العدد 3266 - الثلثاء 16 أغسطس 2011م الموافق 16 رمضان 1432هـ

ما قبل المصالحة الوطنية

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يبدو أن الحديث في الوقت الراهن عن مصالحة وطنية تعيد حالة الانسجام والتفاهم بين مكونات الشعب البحريني من الأمور الصعبة جداً إن لم تكن من المستحيلة، ومع ذلك لابد من التحذير من هذا الوضع الخطير الذي نعيشه الآن، في حالة الانقسام وصلت إلى أشدها وأصبحت تنبئ بما هو أخطر من مجرد تخندق طائفي، فهناك شعور متزايد من البغض والكره والحاجة للانتقام والتشفي والقضاء على الآخر.

لا يمكن للوضع الحالي الذي نعيشه إلا أن يزيد النار اشتعالاً ما لم تبادر الدولة بجميع مؤسساتها والمجتمع بكل تلاوينه، لوضع حد لذلك قبل أن تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة ونجد أنفسنا أمام مجتمع منقسم على نفسه ويجد أبناؤنا أنفسهم يحاربون بعضهم البعض.

وأول ما يجب على الدولة القيام به هو إسكات جميع الأصوات والأقلام التي تسترزق من إشاعة الفتنة الطائفية وتغذيتها يومياً من خلال كتاباتها في بثّ الكره والحقد بين أبناء المجتمع، كما يجب تنبيه الصحف التي تتخذ من هذا الأسلوب الرخيص وسيلة لكسب المزيد من القرّاء.

هناك الآن من يدعو إلى مقاطعة التجار من الطائفة الأخرى ويهدد بتصعيد احتجاجاته كلما اتخذت الدولة أي خطوات إيجابية حتى ولو كانت بسيطة كإرجاع المفصولين إلى أعمالهم أو الإفراج عن المعتقلين بجُنح بسيطة، لمجرد أنهم من طائفة أخرى.

على الدولة إن أرادت إنهاء حالة التوتر التي تعيشها البلد أن تبدأ بإصلاحات حقيقية تدفع المجتمع باتجاه التطور للأمام، فلا يمكن حل المشاكل المرتبطة بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة إلا عبر المزيد من الديمقراطية والمزيد من الحرية، كل ذلك يمكن أن يكون عبر حوار وطني جادّ يضع مصلحة البحرين بجميع طوائفها فوق أي اعتبار آخر.

لقد أثبتت التجارب السابقة بأن الحل الأمني لا يمكن أن ينجح في تجاوز الأزمات، ولا يمكن له أن يجبر الناس على السكوت عن المطالبة بحقوقها، ولا يمكن له أن يؤسس لتنمية المجتمع، ولذلك ليس هناك بديل عن الحوار، فإن كان حوار التوافق الوطني لم يستطع أن يصل إلى التوافق بين مكونات المجتمع فما المانع من تنظيم حوار آخر ثم آخر ثم آخر إلى أن نصل إلى توافق حقيقي؟

ما لم تقتنع الدولة بأن حالة التمزق الطائفي التي نعيشها تشكل خطراً ليس على الطائفتين فقط وإنما على الوطن بأكمله، وتبادر بطرح حلول عملية تجنِّب البلد الانزلاق الطائفي فإن تطوُّر الأحداث يمكن أن يصل إلى مرحلة الصدام لا سمح الله.

كما يجب على القيادات الوطنية ورجال الدين والمثقفين من الطائفتين في هذا الوقت أن يبذلوا المزيد من الجهد من أجل التقارب وإعادة الثقة حتى ولو كان ذلك في الحدود الدنيا، وألا يتركوا البحرين نهباً للأصوات الداعية للفرقة والكره، فلا يمكن لأحد في هذه الحرب أن يكسب على حساب الآخر، وإنما سيخسر الجميع

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 3266 - الثلثاء 16 أغسطس 2011م الموافق 16 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 15 | 1:48 م

      شكرا ابا خالد

      مقال أكثر من رائع لانه يعبر عن نفس وطنية مخلصة تسعى دائما الى التقارب والمحبة والمودة بين ابناء الوطن الواحد وهذا عكس من يثير النعرات الطائفية في كتاباته من أجل مصالح شحصية على حساب الوطن والمواطنين .

    • زائر 14 | 9:57 ص

      سلمت يدك يا أستاذ

      كلامك جميل اتمنى من هو في موقع المسؤولية أن يحس بظروف المسرحين والمفصولين من العمل ولكن الأسف إذا المسؤولين هم يحرض على ذلك فتلك مصيبة يا استاذ جميل ..

    • زائر 13 | 9:06 ص

      دعوة بحس وطني ..

      أشد على الكاتب الكريم الى الدعوة بحس وطني الى المبادرة الى نزع فتيل الطائفية الممكن انفجاره في أي لحظة وخصوصا نحن على أعتاب بداية المدارس ..

    • زائر 12 | 7:45 ص

      شكــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا لكم

      شكرا لكم ونقبل اناملكم على ماخطت

    • زائر 10 | 5:39 ص

      خائف من عودة الطلبة للمدارس

      بعد أيام سيعود الطلبة للمدارس، والشحن الطائفي مستمر، ترى من يأمن على ابنائه!

    • زائر 3 | 3:06 ص

      كلامك عين الصواب ومن يقرأ الشارع جيدا يعرف الوضع الخطير

      فعلا من يقرأ الشارع جيدا يتلمس خطورة المستقبل
      الذي سوف لا يستطيع أحد التنبوء بما يخفيه لنا
      والكلام المعسول على ان الوضع في البحرين عال العال
      كلام مغالط للواقع والصراحة مطلوبة لمن يريد خير هذا البلد لا بد من محاولة البدء في حلحلة الأمور واستعادة الثقة المفقودة قبل أن يقع المحذور
      أنتم الكتاب المخلصون لا أحد يلتفت إلى آرائكم وقراءاتكم والتي تستشفون نبض الشارع من خلالها
      على العكس بدل الإستفادة من آرائكم هناك من يهاجمكم في صحف أخرى كالذي يصب الزيت على النار

اقرأ ايضاً