العدد 3291 - السبت 10 سبتمبر 2011م الموافق 11 شوال 1432هـ

عودة المفصولين... رغبة صادقة لا تنقصها الحكمة

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

يكاد يقترب وضع 1917 من الكوادر البحرينية المؤهلة، التي فقدت عملها في القطاع الخاص خلال الأشهر القليلة الماضية إثر الأزمة التي عصفت بالبحرين، من الانفراج العام، إثر التحركات المستمرة التي يقودها وزير العمل رئيس اللجنة المكلفة بالنظر في المسائل المتعلقة بتسريح العمال جميل حميدان، والتي تمخض عنها حتى الآن الخروج بمعايير موحدة لإرجاع المفصولين استجابة لتوجيهات عاهل البلاد.

كل تحركات اللجنة خلال الفترة الماضية كانت معلنة وواضحة وتتصدر أخبار الصحف المحلية، وإن لم يحصل تقدم كبير في هذا الملف حتى اللحظة، إلا أن الجهود المبذولة من وزارة العمل تبعث على الطمأنينة في نفوس المسرحين من المنتسبين للقطاع الخاص.

في المقابل، يقبع المسرحون والموقوفون من الوزارات وأجهزة الدولة ومؤسساتها (768 مفصولاً وموقوفاً حتى الآن)، رهناً لأوجاع القلق والتفكير، فلا حديث عن وضعهم ولا جهة أو لجنة تتحرك لإرجاعهم تنفيذاً للرغبة الملكية، ولا يعلمون شيئاً عن مصيرهم الذي كان من المفترض أن يحسم بعد إجازة العيد.

الحكومة من خلال وزير العمل تتحرك ملياً لإرجاع المفصولين والموقوفين في الشركات والمؤسسات الخاصة، وهناك موافقة من جهات رسمية عليا على المعايير التي أعلن عنها الوزير، بينما لا يحتاج الأمر سوى إلى توجيه مباشر من ديوان الخدمة المدنية إلى جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية لإرجاع الموقوفين والمفصولين من دون الحاجة لتشكيل لجان تمارس الإلحاح عليها لتنفيذ الرغبة الملكية.

قلة المعلومات وانعدامها في كثير من الأحيان يدفع المسرحين في القطاع العام إلى الإحباط واليأس، ومجتمع يعيش جزء من مكوناته هذه الحال لا يمكن أن يستقر أو تطاله السكينة، فالوظيفة حق أصيل لأي إنسان ينشد الكرامة وإعاشة أسرته من عرق جبينه وكد يمينه.

تأخر إرجاع المفصولين من أعمالهم وجامعاتهم لا يخدم البحرين التي بات قطاعها المصرفي حائراً أمام حالات كثيرة عاجزة عن السداد، وينتابه الخوف من تقديم تسهيلات مصرفية قد تصبح يوماً ما ديوناً معدومة في ظل غياب الاستقرار الوظيفي والأمن الاجتماعي.

التأخير لا يخدم قطاع الإنتاج ولا يسعف الاقتصاد ولا ينمي البلاد ولا ينفع العباد، وليس فيه منتصر إلا لمن يريد أن يجر الوطن إلى حد المواجهة بين أبنائه، والانزلاق إلى الوحل الطائفي، والاستبسال للدفاع عن المصالح الفئوية لا المصلحة العامة، وشل إرادة إنقاذ الوطن من الأزمة الخانقة التي تجثم على صدره وتقطع أنفاسه.

تعطيل الحلول السياسية لا يجر البلاد إلى الضياع فقط بل يفقد الدولة ملايين الدنانير أنفقتها على طلبة المدارس طوال السنوات الماضية في مختلف المراحل الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية على أمل أن تتحقق خطط المستقبل على أكتافهم فتنهض وتسمو وترتقي بعلمهم النافع الصالح، لا أن تستغني عنهم وتبعدهم عن مقاعد التعليم وهم في مراحل متقدمة من الدراسة الأكاديمية، نزولاً عند رغبة أقلام لا تسعى إلا لبذر القطيعة ولا تسعد إلا للاستمتاع بمشاهد الخراب.

هؤلاء الطلبة نترقب منهم أن يتبوأوا المواقع القيادية بدلاً من الأجانب والوصول إلى مستوى الحرفية في سوق العمل بعد التخرج لمواصلة مشوار من سبقهم بعزيمة ملؤها الإصرار وحب الوطن، لا أن يركنوا في المنازل للانجراف مع تيار البطالة ومواجهة المستقبل بشهادات الثانوية.

جامعة البحرين نأت بنفسها عن دعوات التحريض التي يراد منها الانتقام، فبادرت لإرجاع طلبتها المفصولين والذين تبقى فصل دراسي لبعضهم لإنهاء دراستهم والحصول على شهادة البكالوريوس، ولكن في الطرف الآخر يتساءل أولياء أمور عن مصير أبنائهم ممن فصلوا من معهد البحرين للتدريب وكلية البحرين لتقنية المعلومات «بوليتكنك»، هل ستتم إعادتهم نزولاً عند توجيهات عاهل البلاد أم أن الأمور ستسير نحو مزيد من التعقيد؟

إخفاء صوت العقلاء ولجم الحكماء عن إدارة الأزمة للخروج بأقل قدر من الخسائر، يأخذنا نحو طريق غامض حالك لا نهاية له، فيما المنطق يحتم علينا البحث عن مسار سالك ذي معالم واضحة ودلالات مفهومة وهدف مشترك، خال من العثرات والمنزلقات، فمستقبل الأجيال لا يمكن أن يترك للمجهول، ومصير الوطن لا يجب أن يسلم لمن يتصدرون الخطاب المتطرف الخالي من الحكمة والفائدة والعبارات الموزونة.

كل حرف يخط للتشكيك في وطنية الكوادر الوطنية المسرحة وتعطيل إرجاعها وشل عملية الإصلاح السياسي، يجب أن يمسح من كل الأوراق، فالتاريخ لن يغفر لمن يجرون الوطن إلى حافة الانهيار خطيئتهم، ولن يلفظ الارشيف خطابات الكراهية التي بثوها، بل سيحفظها لهم لتكون شاهداً عليهم حين تغرق المركب بمن عليها - لا قدر الله - وحينها لن تنفع اعتذاراتهم لكل البحرينيين الذين خسروا ثقتهم ببعضهم البعض فلم يعودوا مجتمعين.

الإلحاح المستمر للاستجابة لتوجيهات عاهل البلاد بإرجاع المفصولين والموقوفين إلى أعمالهم، ربما يقرأ على أنه حالة من الإزعاج تقلق المؤسسات والشركات والوزارات، ومناشدات تصل إلى حد النفور، ولكنها في الواقع نابعة من ألم ومعاناة شديدين يستشعرهما كل من فقد عمله وبات أمام حزمة من المسئوليات والمتطلبات المعيشية المتواترة، وليس بمقدوره مجاراتها أو تلبيتها. إنها قضية إنسانية بالدرجة الأولى.

إرجاع المفصولين من مختلف قطاعات الإنتاج والتعليم، هو البداية الحقيقية للتعايش السلمي والتسامح والتسامي على الفرقة، وهو أحد الحلول المؤثرة القادرة على بسط الألفة والتجانس الاجتماعي، وتقليص الفجوة بين كل الطبقات، وهو طوق النجاة الذي نتمنى أن تتحرك الحكومة لتفعيله باعتباره رؤية ورغبة حقيقية من الحكم تجاه الشعب

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3291 - السبت 10 سبتمبر 2011م الموافق 11 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 9:49 ص

      المصلي

      المتداخل والذي اطلق على نفسه ( المحرقي) هداك الله اي قانون تتكلم عنه هؤلاء المساكين المفصولين والموقفين لهم مالهم وعليهم ماعليهم من مسئولية كبيرة تجاه اسرهم ولتزاماتهم المعيشيه الصعبة انما جاء هذا بقرارسياسي بحت وهو في واقع الأمر تشفي من شريحة لم ترتكب خطأ في يوم من الأيام كل ما في الأمر انهم طالبوا بحقوقهم والتي كفلها لهم الدستور وكفلتها لهم القيم السماوية والأعراف الدولية فالمطالبة بالحقوق تعتبره جرم ومن وجهة نظرك لايغتفر اتق الله يااخي وعلم بأنك محاسب امام الله في يوم لاينفع فيه مال ولابنون

    • زائر 7 | 9:43 ص

      اشكرك ودام قلمك الناطق بالحق

      الفصل جاء على شكل تشفي وطائفي ليأخذوا اماكننا في العمل انا مفصولة ولم اضرب لكن هناك من تسبب في فصلي حسبي الله ونعم الوكيل

    • زائر 6 | 4:12 ص

      يعني قبل كان ينفع

      لتأخير لا يخدم قطاع الإنتاج ولا يسعف الاقتصاد ولا ينمي البلاد ولا ينفع العباد، وليس فيه منتصر إلا لمن يريد أن يجر الوطن إلى حد المواجهة بين أبنائه،
      يعني يوم اضربوا عن العمل وقعدوا في بيوتهم كان ينفع اقتصاد البلد ويخدم الانتاج ؟

    • زائر 5 | 3:18 ص

      عدم عودة المفصولين يعنى الاضرار بالوطن والمواطن

      ان عدم عودة المفصولين لاعمالهم فيه ضرر بالغ على الاقتصاد الوطنى من ناحيه وضرر بالغ على المفصول وعائلته فالكل يعلم بان المفصول عليه التزامات ماديه عبارة عن اقساط شهريه يدفعها للمصارف المحليه وللاسكان وللسياره والكهرباء وغيرها من الالتزامات وبفصل الموظف او العامل قد توقف عن دفع تلك المستحقات بتوقف رايتبه وهنا قد وقع الضرر على المذكورين ومن جانب اخر فان المفصول لا يستطيع ان يوفر ابسط الحاجات الضروريه لاسرته مما يعنى تضرر الاسواق وكسادها وهذا دليل قاطع بان المتضرر هو الوطن والمواطن فهل من رشيد

    • زائر 4 | 2:48 ص

      محرقي

      يجب ان يطبق القانون بحذافيره، المخطيء يعاقب و المحسن يجازى

    • زائر 1 | 11:21 م

      المفصولين والموقوفين

      يا ترى الم يسأل نفسهم الذين لم ينفذو اوامر الملك بأرجاع المفصولين والموقوفين الى اعمالهم من أين يوفر المفصولين والموقوفين حاجات ابنائهم للعام الدراسي الجديد لم يسأل المسؤلون انفسهم من أين يوفر المفصول حاجيات رمضان وملابس العيد الم يسألو انفسهم من أين يدفع المفصول اجار شقته وقسط منزله وسيارته الم يعلمو أن المفصولين عليهم قروض ولديهم عوائل يصرفون عليها ياترا لماذا التخاذل في تنفيذ التوجيهات الملكيه اين التسامح؟ هل ينتظر المسؤلون ردة فعل من المفصولين؟ يجب حل هذا الملف بتنفيذ التوجيهات الملكية

اقرأ ايضاً