العدد 3228 - السبت 09 يوليو 2011م الموافق 07 شعبان 1432هـ

الجهود الإندونيسية للدفاع عن التعددية الثقافية

تيستريونو

أدت حالات من عدم التسامح الديني وقعت في إندونيسيا مؤخراً ببعض المراقبين لأن يقلقوا من أن يكون مديح الرئيس الأميركي باراك أوباما للتسامح الديني في إندونيسيا خلال زيارته في نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 مبالغاً فيه. عملت التصريحات الرسمية والبيانات الصادرة عن مسئولي الحكومة الإندونيسية على إضعاف الثقة بالأقليات الدينية وفاقمت النزاع بين الأقليات الدينية والغالبية السنية من السكان في بعض المجتمعات الإندونيسية.

يعتبر المسئولون الحكوميون في إندونيسيا أحياناً قضايا الحريات الدينية من خلال عدسة مصالحهم السياسية المحددة. على سبيل المثال، أصبح من الشعبي مؤخراً بين المسئولين الحكوميين في إندونيسيا تحديد الأقليات الدينية وتهميشها. وتتراوح جهودهم بين منع العبادة أو الممارسات الدينية وتحديد الوصول إلى فرص العمل بناءً على أسلوب اللباس، إلى رفض طلبات تصاريح بناء أماكن عبادة وتنفيذ تفسيرات محافِظة للقانون الإسلامي. وهم يعتقدون بشكل خاطئ أن هذه الأعمال ستحدّ من النزاع وتزيد من شعبيتهم.

منذ تأسيسها العام 1945؛ رحبت إندونيسيا بأتباع جميع الديانات في ممارساتهم لدياناتهم. وعلى رغم أن سكان إندونيسيا مسلمون في غالبيتهم، تتعايش الديانات المتنوعة والطوائف الإسلامية المختلفة بسلام، ومنذ قرون خلت، تقف مساجد السنة والشيعة جنباً إلى جنب مع المعابد الهندوسية والبوذية (والتي تأسس بعضها منذ القرن السابع عشر). وقد تُركَت حتى جماعة الأحمدية الدينية، التي أتت إلى إندونيسيا في مطلع القرن التاسع عشر، والتي أسسها ميرزا غلام أحمد، وهو زعيم ديني هندي ادعى أنه المخلِّص الموعود الذي تنبأ بقدومه النبي محمد (ص)، تركت من دون إزعاج حتى السنوات الأخيرة.

لحسن الحظ أن التسامح الديني في إندونيسيا ليس هو بالمجال المقتصر على الحكومة، حيث تحاول جماعات أخرى وبنشاط ملء الفراغ. وعلى رغم توجه مثير للقلق بين المسئولين لتجنب النزاع بين الجماعات الدينية بدلاً من التعامل معه، من الأهمية بمكان عدم نسيان المبادرات البناءة العديدة المستمرة في إندونيسيا لجسر الصدوع بين المجتمعات الدينية المتنوعة بين الديانات وعبرها.

ويجب أن يتم الاعتراف بفضل منظمات المجتمع المدني في إندونيسيا، حيث تشكّل اليوم أعمدة التناغم الديني في إندونيسيا. في مارس/آذار 2011، على سبيل المثال، قام مركز دراسات الإسلام والمجتمع بجامعة الدولة الإسلامية في جاكرتا بالتعاون مع السفارة الكندية بتنظيم مؤتمر دولي في جاكرتا لتشجيع التعددية الثقافية في جنوب شرق آسيا. وشكّل المؤتمر الذي حضره علماء من دول في جنوب شرق آسيا وكندا وأستراليا فرصة للتشارك في خبرات عن ممارسة التعددية الثقافية، وأثار اهتماماً لإنشاء جهود ثنائية أو متعددة لتجميع الموارد ومواجهة التطرف المتصاعد.

كذلك يجري تشجيع التعددية الثقافية على الأرض في إندونيسيا من خلال البرامج التدريبية في المدارس الدينية. تعرّف هذه البرامج كلاً من الأساتذة والطلبة على مجموعة من الأساليب لخوض تجربة شعور من الإنسانية المشتركة في حياتنا اليومية، ويديرها ناشطون من المجتمع المدني من منظمات مثل مؤسسة بارامدينا (وهي مؤسسة تعمل في مجال التعليم) بالتعاون مع مؤسسة آسيا، وهي منظمة غير حكومية ملتزمة بتطوير منطقة سلام وازدهار في حوض آسيا الباسفيكي، ومؤسسة كارونا بالي، وهي منظمة غير حكومية توفر فرص التعليم والنمو الفردي لهؤلاء في بالي.

وقد تم تدريب ما يزيد على 300 مدرس في تقنيات لتشجيع القيم الإنسانية العالمية مثل الحب والسلام والاحترام، ضمن مناهج مدارس كل منهم. وتعتبر القيم الإيجابية واحداً من أحجار الزاوية للنمو الذهني عند الأطفال، وفي بيئة محترمة ترتكز على القيم، يستطيع الطلبة تطوير اهتماماتهم وقدراتهم على العمل من أجل السلام واحترام الآخرين وتجنب العنف.

تعمل جماعات المجتمع المدني الإندونيسي بشكل مستمر على إنتاج أفكار ومبادرات جديدة لدعم التناغم الديني والحفاظ عليه. وعلى رغم أن الجماعات المتطرفة مازالت تعكر صفو السلام، فإنها تواجه مقاومة شديدة من جماعات المجتمع المدني التي يحب أفرادها وطنهم، ويتوقون إلى العيش بسلام وتناغم، ويعملون من دون كلل لتشجيع التعددية الثقافية داخل المجتمع.

جماعات المجتمع المدني هي التي تعمل على تغيير السياسات الحكومية التي تخون مبادئ الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ويجب أن يتم توجيه مديح أوباما إليها

العدد 3228 - السبت 09 يوليو 2011م الموافق 07 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً