العدد 3484 - الأربعاء 21 مارس 2012م الموافق 28 ربيع الثاني 1433هـ

حقوق الإنسان في فلسطين

نافي بيلاي comments [at] alwasatnews.com

مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

ساعدتني زيارتي لإسرائيل وفلسطين في العام الماضي على الاطلاع والتفهم بعمق صعوبة أوضاع حقوق الإنسان التي يعاني منها الكثير من الفلسطينيّين والإسرائيليّين.

ومع ذلك، كان لأمر مشجع انفتاح ممثلي جميع الأطراف على الانخراط جدياً في العمل على إزالة تحديات حقوق الإنسان التي قمت بتحديدها.

إنّني وفريق عملي، إذ قد أخذنا روح المشاركة البناءة هذه كنقطة انطلاق لنا، كنّا نراقب عن كثب التقدّم الذي سُجّل بشأن القضايا التي أثرتها مع السلطات الإسرائيلية والفلسطينية في غزة والقدس ورام الله وتل أبيب. وقد واصلنا أيضاً الضغط من أجل مزيد من الاحترام لحقوق الإنسان واقترحت وسائل لحماية المدنيين من العنف وانعدام الأمن.

اليوم، أقدم تقريري السنوي عن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مجلس حقوق الإنسان. هذا يتيح لي فرصة لتسليط الضوء على بعض الخطوات التي لديها القدرة على جعل كلا الجانبين يعيشان جنباً الى جنب في سلام وأمن.

خلال زيارتي العام 2011، أعربت للممثلين الفلسطينيّين عن قلقي تجاه الاعتقال التعسفي وسوء معاملة الأشخاص المشمولين بولايتهم. لم يتمّ التعامل مع هذه القضايا بما فيه الكفاية حتى الآن، خصوصاً في قطاع غزة. ينبغي على القادة الفلسطينيين إعطاء تعليمات واضحة لموظّفي الأمن من أجل الامتناع عن اعتقال أشخاص دون مسوغ قانوني وينبغي عليهم أيضاً ضمان أن يتم التحقيق في جميع مزاعم سوء المعاملة ذات الصدقية على وجه السرعة وبدقة ونزاهة.

أمّا التحدي الثاني في الجانب الفلسطيني، فهو ضرورة الحفاظ على حرية الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، والتي هي من حقوق الإنسان الأساسية. هذه الحريات تعتبر أساسية في مجتمع مفتوح وديمقراطي لطالما كان يناشد به عدد كبير من الفلسطينيين لفترة طويلة. يجب على القادة الفلسطينيين بذل المزيد من الجهود لتأمين هذه الحقوق في القانون والإجراءات والممارسة، بما في ذلك للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين.

إنّ الإطلاق العشوائي لصواريخ وقذائف أخرى من غزة إلى إسرائيل غير قانوني وغير مبرر. أولئك الذين يشاركون في مثل هذه الأنشطة ليس هدفهم فقط ترويع المدنيين الإسرائيليين، لكنهم أيضاً يلعبون في أيدي أولئك الذين يرغبون في الإبقاء على الحصار. يشير التقرير الذي أرفعه اليوم إلى توقف إطلاق الصواريخ خلال فترات حساسة معينة في العام 2011. هذا دليل على أنّه لدى القادة الفلسطينيين القدرة على وقف مثل هذه الهجمات تماماً.

واجهتُ من خلال زيارتي العديد من انتهاكات حقوق الإنسان النابعة من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين. وفي ختام زيارتي شددت على أن نقل المدنيين إلى داخل الأراضي المحتلة هو غير قانوني بشكل واضح. إنّ وصف تجميد النشاطات الاستيطانية بأنه تنازل، أو شرط مسبق، لإجراء مفاوضات سلام هو تحوير للقانون وقلبه رأساً على عقب.

هناك العديد من التحديات الخطيرة لحقوق الإنسان المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بتوسيع المستوطنات. إنّ أعمال العنف المتكررة التي يشنها المستوطنون الإسرائيليون ضد الفلسطينيين هي واحدة من هذه التحديات. إنّ الحكومة الإسرائيلية ملزمة بشكل واضح عن حماية الفلسطينيين وممتلكاتهم من أعمال العنف التي يسبّبها المستوطنون الإسرائيليون. إنّ التقدّم في هذا الاتّجاه قد يكون عبر التحقيق بدقة في جميع هذه الحوادث ومحاسبة مرتكبيها. خلال زيارتي، حددت السلطات الإسرائيلية الصعوبات التي تواجهها لتحقق في العنف الذي يقوم به المستوطنون. ولكن، إن كان بإمكان إسرائيل التحقق ومساءلة المنتهكين في بعض الحالات، يمكنها القيام بذلك بانتظام. يجب أن يكون الفلسطينيون قادرين على الوصول بسهولة إلى مراكز الشرطة الإسرائيلية وتقديم الشكاوى، هذا من أجل التعامل مع عنف المستوطنين على نحو فعال.

خلال العام الماضي، أولى مكتبي اهتماماً خاصاً بحوادث الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية. ففي الضفة الغربية، قامت القوات الإسرائيلية بأنشطة إنفاذ للقانون وقد تمّ، في عدّة مناسبات، قتل المدنيين الفلسطينيين العُزَّل عند نقاط التفتيش. وفي غزة، تمّ قتل المدنيين الفلسطينيين العزل بسبب تقييد الجنود الإسرائيليين الوصول إلى مناطق معينة في البر والبحر. وكانت هذه الوفيات لا داعي لها. ويمكن تجنب مثل هذه الحوادث إذا توقّفت القوات الإسرائيلية، وفقاً للمعايير الدولية، عن اللجوء بسهولة جداً لاستخدام الذخيرة الحية عند التعامل مع المدنيين.

في العام الماضي، التقيت بالكثير من المدنيين الذين قد دمرت حياتهم من قبل الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة. إذا كان الفقر والبطالة وتدهور الرعاية الصحية والتعليم والمياه ومرافق الصرف الصحي هي أهدافه، فإنّ الحصار الذي تفرضه إسرائيل قد نجح. لكن لدى إسرائيل الموارد الكافية للتعامل مع المخاوف الأمنية المشروعة التي تنطلق من قطاع غزة دون معاقبة السكان المدنيين بشكل جماعي. إنّ الخطوات المهمة التي يمكن لإسرائيل أن تتخذها فوراً تشمل تسهيل حركة المدنيين من وإلى غزة، وضمان تسليم مواد البناء والسماح بتصدير المزيد من السلع.

إنّ حماية المدنيين من العنف وانعدام الأمن هو شكل من أشكال احترام كرامة الإنسان. وإن غاب هذا الاحترام، فعبارة «تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن» ستبقى خطاباً غير واقعي لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. إنّ اتخاذ مثل هذه الخطوات لن يؤدي إلى تحسينات فورية في أرواح المدنيين وحسب، بل سيثبت بأنّ القادة الإسرائيليين والفلسطينيين مهتمّون فعلاً في توفير السكّان بحقوق الإنسان والسلام والأمن، وهذه أمور إن لم يتمكّن الجانبان على حدّ سواء من القيام بها، فلن يتمكّن أي من الطرفين من التمتّع بها.

إقرأ أيضا لـ "نافي بيلاي"

العدد 3484 - الأربعاء 21 مارس 2012م الموافق 28 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:30 ص

      حقوق الانسان كل لا يتجزأ في فلسطين وفي غيرها

      يجب أن تكون حقوق الانسان خارجة عن منازعات الدول الكبرى وتجاذباتها وبالذات امريكا التي تتحكم في هذه الملفات ففي بلد يرفعونها وبلد آخر لا يمكن وضع الملف على الطاولة بدون رضا امريكا
      خقوق الانسان من عند الله وليس لدولة مهما بلغت
      التحكم فيها

اقرأ ايضاً