العدد 3156 - الخميس 28 أبريل 2011م الموافق 25 جمادى الأولى 1432هـ

في الاستثناء رحمة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«وكانت مملكة البحرين قد نفذت حكم الإعدام في أربع مرات منذ العام 1978، مما مثل وقفاً فعلياً لتطبيق العقوبة، رغم أنها احتفظت بحقها في تطبيقها في القضايا الإجرامية». بهذه العبارات التي تنضح بسماحة الحكم في مملكة البحرين، وطيبة قلب حكامها، ذيلت المتحدث الرسمي لهيئة شئون الإعلام ميسون سبكار تصريحها بشأن محكمة السلامة الوطنية الابتدائية الصادر يوم الخميس (28 أبريل/ نيسان 2011)، فيما يوحي باحتمال تخفيف حكم الإعدام إلى ما هو أقل منه شدة، ويثبت أن أحكام الإعدام وتطبيقها ليست ظاهرة شائعة في محاكم البحرين وقضائها.

عند تناول قضية مقتل الشرطيين (شهيدي الواجب)، كاشف أحمد منظور ومحمد فاروق عبدالصمد، لابد من التأكيد على الحقائق الآتية:

1. مشاركة المواطنين البحرينيين الصادقة ذوي الشهيدين وأصدقائهم أحزانهم، وتيقنهم بأنه لا يمكن تعويض هؤلاء الأهل عن غالٍ فقدوه، مما يتضمن أيضاً شجبهم لكل أشكال العنف، التي لا يمكن أن تكون الأداة، أو الوسيلة لحل الخلافات بين أفراد الأسرة الواحدة، وفي نطاق المجتمع المتآلف مثل المجتمع البحريني. فالعنف لا يمكن أن يولد علاقة تخلو منه.

2. ليس هناك من يحق له أن يشكك في نزاهة القضاء البحريني، وخصوصاً في هذه القضية التي كشفت هيئة شئون الإعلام، في اللقاء الصحافي الذي عقده رئيسها الشيخ فواز بن محمد آل خليفة، الكثير من ملابساتها، وألقت المزيد من الأضواء على تسلسل أحداثها بما يثبت وقوعها.

3. إن المتهمين، كما ظهر في شريط الفيديو المسجل في ذلك اللقاء الصحافي، قد أدلوا باعترافاتهم الصريحة التي كشفت تورطهم في تنفيذ العملية التي أودت بحياة الشهيدين، الأمر الذي يقود «قضائياً» إلى عدالة تنفيذ حكم الإعدام فيمن استحقه منهم.

هذا على مستوى العدالة الصرفة، وباتباع إجراءات القضاء التي تخضع لها مسارات قضية معقدة من مستوى تلك التي نتحدث عنها. لكن، وكما يقول المثل «لكل قاعدة استثناء»، وربما ونحن نتحدث عن قضية استشهاد المغفور لهما منظور وعبدالصمد، يحضرنا الاستثناء الذي يمكن أن يحول قاعدة إعدام من يقتل إلى رحمة، بصدور حكم أقل شدة. يدفعنا في طلب مثل هذه «الرحمة الاستثناء» بحق من أقدموا على تنفيذ الجريمة الأمور الآتية:

1. طيب قلب جلالة الملك وحكمته وطول باله، ولجوئه في كثير من الأحيان إلى الاستثناء بدلاً من الخضوع للقاعدة، ولعل آخر تلك الاستثناءات، كانت تقديم جلالته «التمر والمياه الباردة»، لمن توجهوا إلى قصر الصافرية في مظاهرة كانت تهتف – لاقدر الله – «بسقوطه»، وتدعو عليه بما هو أسوأ من ذلك. لقد خرج جلالته عن الطريق الاعتيادية وأصر على أن يؤكد وللمرة الألف عن طيبة قلبه، وصفاء سريرته، ويأخذ بالاستثناء، فقابل اليد التي امتدت ضده بحسنة لم تكن تتوقعها. فكان الاستثناء الملكي رحمة بأبنائه ممن خرجوا مضللين، وتوجهوا إلى الصافرية.

2. مرونة القضاء البحريني، وحرصه على الأخذ بأخف الأحكام الممكنة، بدلاً من الإصرار على أشدها، رغم ثبوت التهمة، ووضوح الحكم، لكنه - أي القضاء - يقبل بالاستثناء رحمة بالمتهمين، وتحاشياً لأية انعكاسات سلبية متوقعة. مثل هذا السلوك الرحيم لا يأتي بأي شكل من الأشكال على حساب تمسك القضاء البحريني بنزاهته. هذه الاستثناءات هي التي أوردتها سبكار، في تصريحها، حين أعلنت أنه خلال ما يزيد على ربع قرن، لم ينفذ في البحرين أكثر من 4 أحكام إعدام، على رغم معرفة الجميع أن هناك حالات كثيرة تحولت أحكام الإعدام فيها إلى ما هو أخفّ منها.

يناشد المواطن البحريني القضاء، ولا يلزمه، ويتطلع إلى جلالة الملك، ولا يطالبه، كي تتضافر جهودهم جميعاً من أجل اللجوء إلى الاستثناء، بدلاً من التقيد بما تفرضه القاعدة، إن لم يكن رحمة بالمتهمين، ممن ثبتت التهمة عليهم، فمن أجل ذويهم الذين لا يقبلون بما اقترفته أيادي أقربائهم المتهمين من جريمة.

نأمل أن يسود الاستثناء، ففي الاستثناء، وفي كثير من الأحيان، الرحمة التي يحتاجها المجتمع كي يصلح أمره، ويعيد الاستقرار إلى ربوعه، وينشر المحبة بين أفراده ويزيد من لحمتهم، بغض النظر عن مواقعهم في ذلك المجتمع

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3156 - الخميس 28 أبريل 2011م الموافق 25 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً