العدد 3149 - الخميس 21 أبريل 2011م الموافق 18 جمادى الأولى 1432هـ

تهيئة الأجواء للحوار الوطني

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«أصدر السلطان قابوس بن سعيد أمس عفواً عن 234 محتجاً اعتُقلوا في تظاهرات شهدتها مدن السلطنة خلال الشهرين الماضيين، في جرائم التجمهر في الطرقات العامة الواقعة في ولايات صحار وعبري وضنك وينقل، وتقرر إحالة المتهمين الذين ثبت ارتكابهم لجرائم إضرام النار في المنشآت العامة والخاصة وتعطيل السلطات العامة بالقوة وقطع الطرقات وتعطيل حركة السير وإهانة الموظفين العموميين والاعتداء عليهم إلى المحكمة المختصة لتطبيق العقوبات التي فرضها القانون على مرتكبي تلك الجرائم».

بهذا القرار الجريء يحاول السلطان العماني، كما يُفهم من هذه الخطوة، أن يطوي صفحة الأحداث الأخيرة من كتاب التاريخ العماني المعاصر، ويمضي قدماً نحو الأمام، تاركاً التاريخ وراء ظهره، من أجل التأسيس لـمجتمع عمان الحديثة المدني. يشد المواطن هنا إلى ما يجري في سلطنة عمان، ما تشهده البحرين من موجة اعتقالات شملت قيادات وقواعد من شاركوا في الأحداث الأخيرة، والتي يقترح ذلك المواطن أسوة بعُمان، أن تطوى صفحتها، من أجل تدشين مرحلة بناء بحرين المستقبل، على أن يتم ذلك وفقاً للنظرة المستقبلية التالية:

1 - عدم معاقبة الكل بجريمة القلة، وهو أمر نوّهت له مقالة جلالة الملك المنشورة قبل يومين في صحيفة «واشنطن تايمز»، حين قال في صراحة عُرفت عن جلالته «إنني كعاهل للبحرين يؤلمني أن أرى العديد من المتضررين جراء تصرفات القلة». ففي الحالة الجماهيرية التي اتسمت بها الأحداث الأخيرة، من الطبيعي أن تكون النسبة العالية ممن شاركوا فيها كانوا ضحية الحماس الذي ساد «دوار اللؤلؤة»، وهم بحاجة إلى النصح والإرشاد أكثر من المداهمة والاعتقال، خاصة عندما يؤخذ في الاعتبار شبابية نسبة عالية ممن ساهموا في أنشطتها.

2 - عدم التسرع في اتخاذ القرار، ومراعاة الدقة عند تنفيذه، وتوخي أقصى حالات الحذر، عند الاعتقال، ولاحقاً عند إصدار الحكم، تحاشياً لأي ضحايا أبرياء، كانت تهمتهم الوحيدة هي «الذهاب إلى الدوار»، الذي أَمَّه خلال تلك الأحداث الآلاف، إن لم يكن عشرات الآلاف من المواطنين، معظمهم من الشباب المتحمسين. المطلوب هنا أن تأخذ العدالة مجراها، وأن يُحاسَب كل من ارتكب جريمة، تم أثباتها». وبالقدر ذاته، لا يحتجز أو تصدر أحكام بحق أناس لم تثبت التهمة ضدهم، أو كانوا ضحايا لتهم باطلة.

3 - عدم الاستماع لروايات الوشاة، والمتسلقين، والانتهازيين، ممن ينتعشون في مثل هذه الحالات، ولا يكفون عن تشويه صور البعض وإلصاق تهم ضد البعض الآخر، دون ردع من ضمائرهم. ففي حالات كالتي تشهدها البحرين اليوم، ليس من المستبعد إلصاق التهم بالكثير من الأبرياء، لأسباب كثيرة واهية، وربما مختلقة. ولكي تأخذ العدالة مداها وتكون منصفة، ومن أجل تحاشي أية أخطاء من شأنها مس نزاهة «القضاء البحريني»، أو إلصاق التهم التي تمس نزاهته، لابد من وضع مقاييس صارمة، ولوائح إجرائية ولو مؤقتة، التي من شأنها تأمين سلامة القضاء، والتصدي لكل من يريد حرفه عن طريقه السليمة.

4 - الحرص على الإسراع في إطلاق سراح كل من لم تثبت إدانتهم، بعد ضمان محاكمات عادلة لهم، تتبين من خلال جلساتها الحقائق التي تميز بين من يستحق العقاب ومن لا يستحقه. وبالقدر ذاته، عدم التسامح، وإنزال العقوبات بكل من سمح لنفسه بارتكاب أية جريمة، مهما كانت صغيرة، فالقانون لا يميز بين ما هو صغير وكبير من أجل فرض عدالته، وضمان عدم التلاعب بالإجراءات التي تصونه وتؤمن حمايته. ومن الطبيعي أن يمارس إطلاق سراح الأبرياء دوراً إيجابياً في تهيئة الأجواء لحوار مثمر مفيد، وهو أمر شدد عليه جلالة الملك في كافة اللقاءات التي دعا إليها، وآخرها كان لقاء الأمس بمجموعة مختارة من رجالات البحرين وشخصياتها المتميزة.

لأجل كل ذلك، ولضمان نجاح إجراءات تهيئة الأجواء للحوار الذي دعا له سمو ولي العهد، وباركه جلالة الملك، وما يزال متمسكاً به، وحث عليه سمو رئيس الوزراء، ويصر على إنجاحه، يناشد المواطن البحريني قيادته الثلاثية، ومن منطلق تمسكه بميثاق العمل الوطني، وحرصه على صيانة مواد دستوره، أن تباشر في الإقدام على الخطوات الضرورية، وفي المقدمة منها وقف اعتقال الأبرياء، التي تمهد الطريق أمام ذلك الحوار، الذي هو وحده بوسعه انتشال البحرين من المأزق الذي وصلت إليه، والإبحار بها إلى شطآن الأمان

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3149 - الخميس 21 أبريل 2011م الموافق 18 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً