء ذاته لو حدث الأمر نفسه في مباراة مقبلة، اللجنة حقيقة أدخلت نفسها في حرج باعتقادي، حتى لو أكدت عكس ذلك، لأن الدول الأوروبية أصبحت لا تعتمد فقط على تقارير الحكام، إذا ما سلمنا جدلا أن حكام مباراة الأهلي والمنامة لم يرفعوا تقريرا بذلك، فهناك العين المجردة وهناك التلفاز، وغيرها من الطرق التي تثبت أحقية اتخاذ أي قرار، وهنا يجعلنا نشكك في صوابية تعيين من ليس لهم فهم في الأمور الفنية في مثل هذه اللجان المهمة. ليس ببعيد عن البحرين، فقد أعلن الاتحاد الأردني لكرة القدم أمس الأول أن اللجنة التأديبية في الاتحاد قررت إيقاف الحارس الدولي لاعب فريق الوحدات الأول لكرة القدم عامر شفيع لمدة عام إثر اعتدائه على حكم مباراة فريقه ضد المنشية في الدوري المحلي الجمعة الماضي. كما غرمت نادي الوحدات مبلغا قدره 3 آلاف دولار». حدثان متشابهان في الشكل والمضمون كان فيه الحكمان الضحية، وشاهدها الجميع من وسائل إعلام وجماهير هنا وهناك، اختلفا في طريقة المعالجة والنتيجة، بين قرار صارم لاعتداء في الأردن، وتوجيه لفت نظر لاحتكاك هنا في البحرين، هذه كانت مجرد مقارنة بين القرارات التي يتخذها اتحادنا الوطني وأحد الاتحادات العربية، وإن اختلفت اللعبة فالمضمون والشكل واحد، فيما يعنى بتطبيق القانون على الجميع من دون تمييز. نعم، نحن في دولة القانون، القانون الذي يطبّق على أندية دون أخرى، وعلى أفراد دون آخرين، ويفسر بطريقة تخدم المصالح، يا ترى كيف يمكننا تفسير عقوبة لفت نظر شديد اللهجة مع الاعتراف بوجود احتكاك، وفي أي قانون يوجد، لماذا يا ترى تعقد الجمعيات العمومية لصياغة العقوبات وغيرها من الأمور، لأنه لا يوجد شيء في القانون وفي أي دولة كانت، عقوبة بمسمى لفت نظر، ما دام الحدث قد وقع باعتراف اللجنة. لا أقف هنا إلى جانب الأهلي أو المحرق أو أي ناد في وجه المنامة، وإنما أتطرق للطريقة التي تتعامل فيها الاتحادات مع أنديتها، والازدواجية التي تدخلها في نفق مظلم لا يعرف مصير نهايته، فما وصل إليه قدر رياضتنا هو بسبب القرارات غير الحاسمة التي يتخذها أي اتحاد وطني عندما يواجه مشكلة ما، يجب فيها أنْ يتخذ قرارات حاسمة، وإلا فكيف بنا نرى اتحادا عربيا يتعامل بشكل صحيح ومحترف مع كل ما يعيق تقدم مسابقاته المحلية. في مثل هذه الحالة، اتحاداتنا الوطنية تحتاج إلى أنْ تكون قوية في اتخاذ قراراتها وأنْ تبعد الخوف عن أنفسها؛ لأنها في هذه الحالة لن تكون قادرة على الوقوف في وجه أي ناد، بشرط ألا تكون مميزة بين البعض والآخر كما حدث في المواسم الماضية، ليس فقط في اتحاد السلة، بل حتى في الاتحادات الوطنية الأخرى. في النهاية تثبت الدروس المتتالية التي تأتي من بعيد أن رياضتنا لن تتطوّر فيما لو واصل المعنيون على الرياضة في الأخذ بمكيالين في التعامل مع كل إيجابية أو سلبية تفوح في رياضتنا، وإلا فإنّ رياضتنا لن تراوح مكانها وهي التي في الأصل تعاني الأمرّين من الكثير من أسباب الفشل.