العدد 3483 - الثلثاء 20 مارس 2012م الموافق 27 ربيع الثاني 1433هـ

ممارسة العنصرية يعزز خطر اندلاع صراع حقيقي

نافي بيلاي comments [at] alwasatnews.com

مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

إنّ العلاقة بين العنصرية والصراع هي علاقة عميقة ومتجذّرة. فقد أظهرت عدّة دراسات أن احد أولى مؤشرات العنف المحتمل هو التجاهل المستمر لحقوق الأقليات، وأشار استطلاع من قبل إحدى المنظمات الدولية غير الحكومية الى أن أكثر من 55 في المئة من الصراعات العنيفة بين عامي 2007 و2009 هي نتيجة انتهاك حقوق الأقليات أو التوترات بين الطوائف.

رأينا خلال العام الماضي أمثلة كثيرة وفظيعة من العنف العرقي ضمن النزاعات في العديد من البلدان حول العالم. فخلال زيارتي لغواتيمالا الأسبوع الماضي، رأيت بنفسي النتائج المأساوية والمزمنة للممارسات العنصرية ضد السكان الأصليين والاشخاص المنحدرين من أصل افريقي. تعالج غواتيمالا، ومازالت، تركة 36 عاما من الصراع المسلح.

من الواضح أنّ منع نشوب مثل هذه الصراعات لهو أفضل بكثير من محاولات إخماد الحريق والشروع بإجراءات المصالحة الصعبة وإعادة البناء والعدالة فيما بعد - ناهيك عن الكلفة البشرية والاجتماعية. لكن المشكلة تكمن في تجاهل الإنذارات المبكرة في معظم الأحيان، فلا تصدر ردّات فعل من المجتمع الوطني والدولي إلا في وقت متأخّر، عندما تبدأ دلالات الصراع بالظهور.

قبل عشرين عاما، اعترف إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية، بالصلة الواضحة بين الاستقرار السياسي والاجتماعي وتعزيز وحماية حقوق الأقليات الوطنية والإثنية والدينية واللغوية. كما اعترفت الدول في «إعلان ديربان وبرنامج العمل» بأنّ العنصرية والتمييز العنصري هما من بين الأسباب الجذرية للكثير من الصراعات الداخلية والدولية. إنّ النظر في ملفات الإنذار المبكر والتقارير المقدمة من لجنة القضاء على التمييز العنصري لهو قراءة مأساوية لهذا النوع من الصراعات التي كان بالإمكان تجنّبها لو لقيت هذه التحذيرات آذانا صاغية.

في هذا اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، أدعو الدول إلى الاستجابة لأولى الإنذارات عن حالات الاضطهاد والجهل والعنصريّة وكراهية الأجانب. أدعوهم للتصدي، على وجه السرعة، إلى تهميش الأفراد المنتمين إلى مجموعات معينة واستبعادهم من عملية صنع القرار السياسي والاقتصادي. وادعو الى عملية تشاور وحوار دائم مع جميع قطاعات المجتمع، ومضاعفة الجهود لضمان ألا تكون فرص العمل، وملكيّة الأرض، والحقوق السياسية والاقتصادية حكراً على لون، أو عرق، أو خلفية قومية أو عنصرية، وألا تقوم مشاريع التنمية باستبعاد مجتمع معين.

ليست هذه واجبات جديدة على الحكومات، بل انها لطالما كانت جزءا من التزامات حقوق الإنسان العالمية التي توافقت عليها الدول.

إنّ ترك المشاكل المجتمعيّة الخطيرة الناتجة عن التعصب والعنصرية تغلي على نار هادئة يخلق خطرا حقيقيا من اندلاع صراعات متفجرة في وقت لاحق قد تستمر لسنوات أو لعقود. إنّ استمرار العنصرية والتحامل على الآخرين هو الذي يخلق الخطاب المسئول عن تنمية النزاعات واستمراريتها - سواء في العالم المتقدم أو النامي. دعونا ألا ننتظر حتى تتحوّل الشكاوى إلى عنف أو يتحوّل التمييز إلى إبادة جماعية قبل أن نتخذ الإجراءات الملائمة.

إقرأ أيضا لـ "نافي بيلاي"

العدد 3483 - الثلثاء 20 مارس 2012م الموافق 27 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:09 ص

      في بلدنا من لا زال يعيش في قرون العنصرية والطبقية

      لا زال البعض في وطننا البحرين يعيش في نفس القرون التي تفشت وانتشرت فيها العنصرية والطبقية
      ولم يؤثر عليهم التقدم الحاصل في العالم بشيء
      لذلك ارى ان للأمم المتحدة دور في الضغط على بعض الدول

اقرأ ايضاً