العدد 3081 - الجمعة 11 فبراير 2011م الموافق 08 ربيع الاول 1432هـ

الجريمة و العقاب

مجيد جاسم Majeed.Jasim [at] alwasatnews.com

.

في تاريخ 2 فبراير/ شباط 2011، أعلنت وكالة حماية البيئة الإميركية ووزارة العدل أن أحد أكبر المعامل لصناعة إسمنت بورتلاند قد وافق على دفع 1.4 مليون دولار كعقاب بسبب انتهاكه قانون الهواء النظيف وسينفق ما يقدر بـ 2 مليون دولار على تثبيت أجهزة دقيقة وتحكم جديدة للحد من الانبعاثات الضارة من أكاسيد النيتروجين وثاني اكسيد الكبريت التي تؤدي الى إصابة الأطفال بالربو وهطول الأمطار الحمضية والضبخان. المصطلح العلمي الأخير هو ترجمة كلمة «smog» و تعني خليط من الدخان والضباب يتكون بسبب تلوث الهواء من مصادر مختلفة وتسبب في تدهور الحالة الصحية للمواطنين.

جريمة الشركة الصناعية إنها قامت بتعديلات لزيادة الإنتاج في المصنع بدون الحصول على التراخيص المناسبة من الجهات المسئولة وفق الشروط والتعليمات والمواصفات الفنية الموثقة مما أدى إلى مخالفتها لقانون الهواء النظيف وبالتالي محاكتها بعد قيام وكالة البيئة برفع دعوى قضائية. هذه القضية ألقت الضوء على أهمية فرض المحاسبة البيئية فالجانب التشريعي والقانوني مهم من أجل الحد من التلوث والسيطرة عليه لكن فرض العقوبات المادية للمخالفات البيئية أكثر أهمية ويجب أن يعطى أولوية أعلى لأنها ستجعل مالكي المصانع الملوثة يفكرون في العواقب الجزائية وهذا سينعكس على تحسين جودة الهواء في المجتمع و البيئة.

إحدى الإحصائيات المهمة للعام الماضي 2010، وثقت ان إجراءات وكالة البيئة الأميريكية ساهمت في معالجة نحو 370 مليون رطل من الغازات الملوثة واستثمار نحو 1.4 مليار من الدولارات لشراء الأجهزة الدقيقة والتحكم وتحصيل حوالي 14 مليون من خلال المحاكم من الشركات المخالفة. نستنتج من هذه الأرقام ان الهدف الأساسي من المبادرات البيئية هو تشجيع أصحاب المصانع إستخدام التكنولوجيا الحديثة للتعامل مع الملوثات أما الغرامات المادية فهي العصا التي يتم إستخدامها. الإستثمار في شراء التكنولوجيا هو جزء من دورة اقتصادية تشجع ما يعرف بـ»الاقتصاد الأخضر».

في كتاب الإدارة البيئية لعارف مخلف يتسائل الكاتب «هل يكفي وضع قواعد قانونية لحماية البيئة؟ أم يتطلب الأمر ان تقترن تلك القواعد بضمانات تكفل احترامها تحقيقاً للأهداف المتوخاة من إقرارها؟».

أصبحت القوانين البيئية - سواء المحلية أو العالمية - جزءاً لا يتجزء من نسيج القوانين العامة للدول لأنها الطريق الى تحقيق تنمية مستدامة و تحقيق رؤى بعيدة المدى. في حال الولايات المتحدة فإن وكالة البيئة هي الذراع الإداري لتنفيذ القوانين البيئية من أجل حماية الصالح العام و صحة المواطنين و تقوم الحكومة الإمريكية بتخصيص ميزانية تقدر بـ 10 مليارات من الدولارات سنوياً من أجل مساعدتها على تحقيق الدراسات البيئية و مراقبة تنفيذ القوانين الفيدرالية.

بالنسبة للضمانات فهي تنقسم الى محورين: ضمانات موضوعية وضمانات تنظيمية. الأولى تتعلق بوضع القوانين للوقاية من أخطار التلوث أما الثانية فهي تتعلق بضمان تنفيذ الضمانات الموضوعية من خلال تعزيز مجال التوعية البيئية وفرض اسلوب رقابي مثل اللجوء الى القضاء.

الجريمة البيئية لا بد أن يقابلها عقاب عادل من أجل تحقيق متطلب حماية البيئة وتحقيق الاستدامة.

إقرأ أيضا لـ "مجيد جاسم"

العدد 3081 - الجمعة 11 فبراير 2011م الموافق 08 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:55 م

      فلسفة العقاب في القانون البيئي

      موضوعك اليوم عاد بذاكرتي الى عام 2003 عندما كتبت في عمودي الاسبوعي تحت هذا العنوان ذاته ويومها عالجت فلسفة القانون في فهم الجريمة والعقاب مرتكزا في ذلك على اسس المبادئ القانونية للقانون الروماني وشريعة حمورابي في معالجة قضايا الجريمة البيئية
      هناك جدلية بين روح القانون ومنهج مكافحة الجريمة البيئية فالقانون ينبغي ان يعزز بادوات القمع في فرض جوهر القانون ذاته لذلك المشرع الامارتي عزز القانون (24) 1999بتضمينه المادة 73 التي تفرض حكم الاعدام على من يغرق او يطمر مواد خطرة في بيئة الدولة.
      باحث بيئي

اقرأ ايضاً