العدد 339 - الأحد 10 أغسطس 2003م الموافق 11 جمادى الآخرة 1424هـ

اغتراب الفكر

عبدالله الملا abdulla.almulla [at] alwasatnews.com

كثيرا ما نسمع في الندوات والمحاضرات أن العرب مهدوا الطريق أمام الحضارة الغربية، وكم وكم قرأنا بأن كتب المفكرين العرب شكلت الأساس للتقدم الذي تشهده الدول المتقدمة، ولكن ألم يأن الآوان لنقول سئمنا من هذه المقولات التي يسعى قائلوها إلى تبرير الوضع المرير الذي نعيش فيه؟ وكلما أثيرت هذه المسألة عللنا حالنا الذي لا نحسد عليه بأننا كنا أسياد العالم في يوم من الأيام! ولكن ما فات قد فات، ومن مات ليس بآت. وكفانا نبشا في محاسن الماضي...

وقد يقفز للذهن تساؤل محير: لماذا اختفى المفكرون العرب سواء على الصعيد العالمي أو الأصعدة المحلية؟ ولماذا لا نسمع إلا بعباقرة الغرب ومخترعيه، وكأن العبقرية أصبحت صفة ملازمة للغرب. والأدهى والأمر أننا جبلنا على احترام الغربيين أكثر من أنفسنا، فما أن نرى أجنبيا يمشي في الطريق حتى نشير إليه بالبنان وننظر إليه باستغراب وكأنه ألبس هيبة العلماء ولو كان أغبى البشر، ولكن بشرته البيضاء، ولكنته وطريقة تحريك فكيه وحتى مشيته ولباسه يجبر البعض منا على اعتباره عبقريا.

لقد التصق مفهوم العبقرية والنبوغ بالغرب، وفي الجانب الآخر حملنا صفات أخرى قد لا يرغب بعضنا في سماعها، ولكن من يتوق لمعرفتها فعليه الرجوع لكتاب هتلر في تصنيف الشعوب فسيجد أين نقع بالضبط، وما وظيفتنا في الحياة، صحيح أنها وظيفة ضرورية ومهمة لاستمرار الحياة على البسيطة، فنقل الناس من مكان لآخر وحمل حاجياتهم والأسفار أمر لا غنى عنه، وهذه النظرة لم تتغير في العالم الغربي وكاذب من يقول بعكس ذلك.

وفي هذا الصراع المحتدم يجد الفكر التائه مطبة أخرى تزيد «الطين بلة»، فالسلطوية المعشعشة على كراسي العرب ترى في ولادة المفكرين خطرا يهدد مواقعها، فما أن تشم أنوف البلاط رائحة شائعة عن نبوغ شخص ما حتى تهافتوا عليه وأذاقوه ما أذاقوه، فإما أن يفقد جلده أو.

وهكذا، يظل الفكر العربي مغتربا وهو في وطنه، تائها وهو على الأرض التي احتضنته، يظل مختبئا في ظلام مطبق، ينتظر أن يزول نعيق الغربان، ولكن قد يطول الانتظار

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"

العدد 339 - الأحد 10 أغسطس 2003م الموافق 11 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً