العدد 3138 - الأحد 10 أبريل 2011م الموافق 07 جمادى الأولى 1432هـ

مصر في عيون طالبة أميركية

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

ركبتُ الطائرة، وأنا حذرة غير واثقة، إلى مصر في مارس/ آذار، على متن رحلة تم حجزها قبل عدة شهور من الثورة. وجدت بلداً جميلاً مفعماً بالنشاط، غنياً بالثقافة واللطف الذي لا مثيل له رغم الانتفاضات التي عصفت به مؤخراً.

يقول الجميع إن للحرية ثمناً ولكن الكلفة تأخذ أشكالاً مختلفة. أشار الكثيرون إلى مقتل 380 مصرياً أثناء الثورة على أنه الخسارة الأكبر. منذ ذلك الوقت أصبح واضحاً لي أن الأثر المالي للثورة يشكّل كذلك عبئاً هائلاً يتوجب على كل مصري تحمّله. أصبحت الأماكن السياحية المرغوبة مثل الأهرامات في الجيزة والأقصر مهجورة، واكتشفت أن بعض الأعمال أغلقت أبوابها بشكل كامل، بينما ينتظر أصحاب المتاجر بفارغ الصبر عودة السواح.

وفي القاهرة أكد لي سائق التاكسي، الذي يعمل مدرّساً أثناء النهار، عن تقديره لمصر الجديدة الحرة وتمنى عودة سريعة للأوضاع الطبيعية. شهدتُ وهو يقودني باتجاه ميدان التحرير أن تواجد الشرطة الذي كان دائماً ومتواصلاً أصبح غائباً. بدلاً من ذلك، يقوم المواطنون بحراسة الشوارع وتوجيه حركة السير.

تضاءلت أعداد المتظاهرين من الأسابيع الماضية مقارنة بالجماهير التي رأيتها على شاشات التلفزة. إلا أن الآلاف ما زالوا يتجمعون كل يوم جمعة لتذكّر الأرواح التي ذهبت ضحية للحرية. امتلأ ميدان التحرير بطاقة من التأثر وألوان الأعلام في كل زاوية منه. لا شك أن هذه التجربة كانت الأكثر عمقاً في رحلتي، وشعرت بالتواضع أمام بهجة المحتفلين.

عندما طلبت من رجل من القاهرة أن يصف انفعال التظاهرات قال: «لم يفقد المصريون بلدهم أو يجدوها من قبل. ليست هناك كلمات كافية». كل ما استطعت قوله كان «مبروك» والابتسام. أحسن الجميع استقبالي طوال زيارتي، وشعرت بإثارة كبيرة لأن أكون جزءاً من هذه الاحتفالات التاريخية. استقبل هؤلاء المحتفلون في ميدان التحرير تشجيعي لهم بسعادة لرؤية سائحة في القاهرة.

أثناء النهار، يكون ميدان التحرير حلقة اعتيادية من حركة السير، يعبر خلالها المشاة بين السيارات المتدفقة باستمرار. وتستطيع أن تشاهد في الصباح الناس يشربون الشاي أو يسرعون الخطى إلى عملهم. هناك أناس كذلك ينظفون الشوارع من القمامة. رأيت رجل أعمال في القاهرة يعطي نقوداً لرجل ينظف الشارع إعراباً عن شكره وتقديره لجهود الرجل في إعادة النظافة إلى المدينة. بدا لي وكأن المصريين لم يكونوا في يوم من الأيام أكثر فخراً ببلدهم ومدينتهم وشوارعهم. بدا الرجال بالطبع، وهم يكنسون شوارع ميدان التحرير، وكأنهم ينظفونها ليس فقط من القمامة وإنما من بقايا نظام مبارك.

عبّر الجميع عن ملكية مثيرة للإعجاب لمصر الجديدة. شرحت لصديق أنه رغم كون زيارتي لمصر قصيرة، إلا أنني تأثرت إلى الأبد بجمالها وعاطفتها المتدفقة وقوتها. أجاب هذا الصديق، وهو أستاذ جامعي في القاهرة: «أحب حقيقة أنك تحبين بلدي، ولأننا نشعر الآن أننا نمتلكها، فقد جرت ترجمة هذا الشعور إلى المستوى الشخصي فوراً».

وفي الأقصر، المدينة القديمة جنوب القاهرة، زرت مطعماً بدا مهجوراً. قررت ألا أتناول الطعام هناك لأنه لم يكن به أحد. وبينما أنا أسير مبتعدة، خرج رجل مبتهج وبدأ يفتح أبواب المطعم بسرعة. كان هو صاحب المطعم، كما شرح لي، وقال إن باستطاعته تقديم البيض فقط. وقبل أن أرفض عرضه، سار عبر الشارع وذهب على متن دراجته النارية. عاد بعد عشر دقائق وهو يحمل مكوّنات وجبتي. أعدّ الوجبة وقدمها باهتمام بالغ، معرباً عن أمله بعودة المزيد من السواح.

وفّرت إنجازات المصريين الإلهام إلى المنطقة المحيطة. وبينما تستمر الاحتجاجات في الدول المجاورة شكّلت نجاحات مصر وتحدياتها الأخيرة نموذجاً للآخرين الذين يسعون لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية والديمقراطية. إن التزام هؤلاء المصريين الذين قدموا التضحيات دون أنانية، ومشاعرهم تجاه مصر الحرة هو مصدر للإلهام العميق والشعور بالتواضع.

تعلمت كأميركية أن الحرية ليست مجانية. إلا أنه من شبه المستحيل بالنسبة لي أن أتصور القوة والشجاعة المطلوبة فعلياً للوقوف دون خوف والدفاع عن هذه الحقوق. لقد أظهرت مصر بوضوح أن الحرية، رغم كونها مكلفة لحياتهم العملية، هي قضية تستحق التضحية

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3138 - الأحد 10 أبريل 2011م الموافق 07 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً