العدد 3250 - الأحد 31 يوليو 2011م الموافق 29 شعبان 1432هـ

الطائفية المخملية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

متابعة سريعة لما يرشح من تصريحات وكتابات في الشارع السياسي اليوم، تكفي لأن تكشف سيادة النبرة الطائفية الخبيثة عليها، فيما عدا القلة القليلة التي تشكل الاستثناء لقاعدة التخندق الطائفي الذي بات يسيطر على سلوك الكثيرين منا. الأمر المخيف والمحزن في آن، هو أن التربة الخصبة التي تزدهر فيها النباتات الطائفية الضارة هي الفئات النخبوية من المجتمع سياسية كانت تلك الفئات أم اجتماعية.

فوحدها تلك الفئات المخملية من المجتمع، التي بوسعها الاستمتاع بترف مثل هذا النزيف الطائفي للوطن، إذ تبيح لها أوضاعها الاقتصادية، وفي أحيان كثيرة مصالحها الذاتية الضيقة الأفق، أن تمارس مثل هذا السلوك السياسي الطائفي دونما أي اعتبار لما له من انعكاسات سلبية على المواطن بشكل عام، والوطن ككل. وتستعين هذه الطائفة بجيش من المثقفين المنتفعين المتأهب لخوض معاركها الطائفية بدلاً عنها، يعزز قواته بجيش آخر من السياسيين، المستفيدين هم أيضاً من حرف المعارك عن جادّاتها الوطنية الواسعة نحو أزقتها الطائفية الضيقة. وليس هناك من شك أن الفئات الثلاث: المخملية والمثقفة والسياسية تستفيد اجتماعياً بشكل مباشر، وسياسياً بشكل غير مباشر.

هذه الظاهرة تبدأ في التلاشي لحظة الابتعاد عن تلك الطبقة المخملية في اتجاه الفئات المسحوقة في المجتمع، التي لا تبيح لها ظروفها المعيشية أن تتقوقع داخل طوائفها، وتجد نفسها، بالتالي، مجبرة كي تلبّي احتياجاتها اليومية على تحجيم الطائفية إنْ لم يكن محاصرتها، إنْ هي أرادت أداء مهمّاتها اليومية بشكل سَويّ ومثمر. فتبادل المصالح المباشرة يُرغم هذه الفئة من البسطاء من الناس على أن يضعوا الطائفية جانباً كي ينصرفوا لممارسة أعمالهم وتبادل المصالح فيما بينهم.

الأمر الذي يحز كثيراً في نفوس هذه الفئة الاجتماعية غير المخملية هو سماعها للمفردات الطائفية المغلفة أحياناً، والصريحة أحياناً أخرى تتردد في خطابات قياداتها السياسية، وتمتد، وهو أمر يؤسف له، كي تلامس جدران مؤسساتها الدينية، التي يبدو أنها هي الأخرى لم تنجُ بنفسها من هذا الفيروس القاتل للمجتمع، وهو أمر لا نريده لها بفضل ما نكنه لها من احترام وتقدير.

يدرك المواطن، بشكل مسبق، حجم الضغوط التي تثقل كاهل هؤلاء جميعاً، لكنه لا يستطيع أن يقبل بها، كي تتحول إلى حزمة من التبريرات والاعتذارات التي راجت في أسواق العمل السياسي، حتى أصبحت ظاهرة سلوكية يقبل بها الجميع، دون أن يلوح في الأفق ما يبشر بقدوم ذلك الفارس المنتظر الذي سيخوض المعارك المطلوبة ضد الهجوم الطائفي وينتشل البلاد من مستنقع الطائفية الذي يهدد بإغراق الجميع، والهاوية التي تسير نحوها البلاد دون أي استثناء لفئة دون أخرى.

هذه الطائفية المخملية، هي أحد العوامل التي قادت لبنان وأوصلته إلى الحالة التي هو عليها اليوم، وأكثر ما يخشاه المواطن البحريني أن يرى بلاده وقد تحولت إلى لبنان أخرى، وحينها تدخل البحرين في نفق آخر ربما يصعب إخراجها منه، وإلى فترة طويلة يصعب التكهن بعدد سنواتها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3250 - الأحد 31 يوليو 2011م الموافق 29 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 22 | 8:21 م

      الطائفية مرض خطير

      بمجرد مقارنة الجرائد المحلية وبكل سهولة يكتشف المرء حجم الكارثة ...هذه الأقلام المريضة يجب عمل ورش متخصصة لها لكونها في حاجة لعلاج فوري ومسئولية وزارة الإعلام في التدقيق عليها وذلك من أجل الوحدة الوطنية ...

    • زائر 19 | 4:39 م

      نقاط

      ياليت استاذ تحط النقاط علي الحروف وتقولها بصراحة في الحالة البحرينية من يريد ان يوصلنا الي ما وصلت الية الحالة اللبنانية يقول رسول الله ( ص ) من امن في بيتة ووجد قوت يومة كمن ملك الدنيا وما فيها صدق رسول الله ( ص )

    • زائر 18 | 3:41 م

      اليوم استاذ عبيدلي عندك تشاؤم من الوضع في البحرين .... ام محمود

      و يتضح ذلك من خاتمة المقال وخوفك من السقوط في نفق الطائفية بقولك (( وأكثر ما يخشاه المواطن البحريني أن يرى بلاده وقد تحولت إلى لبنان أخرى،)) لا انشاءالله لن نتحول الى حال مثل لبنان أيام الحرب الأهلية ولا مثل العراق أو غيرها من الدول المتمزقة والمترنحة بسبب العصبيات العمياء وتغليب لغة العنف على العقل والتحاور نتمنى الخروج من الأزمة باقل الأضرار وباحتضان بعضنا بعض (الطائفتين)
      __
      أقترح زيادة عدد الأحرف في التعليقات الى 700 مثل بعض الصحف البحرينية وأن يتواصل الكاتب مع القراء بالرد عليهم الكترونيا

    • زائر 17 | 2:34 م

      القوي هوسبب الطائفية

      كتب المفكرون عن هده الظاهرة وقالو أن من يمتلك مقدرات أي بلد ففهو المسير لما يجري فيها فلا يمكن أن نتهم الضعيف بالطائفية بأختصار لانه ليست من صالحه فالقوي هو الذي بأمكانه أثارة هذه النعرة البغيضة

    • زائر 15 | 12:44 م

      تعزيز الطائفية بواسطة الفئات المخملية والمثقفة والسياسية ..والتي تستفيد من هذا المرض الفتاك والقاتل ... ام محمود

      صدقت استاذنا في مقالك الجميل والرائع فالفئات الكادحة والمسحوقة لا تعرف معنى الطائفية ويعرف معجم اوكسفورد الشخص "الطائفي" بأنه الشخص الذي يتبع بشكل مُتعنّت طائفة معينة بالنهاية يمكن وصف الطائفية في عصرنا الحالي بأنها التمييز بالعمل والمدخول أو الكره أو حتى القتل على أساس طائفة الشخص أو دينه فالتاريخ يخبرنا عن الكثير من الحروب التي حدثت بسبب مرض الطائفية هذا السلاح المدمر الذي ينشر الكراهية والحقد والانتقام
      الفئة المرفهة اجتماعيا اعتقدت انها باستخدامها هذه الوسيلة ستفوز وتحقق أهداف

    • زائر 14 | 10:33 ص

      مباركين بالشهر الفضيل

      ياليت تنحبس الطائفية خلال شهر رمضان على الاقل علشان نستمتع بطاعات رمضان ولمة الاخوان والاصحاب
      البركه في الاعلام والعقلاء من القوم
      مباركين جميعا بقدوم رمضان
      بويوسف

    • زائر 13 | 7:36 ص

      المسؤول

      الطائفية بدات مع اشتداد الحراك السياسي والنفخ الينى فى المجتمع .. المسوؤل الاوا والاخير هى المنابر وقياداتها , هى من تنفخ في هذا البوق وتحرض الناس ولم تبادر الى الالتقاء بالعقلاء لدرء هذا الخطرز

    • زائر 12 | 6:12 ص

      الوباء

      لطائفية وباء مدمر ويشكل وجودها وتغلغلها في المجتمع عقبة أمام أى نوع من الإصلاح الديمقراطي والسياسي ، فالتجربة اللبنانية خير شاهد وبرهان ،لا ديمقراطية ولا أصلاح في ظل سرطان وإخطبوط الطائفية السام والعفن ، حيث لا مستقبل لدولة تؤسس وتبنى على هياكل طائفية ، وأن المسئولية تقع على القوى الوطنية بجميع مكوناتها لمحاربة وفضح الانتهازية الطائفية لحماية المجتمع من الميكروبات والفيروسات الطائفية على جميع المستويات المدنية والثقافية والاجتماعية والدينية والسياسية والرسمية ..مع التحية ..الدلموني.

    • زائر 11 | 5:46 ص

      الإعلام وليست الطبقة المخملية

      ألا ترى بأن الإعلام هو المسؤول الأول عن تأجيج الطائفية والسماح للطبقة المخملية بالظهور!!!؟
      ......................؟

    • زائر 10 | 5:22 ص

      أتفق معك ولكن

      أشهد بأنك رجل شريف وكل كلمة تنطفها تدل على وطنيتك الحقة، أنت تتحدث كوطني معتدل رغم انتمائك الديني (وليس الوطني) لأحد المذهبين السائدين في البلاد. هنا نصفق لك كلنا وكلنا من المذهب الآخر ويندر أن يصفق لك من هم من مذهبك!!!!! كذلك نصفق للأخت مريم!! وهذا التصفيق ليس طائفياً بل وطنياً كأننا نصرخ وجدتها وجدتها وجدت وطنيين أحرار وقفوا مع مطالبنا الوطنية وهبوا بأقلامهم النظيفة لتسطر كلمات الحق بغض النظر عن انتمائهم الديني.

    • زائر 7 | 4:11 ص

      ودي بس قوية

      اختلف معاك استاذي الفاصل فانا لا اري اي وصل بين هذه الطبقة التي تشير اليها وبين الطائفية المقيتة بل على العكس تماما العلاقة بينهما متوترة خصوصا بوجود العامل الاقتصادي .... المستفيد الاول من الطائفية هي النخبة السياسية التي تاسست على قاعدة مذهبية دينية ... ممكن تنشرون عاد عاد عاد

    • زائر 5 | 1:48 ص

      الاصولية الطائفية- مواطن مغترب

      شكرا لك ايها الوطني النظيف والمتزن في معالجاتك لقضايا الوطن الساخنة ، انك في مقالتك اصبت كبد الحقيقة وتلك مساهمات نحن في امس الحاجة اليها للتغلب على ظروف المرحلة التي تزيدها تعقيدا كما اسميتها-الطائفية المخملية.
      الحقيقة الفئة التي تناولتها بتصوري افضل ما يمكن تسميتها-الاصولية الطائفية- لسبب بسيط ان هذه الفئة هي تدرك ما تفعلة على الرغم عدم قناعتها بذلك بيد ان مصالحها الخاصة تجعلها تستغل الحالة الاستثنائية لتمارس هذا الدور والتخندق خلف نهج هي حتى مرحلة قريبة في تعارض كلي مع مفاهيمه.

    • زائر 3 | 12:59 ص

      رد منكر الطائفية

      هذا دوركم يا معشر الكتاب .. لماذا السكوت على .......... الشحن اليومي على الطائفية. يجب أن تنشر جريدتكم شعارا خاصا بها .. ويتصدر صفحاتها كل يوم لمهاجمة الطائفية في كل وسائل الإعلام .. وليكن شعارا بمثل هذا : إن كنت تحب البحرين فليكف لسانك عن الجرم الطائفي !!

    • زائر 1 | 11:43 م

      كربابادي

      المصيبة هي أنك عندما تقتح قناة وطنك الرسمية، وتجدها تحرض ..........

اقرأ ايضاً