العدد 3442 - الأربعاء 08 فبراير 2012م الموافق 16 ربيع الاول 1433هـ

شركاء في الوطن

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

نترقب القادم بقلق، ها هو عام على بدء المطالب يقترب، شئنا أم أبينا، لابد من طرح الأمر لنفتح أفق الحلول، وبذات الوقت الذي يحاصرنا الحاضر نعيد قراءة الماضي باهتمام، ولا نجد عبر قراءة تاريخ الأزمات السابقة إلا كونها اختلافات وخلافات سياسية.

واهمٌ من يظن أن المطالب في البحرين ارتبطت يوماً بطائفة بذاتها، هناك اختلافات في شكل الدولة وإدارتها، وهناك اختلافات حول توزيع الثروة، واستشراء الفساد، وهيمنة المتنفذين على الأراضي التي هي ملك عام. وهناك غضبٌ لغياب التعيين وفق الكفاءة، وتوزيعها وفق المحسوبيات. هذه حقائق لا ننكرها، كانت موجودةً وستبقى ما لم نتحول بإرادة عامة إلى دولة مدنية متحضرة، لا تقسم شعبها وفق الطائفة أو المذهب أو المنطقة، بل وفق المواطنة والكفاءة والأولوية.

خرجت الحركة المطلبية الأخيرة من عمق الوجع البحريني، من شباب يفتقد الحلم موقعه من حياتهم؛ من فرص يتنافسون عليها بشق الأنفس ولا يحصل عليها ذو كفاءة إلا ما ندر؛ من فقر مدقع لأسر متعففة تعيش على الفتات؛ من منازل تضيق بساكنيها فيما يعيش آخرون في رفاهية وبذخ. يضيق المواطن بقروض تبدأ وتنتهي عندها حياته، وبحور اختفت لصالح فئة محدودة، فيما الشعب يُحرم حتى من اللجوء لشاطئ يرمي عنده حزنه وألمه. ويُدان الشعب اليوم حين يطرح مطالبه وحلمه بدولة مدنية وحرية حقيقية.

يطالب الناس بدولة المواطنة الحقة، التي لا تفرق بين الشعب، ويتساوى أمامها أفراد الشعب، ويبدأ وينتهي عندها الشعب. المواطنة التي تحفظ حق المواطن في أمنه ورزقه وفرصه المتساوية. المواطنة التي يؤصلها العمل والنقد الجاد، لا سياسات التجاهل و «كلنا بخير».

لسنا بخير. هناك ملفات كثيرة فتحت عليها النار دفعةً واحدة، وهناك مطالب جوبهت بعنف غير مسبوق، وانتهاكات لا حصر لها، أسفرت عن هوة سحيقة في الواقع. وهناك من لعب على أوتار الطائفية البغيضة، لمصالح شخصية أو فئوية، الوطن هو شيء يعلو على كل الأشخاص، ويحتضن كل المواطنين. هو أن نجتمع بالتساوي في الوجود والأهمية، ما مُورس من استهداف لفئة بعينها على مدى عام، هو أمر خطير. خطيرٌ على أمننا واستقرارنا ووجودنا ومستقبلنا، وهو استهداف لا يخرج من عمق المواطنة بل من غيابها.

لنؤسس لدولة المواطنة، وهذا الأمر لا يحتمل التأخير، ولا يجدي الحل الأمني الذي جرب سابقاً. ومن خرج ليطالب بالحقوق صُدم بحجم الكراهية التي وجهت له، وهو لا يستطيع اليوم التراجع لأن في ذلك تدميراً لحاضره ولمستقبل أجياله، وخياره الأوحد أن يستمر في المطالبة بديمقراطية حقيقية. ولابد من العودة للحلول السلمية لأنها أبقى وقعاً، مع ضرورة إخماد أبواق الكراهية التي تفشت بجرة قلم، فقد شوّهت ما يكفي من وجه الوطن.

الناس في هذا البلد بسطاء وليسوا بحاجة إلى كل هذه الكراهية. لقد جُبلوا على الحب والطيبة والتسامح، وقدرنا العيش المشترك. كلنا شركاء في الوطن، وليس لأحد منا القدرة على محو الآخر أو تهميشه. لسنا معنيين بمن يثير الصراع بين المذاهب، لكننا معنيون بدولة المواطنة. من أجل هذا الوطن كونوا معنا شركاء لا أضداداً في الوطن

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3442 - الأربعاء 08 فبراير 2012م الموافق 16 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 7 | 3:56 ص

      درسة ابناءى والنهاية هم جالسون في البيت

      اختي العزيزة انا درست ابناءي على نفقتي الخاصة في جامعات لها وزنها ومعترف بها من اجل خدمة الوطن والمواطنين ولكن مع الاسف بعد التخرج و بعد دفع اكثير من 60 الف دينار اليوم هم جالسين بالبيت بدون عمل .. هل هذا هو نصيب ابناء الوطن دراسة وشقاء وتعب وبالنهاية المكان المناسب لهم هو البيت .. انا درستهم من اجل مساعدتي ومساعدة انفسهم .. الله كريم والله نحن شعب نحس في بلدي غرباء .. تسالني بنتي ما هي الجريمة التي عملنها من اجل ان نحاسب او نعاقب بهذه الطريقة ...!!!

    • زائر 6 | 3:39 ص

      كلامك من ذهب

      ولا كن ما دخل العمائم في قيادة حراك يطالب في بلد ديمقراطي وهو فكريا" وحركيا" دكتتوريا" بكل معاني الدكتتورية في الحية البسيطة

    • زائر 5 | 3:11 ص

      صباح الاشراق

      سلمت يداك يابنت الاجاويد وسلم قلمك الحر

    • زائر 4 | 1:58 ص

      من أشد انواع الظلم

      مما لايمكن استيعابه ان يظلم المرء في وطنه , والظالم له شريكه في الوطن .

      كيف يقبل الظالم بالظلم وهو يعلم علم اليقين بانه لا خيار له سوى العيش مع من ظلمه ولا يمكنه ابعاده واقصائه ؟؟؟

      فاليكن العقل والحب والخير مرشدنا

    • زائر 3 | 1:17 ص

      سنوات من التراكم أدى الى هذا الانفجار

      كان البعض يظن انه عندما يحذر احد المثقفين والكتاب من خطورة الوضع وتراكم الاحباط أنه هؤلاء الكتاب والمثقفين يبالغون ويهولون لذلك لم تستمع الدولة الى كلامهم بل على العكس كانت الدولة تسير عكس اتجاه النصائح التي تخرج من افواه هؤلاء مستهينة بهم
      وبما يقولون. وهاهو الفأس قد وقع في الرأس وحصل المحذور والذي كان الجميع يحذر منه ويناشد الجهات الرسمية بالنظر اليه ولكن لا فائدة ولا طائل من الكلام
      فالسلطة لا زالت تتعامل مع الوضع بنفس الاسلوب
      ولا تستمع لآراء العقلاء والمخلصين

    • زائر 2 | 11:44 م

      البوري

      شكرا ع هذا المقال الحلو والرائع علي الواطن

    • زائر 1 | 11:29 م

      شمس المنامه صباح الورد

      مشكله الوطن كل يوم تتعقد ازيد مشكله الوطن مو في مواطنيه الاصليين سنه وشيعه مشكله الوطن في المواطن المستورد حديثا و بكل وقاحه يقول للسني قبل الشيعي اطلع عن بيتك با نزله والاحبه في قلالي والبسيتين وعسكر والبديع يعانون اكثر من غيرهم.. هم الوطن يشيله المواطن سني وشيعي وخير الوطن للاجنبي الله يعين.....ديهي حر

اقرأ ايضاً