العدد 3353 - الجمعة 11 نوفمبر 2011م الموافق 15 ذي الحجة 1432هـ

أتعهد بألا أتناول حلويات

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

دخل مكتبه في الصباح الباكر فرحاً ببشارة مولوده الأول والذي أسماه محمد تباركاً باسم الرسول المصطفي محمد (ص). وبدأت عبارات التبريكات تنهال عليه من كل حدب وصوب فهو موظف بشوش ومحبوب من زملائه في العمل ولم تؤثر الأحداث المؤسفة على علاقته بزملائه. إلا أن زملاءه استغربوا من عدم توزيع زميلهم صاحب المولود لأي نوع من الحلويات على زملائه وهم يعلمون أنها عادة عربية بل وإسلامية متبعة منذ زمن بعيد وقد مارسوها لعقود من الزمن على هذه الأرض وفي كل بلاد المسلمين.

وبحياء واضح رد عليهم: ورب العزة ليس بخلاً مني ولا عدم تقدير لكم، لكن الحلويات صودرت مني عند البوابة وأنا في طريقي للدخول إليكم بسبب أنها مواد يمنع تداولها بين الموظفين. فهز بعض زملائه رؤوسهم بالفهم، والبعض سكت وانسحب نحو مكتبه، أما أحدهم فقال: هل أصبح جلب الحلويات في المناسبات المفرحة جريمة؟

هل سيكون السيناريو القادم في المكاتب الحكومية بهذا الشكل أو أقل أو أكثر وقعاً؟ فقد تخوف الناس مما أوردته الصحافة حديثاً أن بعض الكوادر الصحية التي أرجعت إلى العمل بعد فترة توقيف دامت ستة أشهر تم إلزامهم - كما قالوا - بتوقيع تعهد يتضمن التعامل بمهنية مع زملاء العمل وهذا شيء طيب وإيجابي... وألا يتم التطاول عليهم بالقول أو الإشارة... وهذا مطلب ملح في هذه الفترة ونتمنى أن يتعهد به الجميع مع الجميع، رؤساء ومرؤوسين ومن كل الأطياف، أليس القانون فوق الجميع وللجميع؟ فهل معنى هذا التعهد أن من لم يوقعه من بقية موظفي الدولة يحق لهم عدم احترام العمل والتطاول على زملائهم بالإشارة وبالغمز واللمز، وعدم احترام مهنية التعامل مع الآخرين؟ وإذا كان الجواب بأن الجميع بالطبع مطالبون باحترام قدسية العمل، فلماذا يوقع على التعهد فقط العائدون إلى أعمالهم وهم قلة حتى الآن؟ الأمر محير فعلاً في هذا الزمن!

لكن ما لفت نظر معظم الذين قرأوا هذا التعهد من داخل الكادر الطبي أو من أطياف المجتمع البحريني وغير البحريني داخل وخارج البحرين؛ هو الفقرة الأخيرة في التعهد المذكور والتي يتعهد فيها الموقع أدناه بالعودة إلى العمل أن يلتزم بعدم إقامة أي احتفالات أو توزيع الحلويات في موقع العمل طبعاً وليس في حياته العامة. ولربما إقامة احتفالات هو عنوان كبير في موقع حكومي لا تتم عادة إلا بموافقة المسئولين سواء كان الأمر قبل الأزمة أم حالياً، ولا أحد يمكنه التطاول على مثل هذا الأمر. لكن ما يثير الاستغراب هو التعهد بعدم توزيع الحلويات، مع أن التعهد لم يوضح أين يمنع التوزيع في مواقع العمل أم في الغرف أم في الممرات أم خارج المبني أم في المقاصف أو (الكافيتريات). لكن يبدو أنه من الآن وصاعداً احذر أيها الموظف أن تُعلم زملاءك في العمل داخل غرف رسمية بمولود لك أو بخطوبة أو بزواج أو بيوم العيد الوطني أو بنجاحك في الشهادات العليا أو بشراء سيارة جديدة، أو بأية مناسبة مفرحة في حياتك، أو تسأل لماذا؟ لأنهم سيطالبونك بالحلاوة ويتهمونك بالبخل لأنك تخبرهم من باب رفع العتب فقط ولم توزع عليهم لا حلويات ولا هم يفرحون! وعندما ستقول لهم إنك وقعت على تعهد بألا توزع أي حلويات. سيستغربون من تبريرك ولن يصدقوه؟ وإذا أخرجت لهم التعهد المطبوع في ورقة رسمية فماذا سيقولون؟ عندها لكل حادث حديث.

لو تمعنون التفكير قليلاً في هذا الأمر من دون أي تشنج أو أعصاب نافرة مستنفرة ستجدونه غريباً حقاً، ولا يعلم من كتبه ومن وقعه كيف سيتم تطبيقه؟ ولماذا كُتب أساساً؟ وما أسباب ذلك؟ ولماذا صارت الحلويات وهي ألذ أنواع الطعام رفاهية وغنجاً ودلالاً محرمة دولياً، أقصد محلياً من التداول بين الناس في مكاتبهم. بالتأكيد لا أحد يرضى بأن يترك الموظف عمله ويطيح في تناول الحلويات طوال الدوام الرسمي فهذا ضد نظام الحمية الدولي ومضر بالصحة، ليس الوزارة طبعاً، لكن هل إذا وُجدت قطعة «شيكولا» مثلاً في مكتبك وأخرجتها لتتناولها مع إفطارك وشاهدك زميلك في العمل فشاركته فيها ستتم محاسبتك ومحاكمتك؟ ثم ما هي أنواع الحلويات التي يحرم تداولها في غرف العمل أو «الكافيتريا» الخاصة بالعمل؟ وما هي أحجام تلك الحلويات؟ وهل يدخل ضمن تلك الأنواع الحلويات السائلة (كاستارد+ كريم كارميل+ جلي) أم الحلويات الصلبة فقط مثل (الملبس+ البرميت+ الحلو حلقوم من الجلاتين وغيره+ السمسمية). فالأمر يحتاج إلى مذكرة تفسيرية أو ملحق توضيحي لا غير. وبالله المستعان على ما تصفون

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 3353 - الجمعة 11 نوفمبر 2011م الموافق 15 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • الفاروق | 6:44 ص

      والله حرام

      اتمنى ان تكتب عن المفصولين من المدرسين و الاطباء و الموضفين الذين فصلوا عن اعمالهم بدون سبب . تهمتهم هى فقط الامتناع عن العمل لمدة 30 يوم فقط . هل هذا سبب كاف للفصل من العمل , رسالة انذار كانت كافية

    • زائر 5 | 5:38 ص

      مقال رائع

      مقال رائع وفي الصميم .. اتمنى يادكتور ان تكتب عن الأكاديميين الفصولين لا لشيء سواء دفاعهم عن طلبة الجامعة خلال الاحداث الأخيرة

    • زائر 4 | 4:43 ص

      شر البلية ما...

      نعم شر البلية ما يضحك---وشكر خاص للكاتب المبدع دائماُ في ضربه على الأوتار الحساسة المضحكة فعلاُ!!!!!.

    • زائر 2 | 11:13 م

      المكارثية

      فتش في العقول المريضة بعدوى المكارثية..تعرف السبب.

    • زائر 1 | 10:37 م

      صباح العسل

      ارجو ان تصبيحتي عليك ماتسويلك سالفة لان فيها عسل. اضحك مداد العمر على مايقوله النواقصُ ، فلزام الضحك موجودُ اذا وجد فقهاء النواقصُ ، وشر البلية حلاوة في العمل.

اقرأ ايضاً