العدد 316 - الجمعة 18 يوليو 2003م الموافق 18 جمادى الأولى 1424هـ

بعض الحوار حول التجنيس «خطره» ليس اقل من التجنيس السياسي ذاته

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

«ندوة التجنيس السياسي» التي اقامتها الجمعيات السياسية الاسبوع الماضي سلطت الاضواء على موضوع في غاية الحساسية السياسية لارتباطه بأكثر من قضية واحدة. والفيلم الذي عرضته الندوة مع عدد من الذين حصلوا على الجنسية اثار الجمهور واعتبر مؤشرا على تغيير في الخطاب المطروح عن هذا الموضوع. فيما قالت الجمعيات السياسية ان ما حدث «خطأ سياسي» يجب معالجته، قال مسئول رسمي ان كل ما حدث تم على اسس قانونية وشفافية واضحة.

الذين يتعاطون في الموضوع منذ بدء الحديث عنه تنوعت خطاباتهم. فالبعض تحدث عن الجانب الاقتصادي والاعباء على الخدمات التعليمية والصحية والسكنية خصوصا مع استمرار الاختناق السكاني في منطقة محدودة من جزر البحرين. وفي هذا الخطاب استخدم المتحدثون معادلات اقتصادية مشيرين إلى ان الدول الاخرى تقوم بعمليات تجنيس في حال كان ذلك سيوفر مزيدا من المال او الخبرة إلى بلادهم. فأميركا والمانيا تستهدفان تجنيس المهندسين الهنود المتخصصين في برمجة الكمبيوتر لانهم من الافضل عالميا، ودول اخرى تعطي الجنسية لمن يجلب معه مبلغا كبيرا من المال. وهذا المنطق الاقتصادي له ضوابطه، بمعنى ان القادمين يدخلون في انظمة المجتمع وينصهرون داخل اطره ولا ينفصلون او يستحوذون على ما من شأنه ان يؤثر ثقافيا او سياسيا على البلاد المضيفة.

خطاب آخر ينظر إلى الجانب السياسي في الموضوع ويرى في ان عملية التجنيس ينبغي ان تكون شفافة وواضحة لكي لا تثار الشكوك في الاهداف الكامنة خلفها. فهل ان فتح باب التجنيس لهذه الفئة او تلك بأسلوب معين له هدف سياسي وعلى اساسه يمكن التضحية بالاقتصاد والخدمات والمعايير الاخرى؟

المسئولون حاولوا الرد باقتضاب على الموضوع، وهذا دفع الجمعيات السياسية للبحث بنفسها عن اجوبة ووثائق. البرلمانيون طرحوا اسئلتهم وهم موعودون بنقاشات بعد العودة من العطلة. ولكن الاجندة السياسية تحركت سريعا في عطلة الصيف التي عكست حرارة طقسها على النقاش الدائر.

الجمعيات السياسية تطالب بلجنة وطنية يشتركون فيها، ولكن هذا المطلب قد يكون بعيد المنال لأن هناك لجنة برلمانية تنتظر الانعقاد. والجمعيات السياسية قد لا تذهب الى خيار التعاون مع البرلمانيين بسبب موقف الجمعيات المقاطعة (وهي اربع جمعيات وجزء رئيسي للتحالف السداسي).

ملف التجنيس يختلف عن ملف البطالة على رغم ان الاثنين يمثلان اكثر الملفات حساسية وبامكانهما تصعيد وتيرة الحوار الوطني إلى درجة اعلى مما هو الوضع عليه حاليا. فالتجنيس يرتبط «بالنوايا» اكثر من ارتباطه بفاعلية الاستراتيجية الرسمية كما هو الحال في ملف البطالة.

ودورنا في الصحافة يفرض علينا عرض وجهات النظر المختلفة حتى لو لم نؤيد وجهة النظر المطروحة باتجاه معين. كما اننا نتحرك وأمامنا خشية من عواقب قد لا تكون محسوبة ومفهومة لمن يطرح الامور بلغة لا يمكن لأية وسيلة إعلامية الاخذ بها. وهذا امر لايختص بوضعنا فقط، فحتى في البلدان التي لديها قوانين صحافة متطورة، فالصحافة هناك لا تتمكن من نشر كل ما يقال في ندوة ما. هذا بينما يتمكن من يتحدث في ملتقى الكتروني ان يقول (او حتى يشتم) كيفما يشاء، لانه بدون حساب وبدون روادع ذاتية. وانعدام الخشية من حساب دنيوي (او حتى أخروي) لدى البعض يفسح لهم المجال للقذف واشعال الحريق في اي شيء.

ولذلك فإن الوضع يتحول الى وضع اشبه بوضع «الاحمق الذي يقرب البعيد ويبعد القريب»، بدلا من ان يصل الى أي نتيجة تنفعه في النهاية

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 316 - الجمعة 18 يوليو 2003م الموافق 18 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً