العدد 3459 - السبت 25 فبراير 2012م الموافق 03 ربيع الثاني 1433هـ

تعايش البحرينيين مع الأجانب... سمة دامغة

أحمد الصفار comments [at] alwasatnews.com

-

في العام 2007 حوكم طباخ آسيوي في المحاكم البحرينية، بتهمة قتل مواطنة بحرينية من قرية سار، إذ تشير تفاصيل القضية إلى أنه أقدم على قتل المجني عليها بعدة طعنات وجّهها لها في أنحاء مختلفة من جسمها بـ «كسّار» كوب كانت تحمله القتيلة، ولما حاولت الاستنجاد والاستغاثة عن طريق نافذة غرفتها، سحبها من شعرها ومنعها من توصيل نداءاتها إلى الخارج، ومن ثم غسل يديه من الدماء وفرّ هارباً إلى العاصمة (المنامة) ومن ثم إلى جزيرة سترة.

هذه القضية هزت المجتمع البحريني، وأحزنت كل عائلة علمت بهذه القصة، وانتهى مصير القاتل بالحكم عليه بالإعدام. وتلتها حادثة أخرى وقعت بسوق واقف في العام 2008، حين لقي مواطن بحريني يبلغ من العمر 38 عاماً مصرعه، بعد أن طعنه آسيوي (بنغالي الجنسية) بواسطة آلة قطع الحديد (غراندر) في رقبته، وذلك بعد خلاف نشب بين الطرفين بشأن مبلغ مالي، وعند محاولة البحريني الخروج من المحل اعتدى عليه الآسيوي الذي فرّ بعد الحادثة.

وهاتان الحادثتان ليستا الوحيدتين اللتين حصلتا في البحرين، فقبلهما وبعدهما حوادث لا يسع ذكرها ولا الاسترسال في تفاصيلها، ولكنها جميعاً لم تزرع الحقد والكراهية في نفوس أبناء هذا الوطن ضد الجالية الوافدة من الدول الآسيوية، فالطيبة وحسن الخلق والبشاشة في وجه الضيوف، هي سمات ملتصقة بالبحرينيين ومعروفة ليس على مستوى الخليج وحسب، وإنما في جميع دول العالم.

ولاتزال الكثير من المدن والقرى البحرينية، تحتضن مساكن العمال الأجانب، حتى أن المجالس البلدية أخذت على عاتقها الدفع باتجاه مشروع ينظم سكن العزاب بين الأحياء السكنية، لما لوجودها من خطر على السلم الاجتماعي، ولاختلاف وتباين سلوكيات وعادات هذه الدول، وتقاطعها مع أعراف وطبائع المجتمع المحلي.

بعد أحداث فبراير/ شباط ومارس/ آذار وحتى هذه اللحظة، تتكرر وتتعدد الروايات التي تتحدث عن الاعتداء على العمال الآسيويين، كل واحدة منها تختلف عن الأخرى، يضاف عليها استغلال حوادث فردية هنا وهناك لإسقاطها على مناطق محددة، واتهام أهاليها باستهداف هذه الطبقة من العمال.

ولكن بموازاة ذلك لم نلحظ نزوح للعمال من هذه المناطق إلى مواقع أخرى يعتقدون أنها أكثر أماناً، بل على العكس يمارسون حياتهم اليومية بشكل طبيعي واعتيادي، ومنهم من يزاول مهنته في محلات الحلاقة والخياطة وكي الملابس والمخابز الشعبية وغسيل السيارات وبيع المستلزمات البسيطة في البرادات، وسط قرى تشهد أحداثاً أمنية بصورة شبه يومية، ولم يتعرض أي من هؤلاء لأي مكروه.

وبالتالي فإن استمرار مثل هذه الحملة لا يفهم منه إلا الرغبة في تشويه صورة المواطن البحريني الذي جبل على التعايش مع مختلف الأعراق والأديان منذ عقود طويلة، وعلى مقربة من المساجد هناك كنائس ومعابد للهندوس، يمارسون فيها طقوسهم وعباداتهم من دون قيد أو شرط، والعاصمة المنامة، خير برهان على وجود هذه الحالة من الاختلاط والتجانس الاجتماعي القائم على المبادئ الإنسانية لا التقسيم الإثني والعرقي أو التمييز الطائفي.

والتركيز في هذه المرحلة على إعطاء انطباع عام بأن الآسيويين يتعرضون لاعتداءات مستمرة بصورة شبه يومية في القرى والطرقات العامة، يبعث برسائل غير إيجابية إلى سفارات الدول التي ينتمي إليها هؤلاء، وقد يدفعها ذلك إلى التشدد في جلب العمالة للبحرين، وفرض قيود وإجراءات معقدة سيكون لها أثر سلبي على قطاعات حيوية مهمة، فإن لم يكن الآن فعلى المدى البعيد، فكثير من المصانع والشركات والمؤسسات، تعتمد بشكل أساسي في تسيير شئونها على العمال الأجانب.

تتعدد الجرائم التي يرتكبها الوافدون إلى الخليج من الدول الآسيوية، ولكن ذلك لا يعني الإمعان في التعميم المطلق، وفرض حظر على إحدى الدول لتسبب أحد موطنيها في مقتل مواطن من الدولة المستضيفة له، ففي مثل هذا التصرف انعدام للحكمة والاتزان في التعاطي مع المشكلات بعين العقل لا بمنظور العاطفة والأهواء.

أي عامل يتعرض لإيذاء أو تعرض لسلامته الشخصية، فإن هناك جهات أمنية معنية باتخاذ إجراءاتها المعتادة في مثل هذه الحالات، وهي الإجراءات ذاتها التي تتخذها في حال تعرض مواطن لاعتداء من قبل أي طرف كان، وبالتالي نحن بحاجة إلى التأني وعدم الانجرار مع الانفعال وتصوير البحرين على أنها ساحة حرب ضحيتها الطبقة العاملة من الأجانب، بل إعطاء كل قضية حقها من الاهتمام بعيداً عن التهويل والتضخيم

إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"

العدد 3459 - السبت 25 فبراير 2012م الموافق 03 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:54 م

      محاولة البعض بالصاق بعض التهم بالمجتمع البحريني

      المجتمع البحريني يعرفه العالم بالمجتمع الطيب المسالم
      ولكن البعض يحاول تخريب كل شيء في هذا البلد حتى سمعة اهل الطيبة
      هذه المحاولات سوف ترد على صاحبها بالسوء عليه هو اولا وعلى البلد ككل من يحاول العبث باخلاقيا اهل البحرين فسوف ترتد عليه نتائج عمله

اقرأ ايضاً