العدد 3438 - السبت 04 فبراير 2012م الموافق 12 ربيع الاول 1433هـ

«الإعداد التربوي على حقوق الإنسان»... دراسة وممارسة يومية

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

منذ إنشاء إدارة التدريب في وزارة التربية والتعليم بمرسوم أميري رقـم (1) لسنة 1983 صادر بتاريخ 3 مارس/ آذار 1983، ضمن إعادة تنظيم إدارات الوزارة، وهذه الإدارة تقع على عاتقها مسئولية تنفيذ سياسة الوزارة التدريبية المرتبطة بتطوير الكفايات التربوية والمهنية للهيئتين التعليمية والفنية بالوزارة.

بدأ برنامج إعداد المعلم وتأهيله وتدريبه في البحرين منذ العام 1948 بافتتاح القسم المسائي الخاص للمعلمين وقسم الدراسات التكميلية الابتدائية والثانوية المسائية، وانتهى هذا النوع من التدريب في العام 1963ـ 1964م بافتتاح المعهد العالي للمعلمين العام 1966، والمعهد العالي للمعلمات العام 1967م.

إعداد العناصر البشرية المدربة على ثقافة حقوق الإنسان وممارستها أمر ضروري، ومهما بلغ المستوى العلمي والثقافي والمهني للمعلم، فهو بحاجة إلى الاطلاع على أحدث المفاهيم والممارسات ذات الصلة بثقافة التربية على حقوق الإنسان.

وإذا أردنا أن نعرّف الإعداد التربوي على حقوق الإنسان، فهو «مجموعة من العمليات التي يكتسب الفرد من خلالها المعارف والقيم والمفاهيم والاتجاهات وأنماط السلوك المتنوعة ذات الصلة بمبادئ حقوق الإنسان، والتي تتم عبر وسائط تربوية واجتماعية متعددة، منها المؤسسة التعليمية والجامعة والأسرة ودور العبادة والأندية الاجتماعية والثقافية والمراكز الشبابية والأحزاب السياسية والاتحادات النسائية والنقابات العمالية ووسائل الإعلام وسائر مؤسسات التنشئة الاجتماعية، سواءً بطريقة مقصودة أو غير مقصودة، لتوجيه سلوك الفرد بغية إصلاحه وإصلاح المجتمع الذي يعيش فيه».

التعريف السابق يوضِّح لنا أن عملية الإعداد التربوي على حقوق الإنسان موجهة أساساً إلى الإنسان وبالإنسان، وتتم في إطار المدارس والمجتمع من خلال مؤسساته المتنوعة، بقصد إحداث تغيير في سلوك الإنسان، وعليه فإننا نرى أن تبادر إدارة التدريب في وزارة التربية والتعليم بوضع البرامج التي تصب في هذا الاتجاه.

صحيح أن الوزارة تصرف الأموال وتبذل الجهود في سبيل إعداد المناهج الدراسية وتوفير الوسائل التعليمية والأبنية المدرسية وغير ذلك، ولكن من الأهمية بمكان النظر إلى متطلبات المعلمين وحقوقهم المادية والمعنوية، وتأهيلهم للثقافة الحقوقية، التي لا نريدها أن تكون فقط على مستوى الحضور والمشاركة في الدورات والورش التدريبية هنا وهناك ولمدة أيام أو أسابيع، وإنما بتشجيعهم للحصول على الشهادات العلمية العليا، وذلك تنفيذاً لسياسة الوزارة التدريبية فيما يتعلق بالتمهين والتنمية المهنية المستدامة ومشاركة المعلم تخطيطاً وتنفيذاً.

إن إعداد المعلم وتأهيله على حقوق الإنسان يقوم على الأبعاد الأربعة كسائر برامج إعداد المعلمين: الإعداد التخصصي والإعداد المهني والإعداد الثقافي والإعداد التدريبي.

نعني بالإعداد التخصصي، إعداد المعلم ليكون ملماً بشكل واسع على كافة المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

والإعداد المهني للمعلم يكون من خلال صقل شخصيته، وتزويده بالمفاهيم والمعلومات الرئيسية في مجال علم النفس التربوي كمرحلة الطفولة والمراهقة ومراعاة الفروق الفردية ونظريات التعلم بشكل عام؛ ليكون قادراً على أداء مهمته ورسالته التربوية والتعليمية في توجيه وإرشاد الطلبة، والتأثير الإيجابي في الطلبة، وفقاً لاحتياجاتهم وقدراتهم المختلفة.

إعداد المعلم مهنياً على ثقافة حقوق الإنسان يكون على مستويين، الأول قبل الخدمة: وهو الإعداد في مؤسسات متخصصة لإعداد المعلم، ككلية المعلمين وكليات التربية والمراكز المتخصصة في التربية على حقوق الإنسان.

أما الإعداد الآخر للمعلم فيكون أثناء الخدمة: ويتم في إحدى المؤسسات المتخصصة في إعداد المعلمين من جهة تزويدهم بالمعلومات والمهارات وأفضل الممارسات العالمية في التربية على حقوق الإنسان، من خلال المشاركة في الندوات والمؤتمرات الدولية والبرامج التخصصية في تنمية الوعي بثقافة حقوق الإنسان.

وهناك الإعداد الثقافي، بأن يكون المعلم مثقفاً ثقافة حقوقية، بحيث يكون قادراً على حسن الاختيار من بين العناصر الثقافية المتنوعة (المحلية والعالمية) ليوظفها بصورة تتلاءم مع الظروف الموضوعية والمجتمعية القائمة.

أما الإعداد التدريبي للمعلم فيتمثل في إخضاعه للتدريب المستمر، ورفع مستواه التحصيلي ومهاراته وقدراته نظرياً وعملياً على مبادئ حقوق الإنسان؛ ليكون قادراً على تأدية مهنته بحرفية عالية، فالإعداد التدريبي من شأنه أن يساهم في تطوير المعلم لنفسه أولاً، ومن ثم تحسين أدائه في مهنته.

بات مهماً الحديث عن الإعداد التربوي على حقوق الإنسان في فضاءاتنا التعليمية؛ لارتباطه بعدد من المسارات البيداغوجية ذات العلاقة بالأسرة والمجتمع، أو من خلال الأنظمة التعليمية الرسمية، أو من دور الحضانة ورياض الأطفال، أو بدءاً من المدرسة حيث التعليم الأساسي، مروراً بالمرحلة الإعدادية والثانوية وانتهاء بالمرحلة الجامعية، علاوةً على ذلك فإن التربية على حقوق الإنسان إنما تتم بصورة منظمة ومباشرة من خلال مقررات خاصة بذلك، أو بصورة غير مباشرة في مقررات أخرى كالعلوم الاجتماعية والإنسانية أو أخلاقيات بعض المهن، والفئة المستهدفة من هذه التربية هي شريحة واسعة من المتعلمين الصغار والناشئة والشباب، فالممارسات اليومية مع المعلمين والإدارة والمجتمع الطلابي، كل ذلك يساهم في جعل مبادئ حقوق الإنسان مادة للدراسة والممارسة اليومية في آن واحد.

لم يعد مستساغاً النظر إلى الإعداد التربوي على حقوق الإنسان بوصفه مسألة تخص المعلمين والمعلمات فقط، وإنما تمتد لتشمل جميع المعنيين بالعملية التربوية والتعليمية، من هيئات إدارية وموجهين واختصاصيين ومديرين وقيادات تربوية ومسئولين كبار على مستوى الوزارة، بل وحتى الدولة.

تبقى الإرادة الإنسانية فوق كل شيء، وهي التحدي الأكبر في طريق الإعداد التربوي على حقوق الإنسان؛ لأن النافذة التعليمية هي التي تفتح عيون المتعلمين على إرادة الحرية وإرادة العدل وإرادة المساواة وعدم التمييز تحت أي عنوان من العناوين؛ لأن الإعداد التربوي هو الضمانة الكفيلة لرفض القهر والاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان.

إن ممارسة حقوق الإنسان تحتاج إلى رؤية بعيدة المدى وعلى مستوى الجماهير، ولن يكون من الممكن تقنين حقوق الإنسان في الوطن العربي ـ كما يرى محمد السيد سعيد في كتابه «تأملات حول التعليم والتمكين» ـ إلا إذا صارت هذه الحقوق جزءاً، بل الجزء الأهم من ثقافة المجتمع في نشر ثقافة حقوق الإنسان كطريق لتحقيق الوعي بها

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3438 - السبت 04 فبراير 2012م الموافق 12 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً