العدد 3420 - الثلثاء 17 يناير 2012م الموافق 23 صفر 1433هـ

المصالحة الوطنية والاستهداف الطائفي

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

لا أعرف كيف سيوقع أعضاء مجلس النواب على وثيقة المصالحة الوطنية التي دشنها مجلس الشورى أخيرا، وفيهم من يستهدف الناس لدوافع طائفية ناصعة لا يمكن دحضها أو تفنيدها.

فها هم النواب ذاتهم الذين استهدفوا وزير الطاقة عبدالحسين ميرزا في فترة الأحداث التي مرت بها البحرين، وحاولوا استغلال ملف شركة «بابكو» كحجة من أجل جمع أكبر عدد من الأصوات لحجب الثقة عنه، وهم يسعون حالياً لاستهداف وزير الأشغال عصام خلف، بعد أن رفضت الحكومة إقالة ميرزا من منصبه.

ولا يمكن نسيان الزيارة الميمونة التي قامت بها لجنة التحقيق البرلمانية في مخالفات «بابكو» إلى مقر الشركة، وما رافقها من التهديد والوعيد بالكشف عن «التجاوزات» في التوظيف والتدريب و«التستر» على بعض الموظفين وعدم فصلهم بحجة مشاركتهم في مسيرة أو اعتصام أو تخلفهم عن الحضور إلى العمل نتيجة الأوضاع الأمنية أو مشاركتهم في الإضراب.

هكذا كانوا كفرق تفتيش تسعى إلى البحث في أسماء الموظفين للتأكد من أنهم ليسوا أغلبية من طائفة محددة، ومن ثم الانقضاض على الوزير والرئيس التنفيذي بذريعة التمييز في التوظيف والفساد الإداري.

وأيضاً سعوا وراء وزير العمل جميل حميدان، من خلال تتبع القرارات والإجراءات التي اتخذها الرئيس التنفيذي السابق لهيئة تنظيم سوق العمل علي رضي، بناءً على الهوية لا على أساس السلوك الإداري الخاطئ.

لسنا أبداً أمام تكريس واقع أساسه تغليب كفة طائفة على حساب أخرى بعيداً عن معايير الكفاءة والخبرة والمؤهل الأكاديمي، فكل مواطن يتمتع بهذه المواصفات من حقه الحصول على الوظيفة أينما كانت وفي أي موقع على أرض البحرين، وليس لأحد أن يعامله وفقاً لتوجهات سياسية أو أيديولوجية أو اثنية، بل انطلاقاً من كونه مواطناً يتمتع بكامل حقوقه المنصوص عليها في الدستور.

ولكن للأسف لدينا نواب لا يعجبهم هذا الهوى الوطني الصرف، فهم منشغلون بالبحث عن زلات وزراء بعينهم للتصيد وتحيُّن الفرص ومن ثم التحرك لدحرهم من مقاعدهم، تمهيداً للدفع بتعيين وإحلال آخرين يتوافقون معهم في كل شيء بدءاً من العقيدة والملة وانتهاءً بنمط التفكير والتوجه السياسي.

هكذا نواب لا يمكن التعويل عليهم لتبني القضايا المصيرية التي تمس المواطن في معيشته وتخفيف الأعباء الملقاة على عاتقه، فهم موصومون بهوس تلميع صورتهم وحشد جماهيرهم، واللعب بعواطف الناس، وتجييشهم لخوض صراعات طائفية إلكترونياً من خلال المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم الانتقال إلى الالتحام المباشر في الشارع.

هذا فضلاً عن العريضة التي وقعوا عليها وباركوا فيها قطع أرزاق الناس، ملوحين باستخدام كل الأدوات البرلمانية المتاحة في حال فكرت الحكومة في إرجاع المفصولين إلى أعمالهم، فيما كانوا يجهزون عريضة للمطالبة بالمزيد من الامتيازات لأنفسهم ورفع مكافآتهم الشهرية.

يلاحقون الناخبين من أجل كسب ودهم والظفر بأصواتهم، وحين يصلون إلى مقاعدهم الوثيرة يقطعون أرزاقهم ويجوعون أبناءهم ويهللون لبقائهم بلا ملبس ولا مأوى يقيهم من حر أو برد، فقط لأنهم طالبوا بحقوقهم بالوسائل السلمية المتاحة.

النائب يمثل الشعب بكل مكوناته، وحين ينحاز إلى محيطه الاجتماعي في نطاق دائرته الانتخابية أو المنطقة التي يقيم فيها، فإنه لا يستحق أن يمثل كل هذه الجموع الغفيرة، ولا يحق له تحت أي مسوغ أن يعبر عنهم أو يتحدث باسمهم أو يدافع عن مصالحهم، بل حري به أن يسمى بالنائب المناطقي لا النائب الشعبي.

شعب البحرين بكل أطيافه، يضج بالهموم والشجون التي تقض مضجعه وتسلب من عينه النوم وتحرمه من الانطلاق إلى فضاءات أرحب وأوسع بعيداً عن مثلث القلق والأسى والخوف من المجهول، فمتى سيتكرم النواب بنزع العدسات المعتمة، وينظرون إلى الشعب بعين الود والرحمة والرأفة بحاله، فيتحدون لمناقشة وطرح الملفات المصيرية المهمة التي توفر الأموال المهدورة للأجيال القادمة، فها هو تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية للعام 2010 يأخذ طريقاً أشبه بالتقارير السابقة المهملة التي طفت على السطح وتركت في الأدراج.

نحتاج إلى صحوة ضمير ومحاسبة للذات من النواب على كل الأخطاء التي وقعت منهم، ومن ثم عليهم أن يحاسبوا الآخرين، فالإصلاح يبدأ من الفرد ذاته ومن ثم يمكنه التوجه لنصح غيره وحثهم على تصويب مسارهم، مع تأكيدنا التام بأننا لا نقبل أبداً بتجاوزات أيٍّ كان لمنصب عمله، وضرورة أن يخضع الجميع للمحاسبة ولكن من دون أن يكون القصد من وراء ذلك استهداف طائفي قائم على دوافع مسبقة.

في السنوات الماضية كان يعاب على مجلس النواب التناحر بين الكتل الإسلامية، واتُخذ ذلك ذريعة لتعطل الكثير من المقترحات برغبة والمشروعات بقوانين التي تهم المواطنين، والآن بعد أن هدأت هذه الحرب ما هي الحجة؟ فالناتج كما هو لايزال ضعيفاً مع انجرار البعض خلف الملفات الطائفية، ما يعني أن البلد يسير في طريق معتم

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3420 - الثلثاء 17 يناير 2012م الموافق 23 صفر 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 7:00 ص

      انت مثال

      لو من تصفهم بالطائفية لحاربوك انت في شخصك و لاكن لم يجدُ عليك دليل لذلك لم يحاربوك اما من ذكرتهم باقوالهم و افعالهم وجدُ الدليل الذي يدينهم

    • زائر 17 | 4:01 ص

      وحده وحده وطنيه

      النائب يمثل الشعب بكل مكوناته، وحين ينحاز إلى محيطه الاجتماعي في نطاق دائرته الانتخابية أو المنطقة التي يقيم فيها، فإنه لا يستحق أن يمثل كل هذه الجموع الغفيرة،
      يا نواب
      لا تخلون الاجانب يشمتون عليناااااااااااااا
      وتزيدون النار حطب وخلو شعاركم لا سنيه ولا شيعيه وحده وحده وطنيه

    • زائر 16 | 4:00 ص

      وحده وحده وطنيه

      النائب يمثل الشعب بكل مكوناته، وحين ينحاز إلى محيطه الاجتماعي في نطاق دائرته الانتخابية أو المنطقة التي يقيم فيها، فإنه لا يستحق أن يمثل كل هذه الجموع الغفيرة،
      يا نواب
      لا تخلون الاجانب يشمتون عليناااااااااااااا
      وتزيدون النار حطب وخلو شعاركم لا سنيه ولا شيعيه وحده وحده وطنيه

    • زائر 15 | 3:47 ص

      الله يشهد

      الي يظلم الناس بالارض
      الله راح يحاسبه
      ( والناس بتدعي عليه ) والي يفعل الخير للكل الناس بتدعي له بالخير والله راح يوفقه وبيكسب اجر
      انجرار البعض خلف الملفات الطائفية، ما يعني أن البلد يسير في طريق معتم

      (لازم يكون الحل من كبار رجال الدين) ودينا يمنع التمييز

    • زائر 14 | 3:42 ص

      صدقت

      نحتاج يعترف الي يمثلونا بخطائهم ومحاسبة للذات اخوكم شيعي

    • زائر 13 | 3:06 ص

      الله يهديهم ويصلحهم للطريق الصحيح

      البحرين ارض الجميع من مئات السنين عاشو فيها سنة وشيعة بجوار بعض
      وديننا الاسلامي يحثتنا على التقارب والتكاتف
      والذين يريدون الفتنه والفرقه بين المجتمع هم يحاربون الله سبحانه لانهم عصو امره.
      وان الله لا يحب القوم الظالمين

    • زائر 12 | 2:25 ص

      صادق

      صادق اخوي في كل كلمة كتبتها والشمس ما تغطي بمنخل والامور واضحه وضوح الشمس،بس في ناس يحبون يلبسون نضارت سودا عشان ما يبون يشوفون الحقيقه و بلاصح عاجبنهم الوضع ولا يتغنون ويرقصون علي جراحه!!!!!! 

    • زائر 10 | 1:28 ص

      انتم تتكلمون عن المصالحة وهناك اناس تطالب بعكس ذلك

      عندما أقرأ بعض التغريدات ومسجات القذف والسب والشتم والمطالبة بقتلنا وتهجيرنا والانتقام منا استغرب
      هل هؤلاء البشر الذين يطالبون بذلك هم ينتمون فعلا لشعب البحرين الذي عرفه العالم منذ القدم بالنبل والقيم التسامحية والطيبة
      هل فعلا هؤلاء هم من اهل البحرين وعاشوا معنا على الحلوة والمرّة
      نحن لا نريد إقصاء احد ولكن هذه الصفات وهذه الاخلاق
      ليست أخلاقنا عاش اجدادنا قرون وعشنا عقود كنا مثل السمن على العس ولكن هؤلاء ليسوا منا ولسنا منهم انهم دخلاء عليها باخلاقهم التي ليس فها الا الانتفام والقذف وو

    • زائر 7 | 12:49 ص

      يا امة ضحكت من جهلها الامم

      يا استاذ في اشخاص اذا ارادو ان يرتفعوا ركبوا على ظهور الناس .. دائما نذكر انفسنا بان دوام الحال من المحال .. و مثل ماضقت لابد ان تفرج و الله المستعان

    • زائر 2 | 11:40 م

      صدقت

      نحتاج إلى صحوة ضمير ومحاسبة للذات من النواب على كل الأخطاء التي وقعت
      صدقت والله
      اخوكم من اهل السنه

اقرأ ايضاً