العدد 3443 - الخميس 09 فبراير 2012م الموافق 17 ربيع الاول 1433هـ

المأجور لا يخلق فناً ومن يتلقى الأوامر لا يبدع

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نقول لكل من يتهم الحراك الشعبي في البحرين بالعمالة وتنفيذ أجندات خارجية مدفوعة الثمن، إن المأجور لا يخلق فناً، وإن من يتلقى الأوامر لا يبدع، وإن من يباع ويشترى لا يمكن له أن يسمو بمشاعره ليستحوذ على مشاعر الآخرين.

في الشهور الماضية انطلقت إبداعات العديد من أبناء البحرين من شعراء ورسامين وموسيقيين ومنشدين وإعلاميين حتى فاق إنتاجهم الفني أضعاف ما كانوا يقدمونه عادةً في سنوات، ليس من ناحية الكم فقط ولكن حتى من ناحية الجودة، فدائماً ما تكون المآسي دافعاً للإبداع والتألق كما تشهد بذلك تواريخ الشعوب والأمم.

لقد ظهرت خلال هذه الفترة العديد من الأناشيد الوطنية والقصائد الشعرية واللوحات الفنية وحتى رسوم الكاريكاتير التي تحكي وتؤرخ ما حدث بشكل فني راق، لتبقى إرثاً يتغنى به الناس وتحفظه الأجيال المقبلة.

في زمن قانون «أمن الدولة»، كان الفن والأدب الوطني الصادق محاربين، فلن تجد في مكتبات البحرين دواوين سعيد العويناتي أو مظفر النواب أو حتى روايات مكسيم غوركي، كما لن تجد في محلات التسجيلات الصوتية أمسيات محمود درويش أو أغاني مارسيل خليفة.

بل أن أياً من هذه الدواوين أو الأشرطة كان يمكن أن تكون مستمسكاً يفضي بصاحبه إلى السجن لمدة ثلاث سنوات دون محاكمة، ولذلك كان يتم تبادل الكتب والأشرطة في الخفاء بين الأصدقاء، وتُدفن في الأرض أو تُحرق، في حالة المداهمات الأمنية للنشطاء السياسيين.

لقد عرف الرقيب في تلك الأيام سحر الكلمة وتأثير الفن على الناس، ولذلك قام بمنع الكتب من الدخول إلى البحرين، لكن هذا الرقيب لا يستطيع الآن في زمن الفضاء المفتوح والانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي الواسعة النطاق، أن يراقب ويمنع ويجيز على هواه.

لكل فترةٍ من تاريخ الشعوب طعمها الخاص، الذي ينعكس بصورةٍ أو بأخرى على نتاجها الفني والأدبي، فإن كانت فترة رخاء وسلام، كان الفن مشرقاً وزاهياً، وإن كانت فترة ألم وحرمان أصبح حزيناً وصارخاً ومتمرداً.

كما أن لكل شعب من شعوب العالم تاريخه الخاص، بما في ذلك من أفراح وأحزان، وعمل وكفاح من أجل التنمية والعدالة الاجتماعية والعدل والحرية والمساواة.

هذا التاريخ يظهر من خلال إبداعات أبنائه المخلصين الذين يحملون هموم وطنهم وآلام مواطنيهم، ويعبّرون بصدقٍ عن آمال شعوبهم وتطلعاتهم.

ولذلك يكفي أن نقول إن أكبر دليل على وطنية أبناء البحرين وأحقية مطالبهم... هو هذه القدرة الكبيرة على إسماع صوتهم للعالم في هذا الطبق الجميل من الإبداع

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 3443 - الخميس 09 فبراير 2012م الموافق 17 ربيع الاول 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:31 ص

      وإن من يتلقى الأوامر لا يبدع،

      عجيبة هذه الجملة

    • زائر 4 | 1:29 ص

      يا أخ جميل شاءت قدرت الله للعالم ان يتطور ومن يقف ضد عجلة التطوير

      من يقف ضد عجلة التطوير فإن يقف ضد ارادة الله في الكون وسوف يجد نفسه عاجلا أم آجلا خارج السرب
      وخارج التاريخ. عجلة التطور حكمة الخالق في خلقه
      فمنذ أن بدأ الله الخلق هو في تطور دائم، يحاول البعض
      ان يعطل او يوقف هذا التطور ولكنه ما إن يلبث حتى يجد نفسه ينعق من غير سامع له.
      ما تطالب به الشعوب الآن هو ان تكون شريكة في صنع مستقبلها وهذا أمر طبيعي جدا فعقل الجماعة بالتأكيد أفضل من فكر الشخص المتفرد هكذا تعلمنا
      وتعلم العالم لذلك الدول تقدمت دول وتأخرت أخرى

    • زائر 2 | 10:48 م

      تحية..

      تحية وسىلام الى الكاتب المبدع لتصوره بأن الفن وإبداعاته لا يأتى من ترف أو فراغ وإنما من حاجة وإالهام وصبر وعذابات المتشوقين الى العدالة والكرامة والمساواة بين الجميع!!!!!.
      أبوجعفر

اقرأ ايضاً