العدد 3249 - السبت 30 يوليو 2011م الموافق 28 شعبان 1432هـ

جنود الحوار المجهولون

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تفاوتت التقويمات التي تناولت «حوار التوافق الوطني» ومرئياته، البعض منها رأى فيما تم التوصل إليه إنجازاً على طريق التحول نحو المملكة الدستورية، لكن البعض الآخر كانت له نظرة سلبية بلغت وصفه للحوار بالمسرحية غير الضرورية التي ليس لها ما يبررها... إلخ من وجهات النظر المتضاربة، ليس مجال الخوض فيها اليوم، حيث تبرز ضرورة الالتفاتة نحو أولئك الجنود المجهولين الذين تفانوا في أداء أعمالهم في صمتٍ تجاوز صمت تمثال أبو الهول، ودأبٍ فاق عمال السخرة في بعض الدول الفقيرة.

جيش من الشباب البحريني انتشرت قواته في ردهات قاعات مركز عيسى الثقافي، وتوزعت فرقه على مكاتب محاوره. البعض منهم يدون محاضر الجلسات، دون أيِّ انحياز، رغم عدم موافقته على البعض منها، البعض الآخر ينتظر طرفة عين كي يهبّ مسرعاً لتلبية طلب أحد المشاركين، الكثيرون منهم كانوا يتنقلون حاملين «الميكروفونات»، كي يُعطَوا مداخلة يدركون مسبقاً أنها تتعارض وما يؤمنون به. خلية نحل تنجز أعمالها على مدى شهر من زمان الحوار.

الكل منهم مؤمن بقضية واحدة هي إنجاح الحوار بغض النظر عن الجهد والعرق، وبعيداً عن أيِّ تأثير خارجي يمكن أن يحرفه عن تحقيق تلك المهمة التي قد تبدو للبعض منّا أنها سهلة، لكنها في غاية الصعوبة والتعقيد. عهدٌ قطعه كل واحد بينه وبين نفسه، دون تباهٍ أمام أحد أو محاباة لآخر. فما هم بصدد تحقيقه أسمى من الولاء الشخصي، وأكثر رقيّاً من الطموحات الفردية.

وضع كل واحد منهم دونما أيّ استثناء، خريطة البحرين أمام ناظريه، ومستقبل البحرين نصب عينيه، وكل شيء خلاف ذلك يتحول، من وجهة نظرهم، إلى قضايا هامشية تفصيلية لا تستحق التوقف عندها أو إضاعة الوقت في مناقشتها.

كانوا أكثر نضجاً من مدعي العمل السياسي، وأفضل حرفية من طواويس المهنية، وأرقى أداءً من كثيرين ممن لم يكفوا عن التباهي بما قاموا به. في كلمات موجزة مقتضبة كانوا الشعلة التي أنارت جلسات «حوار التوافق الوطني»، والذين لو لم يقوموا بما قاموا به، لم يكن للحوار أن يستمر ناهيك عن تحقيق ما حققه من نجاحات، يعود الفضل في وصولها إلى نهاياتها السعيدة لهم وحدهم أكثر من سواهم.

تلك الكوكبة الشابة من أبناء البحرين، كانوا، لمن يريد أن يقول كلمة إنصاف، المحرك الذي مدَّ الحوار بقدرته على العمل والاستمرار، فلولا أداؤهم لتعثرت جلسات الحوار، وجاءت نتائجه مشوهة.

كانوا الأمل عندما اعترى اليأس نفوس المتحاورين، والصبر عندما نفد صبر أولئك، والبلسم عندما هرع المتحاورون بحثاً عن من يداوي جراحهم، والمهدئ حين ترتفع درجة حرارة النقاشات. كل ذلك وأعمار الكبار فيهم لا تتجاوز الثلاثين ربيعاً.

كلمة حق لابد من قولها إنصافاً لأولئك البنين والبنات من جنود مجهولين قاتلوا بشجاعة في معركة «حوار التوافق الوطني»، وحققوا النصر للبحرين فيها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3249 - السبت 30 يوليو 2011م الموافق 28 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 35 | 9:02 ص

      سؤال لك يا عبيدلي

      ماهي وجهة نظرك اتجاه الحوار هل هو حقيقي لدرجة الوصول للمملكة الدستورية.. كن منصف واذكر الحق .......

    • زائر 34 | 9:00 ص

      الف شكر استاذنا عبيدلي

      الف شكر استاذنا عبيدلي على لفتتك الكريمة بحق ابنائك اعضاء اللجنة التنظيمية وقد تشرفنا بالعمل مع استاذ كبير مثلك ولك مني ومن جميع اخواني واخواتي اعضاء اللجنة التنظيمية كل المحبة والامتنان والتقدير
      حسن العلوي

    • زائر 30 | 7:24 ص

      شكرا للاستاذ عبيدلي لأنه منصف

      الاستاذ عبيدلي نحترم مهنيتك انت من سيجعل هذه الصحيفة وطنية لأنك تحترم خط النقد فتذكر الايجاب والسلب ولأنك لا تزدري احدا ولا تطعن ولا تنافق انها معركة الصحفي بين ان يكون محايدا لا يرتضي حكمه الناس وبين ان يكون صاحب رأي قوي لكنه لا يميل. تريدون الاستاذ ان يقول عشرات الاف في مسيرة هنا على صواب وعشرات الاف هناك في تجمع على باطل؟ تريدون ان ينصب الانسان نفسه حكما بين اخوان له ويخسر بعضهم ليكسب بعض؟او يقول الحوار فاشل احرقوا الوطن اذن؟الحوار سلب وايجاب اعطوا الايجاب حقه والسلب حقه وبسكم تشاؤم

    • زائر 25 | 5:57 ص

      نقص على روحنا يعني ..

      ..... وارجو منك استاذي الفاضل عدم التلميع في هذا الحوار .... ولم يعطي مؤشر واحد انه ناجح .......

    • زائر 24 | 5:31 ص

      من مفصول الى تعليق (3)

      انا معك , ماذا عن ثلاثة الف أسرة او اكثر تعيش من دون دخل. اليس من الاجدر ان تناقش وترفع الى جلالة الملك.

    • زائر 23 | 5:05 ص

      الأمور بخواتيمها يا أستاذ عبيدلي

      كل ما تقوله قد يكون حصل ولكن تقويم الحوار إن كان هناك حوار هو في نتائجه. وانت تعلم أن الأزمة في البحرين ليست في فتات زيادات الرواتب رغم أهميتها، البلد تعصف به أزمة إرساء أسس دولة مدنية، ..... ها أنت ترى العقاب الجماعي المتواصل لكل الناس على أساس انتماءهم الطائفي ومحاربتهم في أرزاقهم ومستقبلهم وسد الآفاق أمامهم وذلك ما سيكون مدمرا لهذا البلد الذي نحبه جميعا ولا نريد له إلا الخير، الأقلام المنصفة يجب أن تبين للحكم مغبة ما يرتكب بحق شعب البحرين من مظالم

    • زائر 22 | 4:56 ص

      اسئلة بريئة

      والسوال الان هل ان البحرين بحاجة الى مثل هذا الحوار وهل هذه المرئيات الموافق عليها هي التى ستخرج البحرين من الازمة وكم كانت ميزانية الحوار ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    • زائر 21 | 4:30 ص

      ..........

      ..... اكثر من نصف الشعب أي توافق وطني تتكلم عنه ؟ توافق وطني الوفاق الي تمثل اكثر من 65 بالمية من الشعب مقاعدها قليلة ومرئياتها مرفوضة جميعها اتسمع جميعها مرفوضة فرحم الله والديك لا ترى بعين واحدة ولا تتكلم عن الشعب بلسان حالك أنصحك يا العبيدلي ان تقرأ خطبة الشيخ عيسى قاسم مرة ومرتين وعشر فستفهم معاناتنا صدقت يا شيخ قسم لهم الوظائف والوزارات وقسم لهم التعذيب والتجويع انشروا رأيي رجاءا ايمانا بحرية الرأي والرأي الاخر

    • زائر 20 | 4:25 ص

      شكرا لك

      شكرا لك لقد ادمعت عيني. نرجو ان يفهم البعض ان اختطاف رأى فئة من الشعب لا يعني موافقة الكل. جميعات ومؤسسات المجتمع المدني بكافة اطيافه هي من يمثل رؤية الشعب. كيف لنا ان نضع جانبا ميثاق العمل الوطني ونلقى بندوه التي صوت عليها الشعب البحريني. ...........

    • زائر 19 | 3:44 ص

      الحق يقال

      أخي العزيز يجب عليك الخوض في تقويم الحوار التوافق الوطني من حيث مخرجات النتائج التي توصل إليها و هدف الحوار الذي وجد من أجله وتستعراض الآراء المتناقضة مع سرد الحجج للفرقاء ومن ثم تسرد رأيك بمنتهى الموضوعية وتسوق حججك وبراهينك ذلك أنجع لمقالك خصوصا انت رئيس التحرير للجريدة وشكرا

    • زائر 18 | 3:44 ص

      كل الشكر والتقدير لشباب البحـــــــــــرين المتفاني لخدمة وطنه والتضحيه من أجله.......... ام محمود

      من كلمات جبران خليل جبران * إن ما نتوق إليه و نعجز عن الحصول عليه أحب إلى قلوبنا مما قد حصلنا عليه و
      * ليست قيمة الإنسان بما يبلغ إليه بل بما يتوق للبلوغ إليه ..
      يجب أن لا ننكر إن هناك جهودا كبيرة قد بذلت أثناء حوار التوافق الوطني ليخرج بالصورة المضيئة التي رأيناها و مع اختلاف المتحاورين و عدم الاتفاق على بعض المرئيات الأساسية والتي يرى الطرف الثاني انها لا تصب في المصلحة الوطنية
      الشباب سيظلون هم الشعلة المتوهجة وهم البلسم والمهديء والأمل والزهور الجميلة لهذا الوطن المعطاء
      فلهم كل الشكر

    • مواطن مستضعف | 3:09 ص

      صباح الخير

      نحن أيضاً هنا يا أستاذ عبيدلي.

    • زائر 8 | 12:44 ص

      هل نجح الحوار؟

      اخي العزيز في اعتقادي المتواضع ان الحوار لم ينجح وذلك بسبين الاول هو عدم الاخذ بمرئيات المعارضة وهي الاساسية والاهم والثانية هي عدم رجوع المفصولين من اعمالهم ومن الجامعات والوزارات وفي الحقيقة غالبية الشعب لا يعرفون بماذا تم التوافق علية ماهي المرئيات التى تم التوافق عليها .. هل زيادة الرواتب هي سبب الازمة في البحرين؟ هل اذا تم فصل العمال والموظفين تحل الازمة في البحرين؟ والسوال الصريح لماذا لا تقوم الشركات بتنفيذ الاوامر السامية لجلالة الملك بأرجاع العمال؟ لذا نرجو اعادة النظر في هذا الحوار

    • زائر 7 | 12:43 ص

      اتمنى ذلك

      استاذي الغزيز اتمن ان تكون محقا لانك اعلم بما حزى مني.

    • زائر 2 | 12:12 ص

      مفخرة البحرين-مواطن مغترب

      بداية شكرا على هذه الالتفاتة المنصفة بحق شباب البحرين وبالاشارة الى ما اشرت اليه من اختلاف في وجهات النظر حول شكل وطبيعة الحوار يمكننا القول على الرغم من كل ذلك ينبغي ادراك حقيقة مهمة ان الحوار بحد ذاته اكد على ظاهرة ينبغي عدم تجاوزها اذا اردنا تجاوز المعضلات وتتمثل في اتخاذ منهج الحوار طريقا لحل ما يبرز من اختلافات في وجهات النظر مستبعيدين بذلك اساليب المهاترات والقذف وغيرها من الوسائل غير الحضارية وغير المبررة والتي لا تعبر عن موروث قيمنا الحضارية ونحن في غنى عنها.وحمى الله البحرين

اقرأ ايضاً