العدد 3200 - السبت 11 يونيو 2011م الموافق 10 رجب 1432هـ

التعليم... قراءة في رد مجلسي الشورى والنواب على الخطاب الملكي

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

ندرك وبشكل قاطع أن التعليم أولوية من أولويات عملية الإصلاح، وهذا ما تمَّ التأكيد عليه في ورشة العمل التي دشنها سمو ولي العهد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، باعتباره من القطاعات الأساسية التي تركز عليها الحكومة ومجلس التنمية الاقتصادية.

من هنا نقدم للقارئ رؤية كل من أعضاء مجلسي الشورى والنواب لملف مهم يتوقف عليه مستقبل البحرين، أعني ملف «التعليم».

حاولت إخضاع لفظ «التعليم» المشار إليه في رد مجلسي الشورى والنواب على الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الاعتيادي الأول من الفصل التشريعي الثالث لشيء من التحليل والتفسير.

بداية، لم يخفِ أعضاء مجلس الشورى تطلعهم إلى وضع استراتيجية لتطوير جميع مراحل التعليم، وخاصة التعليم الجامعي.

هذا التطلع يقودنا إلى سؤال عام: كيف يكون النظام التعليمي متطوراً؟ قد تكون الإجابة باختصار أن التدريس مهنة، ولها مكانتها الأخلاقية والمهنية بين سائر المهن المرموقة وذات الدخل المرتفع، إذاً فنحن نميل إلى «تمهين التعليم»، لاستقطاب الكفاءات العلمية للانضمام لمهنة التدريس، ووضع المعلم على الدرجة التخصصية مثل المهندسين والأطباء.

إن فلسفة النظام التعليمي قائمة أساساً على التطوير، فعملية إصلاح التعليم تبدأ من نقطة ولا تتوقف عند حد معين، فالبداية كما يرى البعض إنما تكون من التعليم الأساسي، وإلحاق قطاع رياض الأطفال بالمرحلة الابتدائية.

ليس ذلك فحسب، وإنما الاندفاع نحو مواكبة متطلبات سوق العمل، لذا برزت الكثير من المبادرات والمشاريع التطويرية بالمرحلة الثانوية نذكر منها على سبيل المثال: مشروع «التلمذة المهنية»، والذي يهدف إلى الارتقاء بمستوى المهارات لدى الطلبة، من خلال تطبيق نظام تشارك في إعداده وتنفيذه «سوق العمل»، لضمان إتقان الطلبة للكفايات المهنية الأساسية التي تحتاجها سوق العمل.

لدينا أنظمة خاصة بالتقويم والامتحانات، وهي تخضع بين الفينة والأخرى إلى عملية مراجعة، وخصوصاً بعد المراجعة الأخيرة لوزارة التربية والتعليم لأنظمة التقويم في جميع المراحل الدراسية والتأكيد على المرحلة الثانوية، لعلاقة نتائج التقويم بالابتعاث ومستقبل الطلبة الدراسي في المرحلة الجامعية، تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية.

بعد المرحلة الثانوية، لا يخفى على الجميع أن التعليم الجامعي يتعرض حالياً للمساءلة، ربما كان بسبب بعض القرارات التي هزت مؤخراً أركان عدد من الجامعات الخاصة، ووقف البرامج والتسجيل، والتلويح بغلق البعض منها، إن لم تلتزم بالمعايير الموضوعة من قبل مجلس التعليم العالي من حيث تصحيح الأوضاع.

قبل أيام صدر مرسوم ملكي بتعيين رياض يوسف حمزة أميناً عاماً لمجلس التعليم العالي، وأملنا أن يبدأ أولاً بتنقية الأجواء ومد جسور التواصل بين مجلس التعليم العالي والجامعات الخاصة، على أسس علمية ومهنية بحتة، من خلال المضي قدماً في تنفيذ خريطة الطريق، أعني بذلك «الاستراتيجية التي تمَّ وضعها لتحسين التعليم العالي مع معهد سياسات التعليم العالي في المملكة المتحدة».

نتفق مع توجيه مجلس الشورى إلى تطوير أسس اختيار المعلمين، وتوفير التدريب المناسب وتحسين أوضاعهم المعيشية لاستقطاب العناصر المؤهلة، في وقت تجدر الإشارة فيه إلى تأسيس كلية المعلمين باعتبارها من المبادرات المهمة للارتقاء بمستوى التعليم، وخصوصاً أن عدداً من الطلبة المتفوقين دراسياً قد التحقوا بها، وهذا بحد ذاته مؤشر يبعث على التفاؤل، في الوقت نتطلع مستقبلاً إلى تصحيح نظرة بعض الشباب الخريجين أصحاب المعدلات المرتفعة في لوحة الشرف تجاه مهنة التدريس، لينضموا إلى هذا السلك المهم، وبذلك نضمن وجود الشخص المناسب في المكان المناسب، وهذا الكلام ينسحب على المنح الدراسية العالمية، فكم سنكون سعداء عندما نسمع بتخصيص بعض المقاعد في برنامج سمو ولي العهد للمنح الدراسية لإعداد كوادر متميزة من المعلمين البحرينيين.

علاقة التعليم الحكومي بالخاص، كانت حاضرة في رد الشورى، من أجل إيجاد توازن بين مخرجات التعليم الخاص والعام، وتحقيق المساواة في الفرص التعليمية والعملية بين المواطنين.

وفي هذا السياق، دعونا نتكلم بصراحة. سنوات وهناك البعض ممن لايزال يؤكد ضرورة تبادل الزيارات الصفية بين المعلمين داخل المدرسة الواحدة في المدارس الحكومية، وفي النهاية: ما النتيجة؟

نقول: المعيار على مستوى الممارسة هو الشراكة التربوية، والذي يتمثل في إيجاد مشروع توأمة بين التعليم الحكومي والخاص، على مستوى تبادل خبرات المعلمين والطلبة، هذا إن كنا فعلاً نؤمن بأهمية الانفتاح والتكامل بين المؤسسات الرسمية والخاصة.

«العدالة التربوية» لم تغب هي الأخرى في رد الشورى، من خلال التأكيد على الاهتمام بتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة عن طريق زيادة الدعم المخصص للمؤسسات الخاصة التي تعنى بهذه الفئة، والتي ساهمت في تخفيف العبء عن كاهل الدولة فيما يتعلق بهذه الخدمة.

دعوة «الشورى» على مستوى منهج المواطنة وتنمية مبادئ حقوق الإنسان بجميع المراحل الدراسية في المناهج الدراسية لدى الناشئة، تعبر عن رغبة في إعادة تأثيث وعي أبنائنا الطلبة فيما يتعلق بمفهوم التربية على المواطنة وحقوق الإنسان، فهي «تربية معرفية وقيمية» في الوقت ذاته، وتتماشى مع البند 4 من المادة 3 من قانون رقم (27) لسنة 2005 بشأن التعليم «تنمية الوعي بمبادئ حقوق الإنسان وتضمينها في المناهج التعليمية».

بمعنى أن تكون مفاهيم حقوق الإنسان ماثلة أمام الطلبة في المؤسسات التعليمية وفي يومياتهم، من خلال الإدارة الديمقراطية وتقييم ممارسات المعلمين وسلوكيات الطلبة مع بعضهم البعض، بحيث نتجاوز الأطر الكلاسيكية كالاحتفال بمناسبة يوم المرأة أو يوم الطفل أو يوم العمال وغير ذلك مما لا نقلل من أهميتها وفاعليتها.

على مستوى مجلس النواب، فقد أشار في رده على الخطاب الملكي إلى وجود أرقام كبيرة للعمالة الوافدة، والمدرسين المتعاقدين من خارج البلاد، في وقت تتزايد فيه أعداد البطالة بين الجامعيين، ويحرم حملة المؤهلات العليا من تبوء دورهم المناسب في إحداث التنمية البشرية.

هذا الرد يحمل في طياته توجساً تجاه مستقبل الموارد البشرية البحرينية المعطلة، والمتمثلة في وجود عاطلين جامعيين يتزايد عددهم سنة بعد أخرى، بمعنى أننا بدأنا نقع في أخطاء على مستوى السياسات والبرامج الاقتصادية.

في نهاية المطاف، يناشد النواب عاهل البلاد ليوجه المسئولين إلى الاهتمام بموضوع العاطلين الجامعيين، ووضع جدول زمني للقضاء على هذه الظاهرة، وذلك بإعادة تأهيلهم وتدريبهم، وإحلالهم محل العمالة الوافدة، وهي إشارة بالغة الأهمية

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3200 - السبت 11 يونيو 2011م الموافق 10 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً