العدد 311 - الأحد 13 يوليو 2003م الموافق 13 جمادى الأولى 1424هـ

الصراحة تبدد الشك

منيرة العليوات comments [at] alwasatnews.com

إن من أجمل الصفات المتبادلة بين الزوجين الصراحة، ولعلها العامل الأهم في بناء حياة زوجية سعيدة

بعيدة عن الشكوك والأوهام التي تنغص علاقة الزوجين أو أية علاقة أخرى، فهي تعبر عن حبك للآخر وثقتك به وشعورك بالراحة والسكينة إذا ما أنت صارحتيه بما تعاني وما تسمع وما تعمل...

ولكن الصراحة كغيرها من الصفات تتحكم فيها بعض القيود والضوابط ولها حدود يجب الالتزام بها في الحياة الزوجية المشتركة، وعندما تتعلق بالأمور الجوهرية التي قد يؤدي السكوت عنها إلى نتائج غير محمودة تترسب في أعماق الشريك مع الزمن وسرعان ما تنفجر في لحظات الضعف والغضب فتؤدي إلى إفساد وتفكك هذه العلاقة المقدسة، تصبح الصراحة واجبا حتميا وفي جميع الأمور المتعلقة بمسيرة الشريكين. فعليهما معا المصارحة حتى في أدق الأمور وأصغرها، ربما تكون تافهة أو ربما أغفلها أحد الشريكين سهوا وفي زحمة مشاغله اليومية.

على سبيل المثال أن ينسى الزوج الذكرى السنوية لعقد قرانهما، بينما الزوجة أعدت لهذه الذكرى وانتظرته، وهنا عليها ألا تكتم مشاعرها وتصمت، بل من واجبها تذكير الشريك بأسلوب رقيق لبق أو أن تبادر إلى تقديم هدية ولو رمزية وسترى أسفه وستسمع أحلى كلمات الاعتذار منه وربما يرافقها فورا إلى جلسة هادئة في مكان جميل لإحياء ذكرى المناسبة السعيدة. أما أن تكتم وتلجأ إلى تجريح مشاعره كلما سنحت لها الظروف أو تسمعه بعض التعابير القاسية فقد يترك ذلك جرحا في نفسه ويعمد المرة بعد الأخرى إلى الانتقام.

وعلى الزوج أيضا أن يصارح زوجته ويلفت نظرها إذا بدر منها تصرف جعله في موقف حرج أو سبب له الإزعاج بدلا من كتمانه في نفسه بانتظار اللحظة السانحة ليصب عليها جام غضبه متهما إياها بالجهل والتخلف، إلخ. كذلك أمور الأبناء والتربية، فكثيرا ما تقع بعض الأمهات فريسة الخوف على الأبناء من قسوة الآباء فيكتمن المشكلات التي يسببها الأبناء على أنها أمور تافهة، لتقوم الأم بالتعامل معها وإنهاء الموضوع مع الأطراف الأخرى.

خطأ كبير يا سيدتي أوقعت نفسك فيه لأن زوجك سيعرف الأمر عاجلا أم آجلا منك أو من أي طرف آخر وستفقدين ثقته وحسن ظنه بك وبأولاده، حتى وإن كانت نيتك صادقة ولا تريدين إزعاجه أو إثارة غضبه، لكن من حقه أن يكون على بينة تامة بسلوك أولاده... باختصار، أي أمر يتعلق بحياة الزوجين والأسرة يجب المصارحة به، حتى الأمور الصحية وما يعانيه أحد الزوجين في العمل من مشكلات ومتاعب لتبادل الرأي والمشورة بأسلوب متفهم وإيجاد حلول مناسبة والتصدي للمشكلة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا عن أسرار العمل والمشكلات المتعلقة بالآخرين؟ وماذا عن أسرار الأصدقاء أو الصديقات؟ هل يجوز البوح بها للشريك؟ أم أن عدم الإفصاح عنها أفضل؟ وإليكما أقول: إن حياتكما الزوجية وما يتعلق بها من أسرار ومشكلات وقضايا هي ملك لكما، وليست لطرف دون آخر. أما حياة الآخرين وأسرارهم ومعاناتهم فهي حق لهم ولا يملك أحد الزوجين حق الإفصاح عنها للآخر بحجة الصراحة...

ولا تجوز الإباحة بها لأنها تتعارض مع كتمان سر الصديق أو تتعارض مع الأمانة في العمل. وعلى الشريك ألا يغضب من شريكه إذا كتم الأمر عنه بل عليه أن يحترمه ويشجعه على كتم أسرار عمله وعدم إفشائها إذ ربما ضعف الشريك وأفشى السر لصديق آخر وهكذا أصبح الأمر مشاعا، والمسئول الأول من باح بما أؤتمن عليه تحت ستار الصراحة.

فالصدق والصراحة بين الزوجين هما أساس البناء السليم لأية علاقة أسرية خالية من الشك والظنون، قائمة على إخلاص الطرفين كل منهما للآخر بشرط أن يمارسا بأساليب واعية لا تتعدى حدود الحياة وضرورياتها وواجب الحفاظ عليها

العدد 311 - الأحد 13 يوليو 2003م الموافق 13 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً