العدد 3243 - الأحد 24 يوليو 2011م الموافق 23 شعبان 1432هـ

متطلبات ما بعد مشوار الحوار الصعب

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يكن الحوار مشواراً هيّناً، بل كان عملية معقدة ذات أبعاد متعددة. وإن كانت العلامات الفارقة في تاريخ الشعوب تعنون بأسماء الشهور، فمن حق شهر يوليو/ تموز أن يكون عنوان أحد فصول كتاب تاريخ البحرين المعاصر. فبغض النظر عن الموقف من الحوار، لا يستطيع أحد، من شارك في الحوار أو قاطعه، أن ينكر أهمية هذا الشهر وتأثيراته العميقة على مسار الأحداث في هذه المرحلة من تاريخ البحرين المعاصر.

لا شك أن المرئيات التي تقدم بها المشاركون، أو تلك التي اكتفى أصحابها بتقديمها دون المشاركة، والمداخلات التي تناولتها أثناء جلسات الحوار قد عكست في مجملها صورة صادقة لما يدور في الشارع السياسي اليوم، ومن ثم، فبقدر ما للحوار وجلساته من أهمية غير قابلة للنكران، لكنها تحتل حيزاً محدوداً عندما تقارن بتلك التي سوف تتطلبها مرحلة ما بعد الحوار؛ وذلك للأسباب التالية:

1 - العبء الثقيل الذي حملته التوافقات التي حفلت بها جلسات الحوار، والتي تبدأ بالحقوقية وتعرج على الاجتماعية، كي تصل إلى السياسية، دون نسيان الاقتصادية. فكل واحد من هذه القطاعات يتطلب خططاً وآليات ومتابعات، إن شئنا للحوار أن يكون مثمراً. بل إن ما هو أهم من ذلك كله، هو النسيج الذي سيربط بين هذه القطاعات الأربعة، والذي تقع على عاتقه مهمة تشييد المملكة الدستورية التي جاء الحوار من أجل التأسيس لها.

2 - مخلفات الفترة الماضية، التي سبقت الحوار، وتحديداً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام (2011)، بما حملته من صدامات ولدت احتقانات اجتماعية بحاجة إلى جهود مكثفة، ربما تستغرق أجيالاً قبل أن تندمل جروحها، وتُزال ذيولها، ومن ثم تداعياتها. فليس الأمر مجرد قرار هنا أو اتفاق هناك، بقدر ما هو برامج وخطط تفصيلية مرهقة تتوقف عند أدق التفاصيل من أجل التوصل إلى الحلول المناسبة القادرة على إعادة الأمور إلى نصابها بعد طمأنة النفوس، ونزع فتيل الخلافات.

3 - الاستفادة من الدروس، ووضع صمامات الأمان التي تتولى الحيلولة دون تكرار الانفجارت غير المتوقعة الناجمة عن التراكمات غير الطبيعية التي تقود حتماً إلى الانفجارات المشابهة لتلك التي عرفتها البحرين في الربع الأول من هذا العام. تلك الاستفادة، وذلك الوضع، ينبغي، إذا أريد لهما تحقيق النجاح المطلوب، أن يقوما على قناعات راسخة بقيم المجتمعات الراقية المتقدمة التي تلتزم بقوانين تلك القيم، وتعمل على تطبيقها في سلوكها اليومي.

لهذا كله، على البحرين أن تستعد لبدء مرحلة ما بعد الحوار التي ستكون شاقة، لكنها ستكون أيضاً خالية من المفاجآت، متى ما أحسن نقل توافقات الحوار، من شكلها المجرد الذي هي عليه اليوم، إلى برامج ملموسة، قابلة للتطبيق كما يتمنى المواطن أن يراها غداً. وليس ذلك ضرباً من الخيال، أو طلباً لمستحيل

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3243 - الأحد 24 يوليو 2011م الموافق 23 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 7:26 ص

      العدل

      (وعد)، رضي الموسوي، عن عدم تفاؤله بالنتائج التي سيخرج بها حوار التوافق الوطني، «وخصوصاً أن هناك بعض الأطراف لا تريد تغيير الأمور في البحرين، وتقف حجر عثرة أمام التطوير».

    • زائر 16 | 3:24 ص

      ما بعد الحوار

      هناك من قام باخراج الدين من المراس السياسي فى جمعية السياسيه فهل سيقوم آخرون بذلك
      بدون الفصل بين العمل الدعوي و الروحي و بين العمل السياسي فاننا سنبقى نراوح و سنبقي طائفيا

    • زائر 15 | 2:50 ص

      من يريد النجاح فليستخد الطرق الناجحة

      في السابق البعض عندما يذهب للطبيب يحاول أن يشكي له من عشرات العلل حتى يحصل على الكثير من الأدوية وفي النهاية يجد نفسه خرج من عند الطبيب والعلّة الرئيسية لم تلقى العلاج المناسب
      وهذا ما حصل في الحوار
      يا أستاذنا علتنا معروفة ومكشوفة والمختصون هم اولى بحلها وحلحلتها
      أما بهذه الطريقة فهاهي مخرجات الحوار لا ترقى إلى
      مستوى الحدث والوطن لا يستطيع الصمود اكثر
      وعلينا انتشاله مما هو فيه

    • زائر 11 | 2:29 ص

      الانفجارات الغير متوقعة قد تؤدي الى انفجارات مشابهة من يدري .... ام محمود

      جميع المراحل التي مرت على البحرين في الشهور الأخيرة صعبة وشاقة وعصيبة ومؤرقة .. قبل الحوار واثناء الحوار وما بعد الحوار .. الحوار التوافقي ادي الى العكس عدم الاتفاق وعدم الرضا بالنتائج وهنا يكمن الخوف من التصعيد من الجانبين
      ما نراه من تحشيد وترتيب الصفوف وزيادة الاشاعات الضارة يزيد من القلق بالاضافة الى الأجواء الغير مطمئنة واستمرار حالة التملل والتأفف من المواطن فهناك مشكلات اخرى استجدت منها الفصل من الوظائف والحرمان من البعثات الدراسية والشعور بالغبن والحيف
      لقد زاد عدد المتسولين في الطرقات

    • زائر 9 | 2:19 ص

      الحوار المتشعب أحيانا يساعد على تكريس الأزمة وتعقيدها بدل حلها .... ام محمود

      .......... .. ما نراه على أرض الواقع استاذي الفاضل ان المشكلة لم تُعالج من الجذور ولم تؤخذ المرئيات الخاصة بالأزمة الحقيقية في حوار التوافق بالجدية وتٌناقش وتوضع الحلول التي كان يترقبها المواطنين .. لا نريد أن نقول ان الحوار كان صوري أو شكلي أو خالي المضمون .. لقد تناول العديد من الملفات وعلى جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية ولكنه غفل عت المسببات لذا يعتبر ناقص وغير متكامل ويحتاج الى دوره قادمة قريبة -- مشكلة العرب البحث عن العلاج بعد استفحال المرض العضال

    • زائر 5 | 12:57 ص

      مواطن يحلم

      امنيتي في هده الحاياة الفانية ان تعود البحرين كما كانت في السابق وان يعم الامن والخيير ويخرج المعتقيلن ويعودون الى اهلهم ويواصلوا الحياة بين الناس وان يرجع كل مفصول سواء موظفين او طلبة .............

    • زائر 4 | 12:50 ص

      ليس بتجزيْ الحلول ولكن بالحلول الجذرية التي يرتضيها الشعب يكون صمام الأمان..

      ووضع صمامات الأمان التي تتولى الحيلولة دون تكرار الانفجارت غير المتوقعة الناجمة عن التراكمات غير الطبيعية التي تقود حتماً إلى الانفجارات المشابهة..

    • زائر 3 | 12:48 ص

      تقول: "العبء الثقيل الذي حملته التوافقات".. وأقول: هل مثل هذه التوافقات عبء؟؟!!

      اختتمت مساء أمس الأحد، جلسات حوار التوافق الوطني، بمنح مجلس النواب المزيد من الصلاحيات التشريعية: 1) على إعطاء النواب صلاحية طرح المواضيع العامة في الجلسات،2) وعقد الاستجوابات في جلسة مجلس النواب وليس في اللجان المعنية بالاستجوابات.
      ومن قبلها تم التوافق على رئاسة المجلس الوطني أن يكون «رئيس مجلس النواب».

    • زائر 2 | 12:37 ص

      القناعة والواقع

      دون الخوض في دهاليز المشكلة ومكامن معوقات معالجتها يمكن الجزم بان هناك قناعة باسباب وجودها بيد اننا لانزال بعيدين عن واقع الحل واذا لم ندرك حقيقة دورنا التاريخي في تغيير واقع المشكلة من خلال الحلول العاقلة فاننا نضع ملفات مؤجلة بدون حلول للاجيال القادمة كما فعلته الاجيال التي ورثنا ارثها الثقيل.
      الحوار نهج ايجابي وحتى وان لم يداوي الجروح فهو ظاهرة صحية يساهم في تصفية النفوس ويؤسس الى مرحلة جديد نتمنى ان نجني ثمارها الطيبة بيد ان الامر يحتاج الى خفت اصوات التاجيج بمختلف انتماءاتها ومنابعها

اقرأ ايضاً