العدد 3175 - الثلثاء 17 مايو 2011م الموافق 14 جمادى الآخرة 1432هـ

البحرين... ثنائية بامتياز

منصور محمد سرحان comments [at] alwasatnews.com

تتميز البحرين عن غيرها من دول العالم بثنائيتها المميزة التي أصبحت رباطاً مقدساً يحرص الجميع على حفظه وصيانته والافتخار به. وإن من يحاول عبثاً فصم عرى تلك الثنائية فإنه واهم ويعيش في عالم آخر لأنه يطلب المستحيل.

وتتجسد الوطنية وحب الوطن في المحافظة على ثنائية البحرين... بل هي المعيار الحقيقي للمواطن النزيه والشريف. فالوحدة هي المطلب الحقيقي للأمة حيث تكمن تلك الوحدة في الحفاظ على ثنائية البحرين.

تبدأ ثنائية البحرين من اسمها المكون من «بحرين» وليس «بحراً» واحداً حيث تذكر بعض المصادر التاريخية ان سبب هذه التسمية توافر المياه العذبة في قيعان البحار المحيطة بالبحرين وكذلك لما عرف عن هذه الجزيرة في السابق بكثرة ينابيعها وعيونها الطبيعية وأنهارها الدافقة. وعلى أي حال فإن ثنائية هذا الاسم لا يمكن فصمها، فهي ثنائية مقدسة، وإن محاولة فصمها يعني الإخلال باسم البلاد.

الثنائية الثانية تتمثل في لوني علم البحرين المكون من اللون الأبيض والأحمر. فالأبيض يعني السلام والأحمر يعني الدفاع عن تربة الوطن بالدماء. ومن غير المعقول أو المنطق العمل على محوِ لونٍ واحد بحيث يكون العلم كله أبيض أو أحمر لأن في ذلك انتقاصاً للسيادة وهيبة المملكة.

الثنائية الثالثة البحر والزراعة المتمثلة في زراعة النخلة. فقد عاش الأجداد والآباء على هذه الثنائية التي كانت مصدر رزقهم. فالبحر الذي يمثل الأب هو مصدر اللؤلؤ الطبيعي الذي اشتهرت به البحرين منذ تاريخها القديم في عهد دلمون وحتى ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين. اما النخلة فهي بمثابة الأم وكانت ولاتزال تمثل بارتفاعها وشموخها فخر شعب البحرين واعتزازه. وقد ارتبط المواطن البحريني عبر التاريخ بالنخلة باعتبارها مصدر رزقه الرئيسي مستخدماً منتجاتها في جميع أمور حياته المعيشية من حيث السكن، والأثاث، والوقود، والدواء، وأدوات الزينة، إضافة إلى اعتماده على رطبها وتمرها في حياته الغذائية.

وصدق شاعر البحرين الكبير الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة عندما أشار إلى هذه الثنائية المقدسة في قصيدته بعنوان: «البحرين موطن الجمال» قائلاً:

تعال إلى (أوال) ترى جمالاً

تصوره الشواطئ والنخيلُ

تجاريه إذا ما طفت حتى

يصيبك من تأمله الذهولُ

الثنائية الرابعة والمهمة هي مجتمع البحرين المكون من الطائفتين الكريمتين المتحابتين الشيعة والسنة. وتزداد هذه الثنائية خصوصية كونها ثنائية إنسانية عاقلة ما جعل هاتين الطائفتين ترتبطان برباط القربى والنسب من خلال التزاوج من بعضهما بعضاً، وكذلك من خلال أواصر الصداقة، والمشاركة في كثير من الأعمال الاقتصادية والاستثمارية، إضافة إلى علاقة الجوار.

وحيث إن المجتمع البحريني مجتمع متعلم ومثقف وصاحب حضارة عريقة تميزه عن بقية الشعوب الأخرى، فقد أثرت فيه تلك الصفات الحميدة وأصبح شعباً متسامحاً وعلى خلق كبير. فبالرجوع إلى انتهاء عصر الجاهلية وبداية الإسلام المحمدي؛ فإن شعب البحرين آنذاك دخل في الإسلام من غير حرب لأنه وجد الدين الإسلامي هو الدين الحق ودين التسامح وهي الميزة التي عرف بها شعب البحرين.

ثنائية الشيعة والسنة في البحرين هي الفسيفساء الرائعة والعظيمة لشعب رائع وعظيم، وإن الحفاظ على وحدة الصف ومتانة العلاقات بين الجميع هو رباط مقدس ومحل احترام الجميع.

لقد ثبت لنا أنه من المستحيل تغيير ثنائية البحرين كاسم، وكعلم، وكطبيعة، ومجتمع، وإن من يحاول الإخلال بهذه الثنائيات فلن يكتب له النجاح لأنه يتحدى المنطق. فهل يمكن فقع عين إنسان أو قطع إحدى ساقيه أو يديه ويقال له... عش طبيعيّاً.

إن الشيعة والسنة في وطن واحد بمثابة اليدين والرجلين والعينين في جسم واحد لا يمكن أن يفترقا... وعليه فإنني أدعو الجميع من خلال مقالتي هذه كما دعوت في مقالات سابقة نشرت في صحافتنا المحلية إلى نبذ الطائفية لأنها تفرق ولا تجمع... ولأنها تمزق الوحدة الوطنية... ولأنها في النهاية تدمر الوطن والمواطن. كما لا يليق بنا، نحن أبناء حضارات عريقة هي: حضارة دلمون وتايلوس والحضارة الإسلامية، وحضارة العصر الحديث ونحن نعيش في العقد الثاني من الألفية الثالثة أن نفرق بين بعضنا بعضاً أو أن نقصي بعضنا عن بعض، والخالق جل جلاله يقول «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَّلا تَفَرّقُوا» (آل عمران: 103) صدق الله العظيم

إقرأ أيضا لـ "منصور محمد سرحان"

العدد 3175 - الثلثاء 17 مايو 2011م الموافق 14 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً