العدد 3353 - الجمعة 11 نوفمبر 2011م الموافق 15 ذي الحجة 1432هـ

تحالف المجتمع المدني من أجل المياه

مجموعة كتاب من المنظمات الدولية comments [at] alwasatnews.com

.

دينير هامو - صموئيل باريتو - إليانا سالمازوا 

يدرك خبراء التسويق المحترفون قدر المزايا التي تجنيها الشركات من وراء الاستثمار في أنشطة المحافظة على الطبيعة والاستخدام المستدام للموارد. فنرى الشركات تسعى لربط نفسها بالقضايا التي تحظى بتعاطف العملاء، وذلك كأداة لزيادة التعريف بعلاماتها التجارية وتحسين سمعتها في الأسواق والمجتمع عامة.

وتذهب بعض الشركات أبعد من ذلك من خلال إدماج هذا النوع من الأنشطة التسويقية كجزء لا يتجزأ من رؤيتها واستراتيجيتها للاستثمار في أنشطة ربما تساعد علي تحقيق المحافظة الفعالة علي الموارد الطبيعية.

ففي البرازيل، كما في العالم بأسره، تعتبر المياه قضية رئيسية على جدول الأعمال البيئية. ومن ثم، فمن السهل نظرياً تبرير تصنيف المياه كمورد طبيعي حيوي، لا يمكن العيش بدونه الآن أو في المستقبل.

وعلى الرغم من ذلك، فلاتزال الأنهار تعاني من التلوث من جراء انعدام مرافق الصرف الصحي السليم وعدم معالجة مياه الصرف، فيما يستمر استنفاذ المياه الجوفية وتلويثها بمعدلات تفوق التصور.

كما يجري القضاء على المياه السطحية في استخدامات الصناعة والري بل وتلويثها بالمبيدات الكيميائية والمخلفات غير العضوية، فيما يستمر استغلال مصايد الأسماك الجائر، بحيث أصبحت بعض الأنواع الرئيسية من الأسماك مهددة بالانقراض.

يضاف إلى كل هذا وذاك، استمرار عمليات استنزاف الأراضي الرطبة والأنهار وغيرها من النظم الإيكولوجية التي تنظم المياه، بل وتدميرها وتحييدها عن مجاريها الطبيعية. أما النظم الإيكولوجية التي «تنتج» المياه فهي تتدهور بدورها وبمعدلات سريعة.

فأدت كل هذه العوامل مجتمعة إلى نقص المياه، ما تسبب بدوره في إشعال الصراعات بين مستخدميها. وهذا هو بالضبط السيناريو الذي يتحتم تجنبه، لكل ما يترتب عليه من أضرار اجتماعية وبيئية واقتصادية يستحال قياسها. وانطلاقاً من إدراكنا التام لكون المياه قضية متعددة الأوجه ذات أبعاد هائلة، فقد أصبحنا بحاجة لإحداث تغييرات على النموذج الذي يحكم مواقفنا وتصرفاتنا تجاه المياه، بغية عكس التدهور المتواصل والندرة المتزايدة التي تتفاقم أكثر فأكثر بسبب تداعيات التغيير المناخي.

ولتحقيق هذه الغاية، علينا أن نناقش مفهومنا للنفعية الحالية للمياه باعتبارها مجرد مورد للاستهلاك، وأن ننظر نظرة فاحصة على النهج التقليدي في حل «مشاكل المياه» من خلال تنفيذ المشاريع الهندسية.

نحن بحاجة إلى تبني نهج قائم على النظام الإيكولوجي لإدارة الموارد المائية، يكون من شأنه وضع قيمة عالية الأنهار وأحواض الأنهار والأراضي الرطبة نظراً لأهميتها في العمليات الإيكولوجية وضمان سلامة بيئتها كعامل حاسم في الاستخدامات المتعددة للمياه.

وعلى الرغم من أن البرازيل هي واحدة من أغنى دول العالم من حيث احتياطيات المياه وأنها تأوي بالفعل 14 في المئة من كافة مياه كوكب الأرض العذبة المتاحة، وتحتضن أكبر منطقة رطبة دائمة في العالم (بانتانال)، فتواجه أكبر منطقة للغابات المغمورة (الأمازون) بثرواتها الحيوانية والنباتية الهائلة أخطار سوء استخدام المياه وتلوثها، ما هدد هذه الموارد وجزء كبير من المجتمع الذي يعاني بالفعل من آثار الجفاف والفيضانات والأمراض التي تنقلها المياه.

ومن ناحية أخرى، اعتمدت البرازيل في العام 1997 حزمة من أحدث التشريعات في العالم لتنظيم القضايا الخاصة بالمياه، ما تبلور إلى تحسن كبير في مجال إدارتها بعد عقد على دخولها حيز التنفيذ.

وتم إنشاء الوكالة الوطنية للمياه للإشراف على تنفيذ هذه التشريعات، إضافة إلى تعزيز مشاركة المجتمع المدني واللامركزية، وتنفيذ خطط إدارة الموارد المائية في أحواض الأنهار. وفي العام 2006 أصبحت البرازيل أول دولة في أميركا اللاتينية في مجال تنفيذ الخطة الوطنية لموارد المياه.

ومع ذلك، فثمة حاجة إلى تحقيق المزيد من التقدم علي طريق انتشال المياه وحمايتها بغية تحسين استخداماته المتعددة كوسيلة لتعزيز الاقتصاد، وكذلك وقبل كل شيء، لضمان مياه البلاد وتحقيق أمنها الغذائي، وهو ما يتطلب قيام الدول بالتشجيع على اتباع أفضل الممارسات، وتعزيز المشاركة الاجتماعية بما في ذلك كبار مستخدمي المياه مثل الشركات.

لكن ما نراه على الرغم من ذلك، هو أن الشركات في البرازيل قد لعبت دوراً صغيراً جداً في عملية إدارة الموارد المائية، وهو الأمر المثير للقلق نظراً لكونها جزءاً من الحل في مساعي تحقيق الاستدامة.

وفي ظل هذه الخلفية تبرز شراكتنا مع شركة AmBev التي تعتبر واحدة من أكبر مستخدمي المياه في البرازيل، بل واحدة من أكبر مستخدمي المياه في العالم إذا نظرنا إلى المجموعة التي تنتمي إليها ككل.

وفي هذا الصدد، تمثل جهودها لتحسين وزيادة مسئولياتها الاجتماعية والبيئية أساساً لشراكتها مع الصندوق العالمي للطبيعة- البرازيل من خلال «حركة سيان».

ويكمن الجانب المبتكر في هذا المجال أنها، بدلاً من انتظار قيام الحكومات بتحمل المسئولية عبء تنظيم وإدارة موارد المياه، فإن شراكتنا تأخذ تلقائياً على عاتقها نصيبها من المسئولية المشتركة.

فعلى الشركة احترام المقتضيات القانونية المتعلقة باستخدام المياه في أنشطتها. كما اقترح الصندوق العالمي للطبيعة- البرازيل في نطاق هذه الشراكة، أن تذهب الشركة أبعد من ذلك وتدعم مشاركة المجتمع المدني وإشراكه في أنشطة رعاية المياه وتعزيز آليات إدارة الموارد المائية في منطقة حوض نهر كورومبا.

هذه المنطقة تقع في مناطق السافانا في سيرادو البرازيلية، التي تعد واحدة من أكثر النظم الإيكولوجية المهددة على الأرض. فبالإضافة إلى تنوعها البيولوجي الغني، توفر سيرادو خدمات بيئية مهمة مثل إنتاج المياه لتزويد الأهالي باحتياجاتهم منها.

ويهدف هذا المشروع ليس فقط لتعزيز أنشطة بناء القدرات لتأهيل المجتمع المدني، بل وأيضاً دعم الآليات ذات الصلة بلجنة حوض نهر باوانوا، وذلك بغية تعزيز الحكم الرشيد للمياه في المنطقة. فالحكم الرشيد للمياه هو واحد من أفضل الطرق لتحفيز الاستخدام المستدام للمياه.

وهذا وقد أضيفت للمشروع مهمة احتساب البصمة المائية في سلسلة إنتاج الشركة، بالتعاون مع معهد البحوث المحلية، علماً بأن AmBev هي أول منتج للمشروبات في أميركا اللاتينية ينضم إلى شبكة البصمة المائية.

فمن شأن عملية احتساب البصمة المائية أن تمكن القيام بتحديد تدابير أكثر فعالية لتحسين استخدام المياه ليس فقط في مصانع AmBev ولكن أيضاً في كل سلسلة الإنتاج.

هذا وفي وسع مثل هذه المبادرات أن تساهم فعلياً في توسيع أداء نظام الإنتاج في مجموعة AmBev، وفي تحقيق نتائج مهمة في مجال الحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزيز إدارة الموارد المياه الصالحة للشرب. كل هذه الإجراءات لها آثارها الكبيرة وتتخذ بعداً يتجاوز مسئولية الشركات، فهي شراكة مشرّبة بالمواطنة

العدد 3353 - الجمعة 11 نوفمبر 2011م الموافق 15 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً