العدد 3126 - الإثنين 28 مارس 2011م الموافق 23 ربيع الثاني 1432هـ

الفساد في «العراق الجديد»

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

أعلنت هيئة النزاهة العراقية أمس الإثنين (28 مارس/ آذار 2011) ضبط نائب رئيس كتلة سياسية معروفة مع أمين سرها متلبسين بالرشوة...

عملياً؛ لا غرابة في ضبط مسئولين عراقيين بالرشوة، وخصوصاً بعد أن رأى العراقيون كيف أن وزير التجارة السابق (المنتمي لحزب رئيس الوزراء) سرق مئات الملايين من الدولارات وخرج «بريئاً» من التهم الموجهة إليه، أو صفقة الأسلحة الخردة التي أبرمها وزير الدفاع في العام 2005 قبل أن يهرب مع ملايين الدولارات، أو عمليات تهريب النفط التي تجري بشكل منظم، لكن الغرابة في خبر «هيئة النزاهة» أن يكون المتورطون هذه المرة هم من النواب الذين انتخبهم الشعب للدفاع عن مصالحه، ومحاربة الفساد والمفسدين الذين تعج بهم الحكومة العراقية.

قد تبدو مسألة تعاطي مشرعين للرشوة غريبة عند البعض، وخصوصاً أن النائب لا يستطيع أن يحيل صفقة إلى شركة أو يُعيِّن موظفاً أو يقيل آخر، لكنه وفي ظل المحاصصة ومن خلال كتلته السياسية يستطيع أن يصادق عبر مساومات مريبة على كل المناصب الحساسة وفي مقدمتها رئيس الوزراء، والوزراء، ووكلاؤهم، والمديرون العامون، والسفراء والقضاة وغيرهم ممن يؤتمنون على إدارة البلاد أرضاً، وشعباً وسيادة، بالإضافة إلى ممارسة الكثير من النواب لعمليات ابتزاز واسعة ضد مسئولين تنفيذيين لإجبارهم على إحالة عقود لمعارف هذا النائب أو ذاك.

يعترف الشعب العراقي - برغم رفض الحكومة القاطع لذلك - بأن الفساد وصل إلى مراحل متقدمة عدتها بعض التقارير الإعلامية على إن السلطة في العراق متهمة بأكبر عملية فساد في تاريخ البشرية، حيث ضيعت (ولا نقول هنا سرقت) مئات المليارات من الدولارات منذ احتلال العراق في العام 2003 وحتى الآن، فهاهم العراقيون الآن يتحدثون عن تسعيرة الوظائف الحكومية، حيث لكل وظيفة حكومية سعر يبدأ من 1500 ويصل إلى مليوني دولار تدفع قبل تسلم الوظيفة وليس بعدها.

الفساد في العراق صار قضية مألوفة يتندر فيها العراقيون، ويروي لي أحدهم نكتة من الواقع العراقي تقول: إن مواطناً حاول أن ينجز معاملة روتينية لأحد أبنائه، لكن عجز عن إنجازها بسبب رفض المسئول الذي فاتح المواطن بمبلغ الرشوة مقابل إنجاز ما يريد، ولما كان هذا المواطن يرفض إنجاز معاملاته بطريقة غير صحيحة قرر الوصول إلى مسئول المسئول شاكياً ممن حاول ابتزازه، فكان رد المسئول «وكم تعطيني لأقتص ممن طلب منك الرشوة»؟!

إنه الفساد في «العراق الجديد»..

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 3126 - الإثنين 28 مارس 2011م الموافق 23 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً