العدد 3167 - الإثنين 09 مايو 2011م الموافق 06 جمادى الآخرة 1432هـ

مع اقتراب انتخابات المجلس التأسيسي في تونس: تصريحات نارية وردود قوية ومظاهرات شعبية

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

تدخل البلاد التونسية بعد ثورة 14 يناير/ كانون الثاني 2011 المجيدة وفي ظرف زمني دقيق حالة من التصريحات والتصريحات المضادة بين شخصيّتي وزير الداخلية السابق القاضي فرحات الراجحي والوزير الأول في الحكومة المؤقتة الباجي قايد السبسي.

فجرت تصريحات الراجحي الوضع الأمني في البلاد حيث وجد فيها الكثير من الغاضبين على أداء الحكومة المؤقتة دليلا على شكوكهم ومخاوفهم من التفاف بعض قوى الردة على مطالب الثورة، في حين رآها بعض المحللين السياسيين في غير وقتها وغير مسئولة لغياب الأدلة القطعية فيما ذكره الراجحي.

وبعد ثلاثة أيام من الاحتجاجات في الشارع والمعالجة الأمنية العنيفة مع المتظاهرين سلميا، ظهر مساء الأحد 8 مايو/ أيار الماضي رئيس الحكومة المؤقتة في حوار صحافي تلفزي ليرد عن تساؤلات الصحافيين فيما يتعلق بتصريحات الراجحي وغيرها من النقاط الغامضة في أداء الحكومة المؤقتة.

فلقد نفى كليا ما جاء على لسان وزيره السابق متدرجا في وصفه من الفاسق إلى الكذاب فغير المتحضر حتى انتهى به إلى «المريض»، وعلل إقالته من منصبه السابق بكون أدائه لم يكن في المستوى المأمول من وزير الداخلية في مثل هذه المرحلة الحساسة.

ولعل من أخطر ما جاء في تصريحات الراجحي وجود حكومة ظل تعمل في الخفاء بقيادة صاحب الأعمال الكبير كمال لطيف. وهذا ما أثار حفيظة السبسي المعروف بقوة شخصيته والكاريزما المتميزة معتبراً أنه لا توجد سوى حكومته حيث لا يحكم معه أحد في الدولة متحملا في ذلك مسئوليته محاولا بذلك استرجاع هيبة الدولة من خلال هيبته الشخصية، بل واعتبر أن تصريحات الراجحي مشبوهة في نزاهتها زمنيا حيث جاءت إثر توافق نسبي حاصل بين السياسيين على المشروع الانتخابي للمجلس التأسيسي في 24 يوليو/ تموز 2011 بعد فترة طويلة من الاختلاف بينهم. ورأى أن هذا التصريح جاء ليزج بالبلاد في أتون الفوضى ويدخل البلبلة والفتنة والفرقة وربما يؤخر من آجال انتخاب المجلس التأسيسي الذي تصر الحكومة على احترام موعده.

لكن يرى معارضون لتوجهات الحكومة المؤقتة أن تصريحات الراجحي هي بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس وخاصة لما لوحظ من تباطؤ في أداء الحكومة إزاء الملفات الأمنية ومحاكمة رموز الفساد وعدم التقدم السريع في ملف استرجاع أموال عائلتي بن علي والطرابلسي خارج التراب التونسي، فضلا عن الانفلات الأمني في أكثر من جهة وخاصة ظاهرة فتح السجون وهروب بعض المساجين منه.

ولئن كانت توضيحات السبسي بطريقته ولهجته المحلية في كثير من الأحيان مقنعة للبعض وخاصة في مجال مقاضاة المتهمين واستقلالية القضاء فإن رده على ظاهرة القناصة إبان الثورة كان غير واضح، أما عن تفسير زيارة الجنرال عمَّار لدولة قطر فحدث ولا حرج حيث ربط تلك الزيارة بإجراء مباحثات في مجال الاستثمار والتعاون الاقتصادي وهو ما يكون عادة من مشمولات أصحاب الاقتصاد والمال والأعمال.

والسؤال اليوم، وبعد ثورة الكرامة والحرية، هل مازالت الطبقة الشعبية عموما والسياسية خصوصا تتحمل هذا الغموض من قبل رجال الدولة؟ هل مازالت تتحمل مثل هذه الرجات والتصريحات الخطيرة؟ أليس من الحكمة أن تتحمل الطبقات السياسية وخاصة الأحزاب دورها في قيادة الشارع؟ ألم تكفها أربعة أشهر لتنصهر وتهضم تطلعات التوانسة؟ هل من المعقول أن ينفعل التونسي لمجرد تصريحات هي إلى الخواطر والآراء أقرب منها إلى الحقائق السياسية؟

أم لعلها من باب «ربَّ ضارة نافعة»، حيث دفعت الحكومة إلى الحضور الإعلامي والدفاع عن نفسها، بدل أن تتراكم حولها الشكوك؟

نحن على يقين من أن الثورة التونسية كبيرة مبهرة بسلميتها وهي مستمرة ترتكب الأخطاء وتتعثر ولكنها من عثراتها تتعلم، تقوم من كبوتها وتواصل السير، والتوانسة واعون أنهم في هذه الثورة إنما يواجهون النصر والهزيمة بالعزيمة نفسها

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3167 - الإثنين 09 مايو 2011م الموافق 06 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً