العدد 314 - الأربعاء 16 يوليو 2003م الموافق 16 جمادى الأولى 1424هـ

لقمة العيش وقساوة الظروف

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

شابة بحرينية أمسكت بقطع قماش مبللة بالماء وحملت سطل ماء لتغسل السيارات ولتلتحق بشباب بحرينيين سبقوها إلى تلك المهنة بحثا عن رزق حلال بعد ان ازدادت قساوة الظروف.

لا عيب في ان يحصل المرء على رزقه الحلال بأية وسيلة مشروعة، ولكننا ايضا لا يمكن إلا ان نستشعر الالم عندما تضطر الحاجة شابة إلى امتهان مهنة صعبة يضطر اليها الشباب الذين لا يسلمون من منافسة العمالة الاجنبية لهم حتى في هذه المهنة المتواضعة.

إن الحاجة إلى الشعور بقيمة ما هي التي تدفعنا جميعا إلى العمل في مجالات الحياة المختلفة، ولكن عندما تملك شابة مستوى من الدراسة يؤهلها لوظائف تليق بها وتضطر إلى العمل اليدوي الشاق فإن هناك خللا في انظمتنا التدريبية والتوظيفية. فأين وزارة العمل من المشروعات التي تقوم بها دول اخرى مثل تأهيل الباحثين عن العمل للحصول على وظيفة بواسطة «مراكز توظيف» تنتشر في كل مكان؟ لماذا لا تنشئ وزارة العمل شبكة المراكز بأسرع ما يمكن، وتربطها بقواعد المعلومات المتوافرة بها بحيث يمكن معرفة الباحثين عن عمل ونوعياتهم واحتياجاتهم التي من الممكن ان تؤهلهم للحصول على وظيفة لدى واحدة من المؤسسات الحكومية او القطاع العام او القطاع الخاص؟

الحكومة ينبغي ان تركز جهودها على توفير الحماية، ولكن ليس من خلال القرارات الفوقية التي لم تنفع ولا يمكن ان تنفع مع ازدياد عمليات تحرير الاقتصاد وخصخصة القطاعات المختلفة. الحماية هي توفير الارشاد الوظيفي والمتابعة مع الباحثين لتدريبهم على كيفية كتابة رسائل طلب وظيفة، وكيفية النجاح في المقابلات، والتدرب على المهارات الاساسية المطلوبة في الاعمال المختلفة. ويرافق هذه البرامج مد مظلة التأمين الاجتماعي للباحثين عن العمل من النساء والرجال حسب معادلة عادلة.

إن تخصيص جزء من المال العام لدعم العاطلين يثقل الموازنة، ولكن عدم تخصيص ذلك الجزء يخلق ازمات تثقل الموازنة بما هو اشد من ذلك. وعلى هذا الاساس فإن الدول المستقرة سياسيا والنامية اقتصاديا هي ايضا التي يتوافر لديها نظام حماية اجتماعي لكي لا يضيع الشباب ولكي لا تنفجر ازمات لا يمكن معالجتها بسهولة. اضافة إلى ذلك فإن الدولة حاليا تصرف الكثير في مجالات كثيرة ليس لها مردود واضح، وجزء من تلك المصروفات كفيل بتسهيل الامور على كثير من المواطنين.

على أن الحل على المستوى المتوسط والبعيد يكمن في استحداث نظام ضرائبي متكامل، وان تدفع الضرائب إلى مؤسسات خاضعة للمحاسبة الشعبية وباشراف ديمقراطي ذلك لان دفع الضرائب ارتبط تاريخيا مع دمقرطة الانظمة السياسية بحسب المقولة المشهورة «لا ضرائب من دون تمثيل سياسي».

التمثيل السياسي الخاضع للممارسة الديمقراطية من شأنه إحداث التوازن بين الطبقات المختلفة بحيث يقترب اكبر عدد من الناس إلى مستوى الطبقة المتوسطة، وتختفي (قدر الامكان) الطبقة الفقيرة. ولكي يستطيع ممثلو الشعب لعب ذلك الدور تقع عليهم مسئولية الارتباط المباشر والمعيشي مع الناس. وعلى هذا الاساس فإن كثيرا من المواطنين لم يكونوا مرتاحين من الازدياد الهائل في دخل اعضاء البرلمان والذي يرفعهم عن الطبقات الفقيرة وتحت المتوسطة وحتى المتوسطة فإنهم اصبحوا أعلى منها بعد مضاعفة المدخول عليهم من كل حدب وصوب.

قساوة الظروف التي يمر بها كثير من المواطنين (وهم في ازدياد) تدعونا جميعا إلى إعادة التفكير في طرق الحل المطروحة حاليا ونقدها لايجاد الحلول الاكثر نفعا وديمومة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 314 - الأربعاء 16 يوليو 2003م الموافق 16 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً