العدد 3146 - الإثنين 18 أبريل 2011م الموافق 15 جمادى الأولى 1432هـ

البحرين ملتقى للوئام

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

لا أعلم من أخاطب، فحتى بعض العقلاء في هذا البلد العزيز بدأوا يتأثرون بالخطاب المتشنج الداعي لإطلاق الاتهامات على العموم، والحذر والتخوف من مكونات اجتماعية بأسرها، بدلاً من خطاب التهدئة والحفاظ على اللحمة الوطنية والتقريب بين أبناء الوطن، فبات علاج الجراحات تائهاً في خضم الحالة المذهبية، والتعصب لوجهة النظر، وإغفال الاستماع إلى الآخر حتى وإن لم يكن له أي ذنب.

لذلك أوجه خطابي إلى كل بحريني غيور على وطنه، لا تُوجد للأزمات طريقاً إليك، فحتماً مآلها الزوال وأنت الراسخ العصي على الشتات، فلا تجعل الموتورين يقودونك إلى معاداة من يخالفك المعتقد ويشاطرك الدين، ولا تذعن لمن يفخخ المجتمع بالإشاعات والأخبار المغلوطة ليجرك إلى الانتقام من أبناء جلدتك.

كل صرح ولبنة في هذا البلد قام وارتفع كنتيجة للشراكة والتعاون والتعاضد بين البحرينيين من مختلف الطوائف والملل والألوان، ولا فضل لأحدهم على الآخر، وهم لا يترقبون عبارات الشكر والترحيب والثناء، فهذا واجبهم الذي عليهم أن يتفانوا ويتسابقوا فيما بينهم لتأديته بكل إخلاص، فالبيت والحي والمدرسة والشارع تمثل حالة رمزية تعبر عن الوطن في داخلنا، وطن لا نجد له مثيلاً في أقصى بقاع العالم، وطن لا يمكن أن نغادره لحظات دون أن نشتاق إليه، وطن لا خير فينا إن لم نحافظ عليه وعلى وحدة أهله وتلاصقهم ببعضهم البعض.

كم من عاصفة نحتاج حتى نستيقظ لنعي أننا نموج في البحر ذاته لا بحرين منفصلين، ولزاماً علينا جميعاً أن نتعاون لنتجاوز الموج قبل أن يجرفنا معه؟ فكفة واحدة غير قادرة على إرساء حالة التوازن على سطح مركب يتأرجح ما بين الوجود والعدم.

كم مجلد من كتب التاريخ علينا أن ننكب على قراءته بإمعان لنستوعب دروس الأجداد والآباء في مختلف مفترقات الطرق التي واجهتهم وكادت أن تودي بهم إلى الهلاك؟ وكيف استطاعوا أن يتعاملوا مع أحلك الظروف القاهرة؟ وما هي الدروس والعبر التي خرجوا بها لنتعلمها وننقلها إلى أبنائنا وأحفادنا منهجاً ينهلون منه الحكمة والموعظة؟

كم من شيخ بلغ منه العمر عتياً ماثل بيننا، يمكنه أن يوصل إلى أسماعنا حديث البسطاء العقلاء الأمينين على مدخرات الوطن، الحريصين على وحدة أبنائه وتماسكهم وتعايشهم الحميم؟ فقد بدأنا نفقد البوصلة وكل يوم يمضي يكلفنا المزيد من الخسائر التي قد لا يمكننا أن نعوضها مهما تقدمت بنا السنين.

علينا أن نشعل قناديل الخير، وأن نسلك طريق الأمل، وأن ننثر بذور المحبة، على أمل أن نحصد صفاء القلوب ونقاء السريرة وتسامي الأنفس على كل الخلافات.

فلنجعل البحرين ملتقى نجتمع فيه ليبدع كل منا لوحته، وينشد قصيدته، ويسطر فيها أروع العبارات، وليكن اللقاء مفتوحاً طوال اليوم، لا ينقطع مع شروق الشمس، ولا يُفض مع سدول الليل، وحبذا لو نبيت ونقضي فيه ما تبقى لنا من عمر، فبعيداً عن هذه اللقيا سنكون على شفا الضياع

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3146 - الإثنين 18 أبريل 2011م الموافق 15 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً