العدد 309 - الجمعة 11 يوليو 2003م الموافق 11 جمادى الأولى 1424هـ

التبذير أم حياتكما الزوجية؟

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

قد تنتهي حياة أسرة كاملة وتفقد كيانها ووجودها الاجتماعي بسبب التبذير. فالتبذير هو حرق للطاقة والمجهود الإنساني من دون مقابل ويعتبر من أهم الأسباب التي تكمن وراء الكثير من الخلافات الزوجية، فالرجل عندما لا يقيم وزنا للمال فيصرفه كيمفا يشاء في سهرات مع الأصدقاء أو في تغيير سيارة قد اشتراها منذ وقت قريب سعيا وراء مظاهر خادعة كاذبة وقد لا يكتفي بدخله الشهري فيقترض والمصارف لا ترحم ويدفع ثمن التبذير غاليا من صحته ومجهوده وكرامته، وهنا يبرز دورك أيتها الزوجة بتوجيه مصروفات زوجك لما هو مفيد، ولا أعتقد أنك عاجزة عن ذلك إذا استخدمت ذكاء وحنان المرأة وحاولت جاهدة إقناعه بتخصيص جزء من مدخول الأسرة لك تتصرفين فيه على ضوء مسئولياتك بوصفكِ زوجة من واجبها تأمين الاستقرار العائلي بما يكفل عدم إحداث أي اضطراب في تأمين احتياجاتها الضرورية.

إلى هنا والأمر في التبذير يمكن التغلب عليه... ولكن تبدو المشكلة معقدة أكثر وصعبة أكثر ولا حل لها إطلاقا إذا كانت الزوجة أيضا مبذرة ولا تقيم وزنا للمال ولا لما يبذل من مجهود إنساني من أجل الحصول عليه... وكل همها المظاهر الكذابة والبذخ والإفراط في الزينة والتغيير المستمر سعيا وراء الشهرة والجاه، أو من ناحية أخرى بدافع الجهل والتخلف وعدم إدراكها لمسئولية الحياة الزوجية. فأنا لا أقصد بالتبذير تجهيز البيت الزوجي بأحدث الآلات الكهربائية أو المفروشات الأنيقة شرط العناية بها وإطالة عمرها... ولا أقول إن اعتناء الزوجة بمظهرها وأناقتها في حدود دخل الأسرة هو نوع من التبذير، فإذا استطاعت أن توازن بين مدخول الأسرة ومصروفاتها وحالت دون تراكم الديون واضطراب موازنة الأسرة وعجزها عن الوفاء بالضروريات تعتبر مبذرة لأنها وقفت في وجه الانتقادات والهموم ومنعت انفجار المشكلات المتواصلة.

لذلك، فإنني أقول لكل زوجين ينشدان السعادة والاستقرار: إياكما والديون، وعليكما بإخضاع وضعكما الاقتصادي لدراسة جيدة ووضع برنامج دقيق لمدخول الأسرة، وبالتالي تحديد كيفية التصرف فيه مع محاولة التوفير للحالات الطارئة... فإذا كنت أيها الزوج من ذوي الدخل المحدود ستقتصر مصروفاتك في المرحلة الأولى على الضروريات كنفقات الطعام واللباس والاستشفاء وطبعا بالدرجة الأولى حاجات الأولاد ومدارسهم.

وأنت يا سيدتي، لا تدعي المظاهر والأضواء تخدعك وتقودك إلى التخبط في الإنفاق من دون حساب، فكل دينار له قيمته عند الحاجة إليه... بوسعك أن تكوني أنيقة وجميلة من دون المبالغة في اختيار الأعلى والأشهر اسما مجاراة لصديقاتك الثريات، فلكل أسرة دخلها الشهري وحياتها التي يجب المحافظة عليها، وإياك أن تدفعي زوجك إلى الشكوى من إسرافك وتبذيرك لأن هذا سيعود سلبا عليك في نهاية الطريق. فكري كثيرا قبل إقدامك على الإنفاق، هل هذه السلعة ضرورية لأشتريها أم يمكنني الاستغناء عنها؟... وهل تستحق المبلغ الذي سأدفعه ثمنا لها؟... وثقي بأن جوابك سيكون: لا. احتفظي بالمال ووفريه وسيكون في خدمتك وخدمة أسرتك عند الطوارئ.

وأنت أيها الرجل، تستطيع بتفكيرك الواسع وقدرتك على التحكم في رغباتك غير الضرورية توفير الكثير من المال من دون الحاجة إلى القروض أو الديون التي لا تنتهي إلا بنهاية كل ما هو ممتع وجميل في حياتك الزوجية.

أيها الزوجان أنتما معا تشكلان عالما اقتصاديا بالمعنى الكامل للكلمة إذا عرفتما أهمية المال الذي يدخل إلى أسرتكما الصغيرة، وعرفتما كيف تحققان التوازن بين «المدخول» و«المصروف» وبه تحققان سعادة لا تنتهي واستقرارا للحاضر والمستقبل

العدد 309 - الجمعة 11 يوليو 2003م الموافق 11 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً