العدد 3368 - السبت 26 نوفمبر 2011م الموافق 30 ذي الحجة 1432هـ

على أسوار بغداد... النفوذ التركي مقابل قوة الإيرانيين

حمزة عليان comments [at] alwasatnews.com

.

الأتراك يتوسعون في العراق وحجم المصالح يزداد سنة بعد أخرى، ومثلما دخلوا إلى منطقة آسيا الوسطى يدخلون إلى العراق من بوابة الاقتصاد والاستثمار...

اليوم نسمع عن شكاوى العراقيين من هيمنة البنوك التركية في إقليم كردستان بعد افتتاح أربعة فروع لها خلال السنتين الماضيتين، هذا الإقليم الذي ينشط فيه أكثر من 300 شركة تركية تعمل في قطاع الإعمار والمقاولات.

من زاخو إلى الفاو، ستجد الأعلام التركية ترفرف فوق مشاريع جديدة أو مدن جديدة حتى تخال نفسك تعيش في إقليم تركي، هذا المشهد ليس من باب المبالغات بل هو حقيقة قائمة فالزائر إلى أربيل على سبيل المثال يلحظ بسهولة مدى تواجد الأتراك وانتشارهم في منطقة حساسة جداً، فمن الصعب أن تعبر أحد الأحياء إلا ويقابلك علم تركي منتصباً في بيئة غير متسامحة أبداً مع تاريخ المواجهات والنزاعات والتوغلات العسكرية داخل الحدود العراقية، إذ تنفذ مئات الشركات مشاريع تنموية هناك كما أنها تقوم بتوفير احتياجات الإقليم من المواد الضرورية، وهذا المشهد يتكرر في مدن مثل النجف والبصرة.

علاقة أنقرة ببغداد صارت تشبه «علاقة الأظفر باللحم» كما وصفها وزير الخارجية داوود أوغلو بعد إحدى زياراته المكوكية.

نفوذ الأتراك على المستوى السياسي والاقتصادي ينظر إليه على أنه يوازي النفوذ الإيراني وإن اتخذ الأتراك لتواجدهم أوجها ذات أبعاد اقتصادية بالمقام الأول يليها البعد السياسي والأمني والمرتبط بالمشكلة الكردية وتوابعها المخيفة على الداخل.

تركيا شريك أساسي وقوي في العراق، بدءاً من تطوير حقول النفط، مروراً بمشاريع زراعية ومائية وانتهاء بالمقاولات والكهرباء، عدا ما يصدره العراق من نفط عبر خط كركوك - جيهان والذي ينقل النفط الخام من الشمال بطاقة تبلغ نحو 450 ألف برميل يومياً، إضافة إلى بيع الكهرباء التركية للعراق والتي تصل إلى 1200 ميغاوات وهي العملية التي بدأت منذ العام 2003 لمواجهة نقص المحروقات بعد الحرب وبما يعادل 1.5 مليار دولار سنوياً .

تركيا لاعب أساسي وضالع في الشأن العراقي منذ حرب تحرير الكويت العام 1991 وإن تبدلت أشكال العلاقات، لكنها دخلت في مسار أصحاب النفوذ على الساحة العراقية التي باتت مفتوحة مع اللاعبين الكبار، الجيران منهم كإيران وتركيا على وجه الخصوص.

استطاعت أنقرة إلى حد كبير احتواء القلق الكردي القادم من كردستان، فالعلاقة اليوم وصلت إلى مرحلة لعب دور الوسيط بين حزب العمال الكردستاني والحكومة المركزية في أنقرة، بعدما أصبح مسعود البرزاني صاحب الحظوة والثقة في هذا المضمار، وعندما يخاطب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان رئيس إقليم كردستان العراق، فإنه يعي تماماً أن وراءه 12 مليون كردي يعيشون في بلاده ولذلك بقيت مسألة الانفصال الكردي عن الحكومة المركزية في بغداد هاجسا دائما للأتراك.

صحيح أن التركمان أقلية لكنهم اليوم دخلوا في لعبة الاستقواء بالخارج وخاصة أن مشكلة كركوك لاتزال معلقة، بانتظار التفاهم فيها مع الأتراك.

خبراء الشأن التركي من الباحثين الأوروبيين يعتقدون بأن بعض الخطوط الحمراء التركية سقطت على أسوار بغداد وخاصة الموضوع الكردي الذي وضع في ثلاجة محكمة الإغلاق فلا خوف عليها أو منها، طالما لم تصل إلى مرحلة الاستقلال الكامل عن العاصمة المركزية بغداد .

قد لا يكون هناك نفوذ تركي مباشر على التركمان أو أي طائفة من طوائف العراق كما هو الحال مع إيران، لكنها استعاضت عن هذا النهج بتعزيز الوجهة الاقتصادية بكون تركيا بوابة العراق المباشرة إلى الأسواق الأوروبية.

الحاجة لدور تركي في العراق باتت اليوم أكثر أهمية من ذي قبل مع الانسحاب الأميركي منه كقوة مكافئة في مواجهة إيران، عودة إلى الجوهر في العملية التركية والقائمة على الدور الاقتصادي من خلال رصد أبرز المؤشرات والأرقام التي تتكلم لغة واحدة هي لغة المال والأعمال وهي:

- أكثر من 20 ألف تركي يعملون في قطاع المقاولات في العراق وهناك ما يزيد على 600 تأشيرة لعراقيين يعبرون تركيا صباح كل يوم.

- تشغل السوق العراقية المركز الثالث في حركة التجارة التركية وربع صادراتها النفطية تمر عبر خط أنابيب كركوك - جيهان الذي ينتهي على ساحل تركيا المطل على البحر المتوسط.

- حجم التبادل التجاري بين محافظة البصرة وتركيا وصل إلى 13 مليار دولار أميركي العام 2011 وإن لم تصدق المعلومة أو تشكك في صدقية الرقم يمكنك سؤال القنصل التركي هناك فاروق قايمشكي الذي صرح لوكالة كردستان للأنباء يوم 2 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بذلك، إضافة إلى دخول 15 تاجراً عراقياً يومياً من البصرة إلى تركيا.

- استحوذت الشركات التركية على حصة الأسد من بين الشركات المتقدمة لبناء مشروع المليون وحدة سكنية في العام 2011.

- تقوم شركات البناء التركية بتشييد مدينة جديدة في بغداد، بكلفة 11 مليار و285 مليون دولار تتضمن إعادة إعمار مدينة الصدر وستهيئ فرص عمل لنحو 7 آلاف عامل تركي قام نحو 30 مهندساً معمارياً تركياً بتصميمها.

- تعد الشركات التركية الأكثر تواجداً في العراق حيث وصل عددها العام 2010 إلى 270 شركة معظمها متخصص ببناء المجمعات السكنية وتوفير الطاقة الكهربائية، تليها من حيث العدد الشركات الفرنسية

إقرأ أيضا لـ "حمزة عليان "

العدد 3368 - السبت 26 نوفمبر 2011م الموافق 30 ذي الحجة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 11:38 م

      يدخلون الاتراك ولا يدخلون الايرانين

      الاتراك اهدافهم اقتصاديه وتتمحور في البناء والتعمر والبنوك - اما الايرانين فأهدافهم نشر الخراب والدمار والمخدرات في العراق

    • زائر 1 | 11:45 م

      معلومات جديدة

      المعادين للجمهورية الايرانية يقولون تدخل ايراني في العراق وهذه المعلومات قلبت المعادلات .

اقرأ ايضاً