العدد 3438 - السبت 04 فبراير 2012م الموافق 12 ربيع الاول 1433هـ

غاندي أول مؤيدي «تجريم التمييز»

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هل يعلم أعضاء مجلسي الشورى والبرلمان أن من المفارقات التاريخية العجيبة، أن المهاتما غاندي بدأ حركته النضالية من جنوب إفريقيا العنصرية... وليس من الهند المستعمرة البريطانية؟

غاندي بدأ حياته محامياً فاشلاً، وفي أول قضيةٍ تولاها «غاص قلبه في حذائه» كما يقول، وشعر بالمحكمة تدور، وكان عاجزاً أن يرى شيئاً. وتنازل عن القضية التي لم تكن تحتاج لأكثر من يومٍ واحد، لمحامٍ آخر، وأرجع الأتعاب (30 روبية) لموكله، وقرّر مع نفسه ألا يتولى قضيةً بعدها إلا إذا وافته الشجاعة، فما الذي أعطاه كل تلك الشجاعة ليهزم الامبراطورية البريطانية في عزّ جبروتها بابتداعه أسلوب اللاعنف ودون إراقة دماء؟

كان في ضائقته المالية، يذهب للمحكمة في بومباي مشياً لمدة 45 دقيقة يومياً، طوال ستة أشهر، توفيراً لبعض المال. وتقدّم للعمل مدرّساً للغة الانجليزية ليسدّ رمقه فرُفض طلبه. وأخيراً عرض عليه تاجرٌ هنديٌ مسلمٌ أن يتولى الدفاع عن شركته في جنوب إفريقيا، فوجدها فرصةً لكسب الرزق، فهاجر مثل آلاف المهاجرين الهنود.

كان سفره الأول إلى ناتال 1893، وكان المفترض أن ينهي القضية ويعود خلال عام، إلا أن ما شاهده من تمييزٍ وإهانةٍ وتحقيرٍ لمواطنيه هناك قلب حياته، ودفعه إلى طريق النضال.

في أول رحلةٍ له بالقطار إلى ديربان للمرافعة، نُقل إلى عربة البضائع، رغم حجزه تذكرةً بالدرجة الأولى، وحين جادل الشرطي سحبه وألقى به مع أمتعته إلى الخارج. وفي عربةٍ أخرى رفض الجلوس على الأرض، فانقض عليه رجلٌ أبيض وسدد له لكماتٍ قويةً على أذنيه. كانت الإهانات اليومية مألوفة للهنود، فإذا سلموا من رجال السكة الحديدية لم يسلموا من المسافرين البيض. هذا الأمر دفعه للتفكير: هل أعود للهند أم أمضي إلى بريتوريا متغاضياً عن الإهانات؟ ويقول: «ما لاقيته من بلاء ما هو إلا عرضٌ من أعراض داء عميق: داء التعصب العرقي». كانت جنوب إفريقيا مصابةً بالتمييز العنصري القائم على لون البشرة، وحين نقرأ ذلك الآن نكاد لا نصدّق، خصوصاً أنه قام على قوانين ومجالس شبه منتخبة، وقضاة ومحامين!

في الترانسفال و»أورانج الحرة» كان الهنود محرومين من كل حقوقهم، بموجب قانون سُنّ عام 1888، حيث يمنعهم من التملك والانتخاب، فضلاً عن السير في ممرات المشاة العامة، والخروج من منازلهم بعد التاسعة ليلاً. وهناك أسّس جمعيةً للدفاع عن الحقوق.

بعد 3 سنواتٍ عاد غاندي إلى الهند لتنوير الرأي العام بما يلاقيه مواطنوهم في جنوب إفريقيا، والتحق بحزب المؤتمر الهندي، الذي كان بوابته الواسعة للسياسة الهندية.

أكتب ذلك وفي بالي أربعون نائباً «منتخباً» في البرلمان، ومثلهم أربعون «معيناً» في الشورى، أجمعوا الأسبوع الماضي على إسقاط مشروع قانون يجرّم التمييز، كان سيمثل نقطة مضيئة في تاريخ البحرين. ألم يكن ممكناً أن يخرج من بينهم غاندي واحد معترضاً ليسجّل اسمه في سجل الخلود؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3438 - السبت 04 فبراير 2012م الموافق 12 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 18 | 3:09 م

      عاش المعاناة .. فخرج أكثر قوة وتواق للحرية

      نعم لما لا نتعلم من هاؤلاء المهماتا غاندي قائد كبير استطاع اخراج المبراطورية البريطانية من ارضه ومثله السجين والمعذب محرر جنوب افريقيا نيلسون مانديلا. نعم ياسيد نحن تعلمنا كل تلك التجارب القاسية والمؤلمة عبر تاريخ بلدنا الدامي على طريق الحرية والكرامة والمطالبة بالحقوق ونحن نستلهم الدروس والعبر من تاريخ العظماء ولو كانوا على غير ملتنا لأن سنن التاريخ وأحدة لا تتغير لها الأسباب التي نسعى حثيثاً لطلبها لنيل حقوقنا كاملة غير منقوصة، الطريق طويل والأمل بالله أن يعم الخير وطننا الحبيب وشعبنا الطيب.

    • زائر 17 | 7:30 ص

      المصلي

      مالم يسن هذا القانون صدقوني فأن البحرين لم ولن تتقدم خطوة واحدة وسيظل الوضع السياسي محتقن يصاحبه فلتان امني قد لاتحمد عقباه على المدى البعيد فكروا ايها النواب يامن تمثلون الشعب فكروا قليلا في هذا الوطن الجريح والغالي على قلوبنا فلا تضيع هذه الفرصة على ايديكم فتكونوا لعنة وسبة للأجيال اعيدوا وجهة نظركم مرة اخرى فالوطن يتسع للجميع ولا تبنى الأوطان الا على اسس سليمة وصحيحة بدون تمييز اواقصاء لأحد من مكونات الشعب انظروا بعين بصيرة الى البلدان المتقدمة وكيف انها تقدمت هل تقدمت بتكريس الطائفية البغيضه

    • زائر 16 | 6:51 ص

      نواب الكشخه

      اكثرهم لايملك قراره بيده والاخرين يركضون وراء مصالحهم الدنيويه ونسو الشعب المحتاج الى وقفاتهم كما وقف الشعب واوصلهم لكراسيهم وقانون تجريم التمييز قانون اقره ربنا جل جلاله ورسولنا الاكرم ولا يحتاج الى اقراره من مجلس لا يملك قرار نفسه فنحن مسلمون ولا نفرق كما تفرق الحكومات الحاليه

    • زائر 15 | 5:37 ص

      حقيقة النواب

      كل إناء بما فيه ينضح.............. نعم لقد عبر النواب عن حقيقتهم انهم مثل أعلى في التمييز والطائفية والمصلحة وقس على ذلك وهذا ما أكدوه من خلال رفضهم لهذا القانون فعلى البحرين السلام اذ بليت بهكذا نواب وشوريين

    • زائر 14 | 4:35 ص

      برلمان مُحنط!!!

      فاقد الشيء لا يعطيه!! ما يُسموا بالنواب هم إما عبدٌ مطيع لمن جاء به في هذا البرلمان المُحنط أو أهبلٌ خاوي لا يدري أين حُشِر!!! فكلا الإثنين لا يمتلكوا من أمرهم رُشدا... أما أن يقفوا ضد قانون محاربة التمييز فهذا أمراً نُكرا ويجب محاكمتهم عليه.

    • زائر 13 | 4:26 ص

      ممثلين لانفسهم

      النواب فاهمين التمييز غير والشعب فاهمينه غير وعلى هذا الاساس الشعب كل الشعب يرى بجرم التمييز والنواب الافاضل عكس ذلك لانهم اصلا غير ممثلين للشعب

    • زائر 11 | 3:26 ص

      ابو غائب

      يا سيدنا اذن في خرابة. لو ظليت تكتب عن هؤلاء الى ابد الآبدبن لما استحوا .أي نوع من البشر هؤلاء؟

    • زائر 10 | 2:12 ص

      مطلوب إفهام الناس

      ليش يا نواب اسقطتوا مشروع قانون الذي يجرّم التمييز؟؟ وين العلاقات العامة التابعة لمجلس النواب توضح للناس لماذا تم الاسقاط؟!!!!

    • زائر 8 | 1:08 ص

      قير صحيح

      حتى تكون الصورة واضحه اقترح عليك يا سيدنا ان توجه سؤال الى النواب قد يكونون على حق لما امتنعوا عن التصويت ويجب ان نسمع رآيهم حتى نحكم ويمكن صوتوا لكن الكمبيوتر مال المجلس اثناء التصويت قام يخربط بدل موافق صارت غير موافق

    • زائر 6 | 1:00 ص

      GOD BLESS

      GOD BLESS YOU .. THER ARE NON MUSLIM THANKSFOR THIS PERFECT ARTICLE

    • زائر 4 | 11:38 م

      الرسول الأكرم ودين الاسلام السمح قبل غاندي

      من صوت على عدم تجريم التمييز إنما صوت ضد الرسول الاكرم وضد دين الإسلام من حيث يدري أو لا يدري.
      فعندما جاء الاسلام وقف بلال الحبشي في صف سادة قريش متساويا معهم في الصلاة وفي كل الواجبات والاستحقاقات واصبح سلمان الفارس محمديا بحكم اسلامه.
      وقد مارس الرسول الاكرم عدم التمييز على نفسه بحيث اذا دخل احد الاجانب المسجد لا يكاد يعرف من هو نبي الامة لشدة ما هو مختلط مع ابسط المسلمين.
      لذلك جماعة من صوت ضد القانون انما قالو لنبيهم كلا
      لمبادئك التي جئت بها ونحن نعمل ضدك بكل صراحة ولا خجل ولا خوف

    • زائر 3 | 11:12 م

      سجلوا أسمائهم

      في تاريخ العبيد,,

اقرأ ايضاً